شكل قروض المحالة على انظار الجلسة العامة.وبعد المصادقة على ثلاثة قروض الأسبوع الفارط، صادقت الجلسة العامة يوم امس على 3 قروض اضافية من أجل تمويل جملة من المشاريع التنموية.
انطلقت الجلسة العامة بمناقشة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم في 7 جوان 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتمويل مشروع دعم جودة أساسيات التعليم المدرسي بقيمة 81.200.000 أورو، بنسبة فائدة 0.7 بالمائة، على مدة سداد 28 سنة منها 6 سنوات إمهال. ويهدف المشروع إلى دعم جودة أساسيات التعليم المدرسي لتحسين ظروف التعلم في المدارس الابتدائية وتطوير الالتحاق بالسنة التحضيرية بالمعتمديات ذات الأولوية التربوية، حيث ينقسم المشروع إلى جزئين أولهما تمويل المشاريع الاستثمارية بقيمة 56.9 مليون أورو أي ما يعادل 177.5 مليون دينار تونسي، أما الجزء الثاني فيعتمد على مؤشرات النتائج بقيمة 24.3 مليون أورو أي ما يعادل 75.8 مليون دينار تونسي مقابل انجاز مكونات مؤسساتية من شأنها دعم أساسيات التعليم.
تواصل الانتقادات...
النقاش العام بين نواب الشعب عرف انتقادات لاذعة خاصة من قبل نواب المعارضة الذين اعتبروا أنه لم يتم تحديد قائمات المناطق المعنية بالقرض مما يصعب عملية مراقبة صرف الأموال كالنائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العش. في حين انتقد النائب عن كتلة الجبهة الشعبية عمار عمروسية كثرة القروض دون وجود أية مراجعة، متطرقا في ذلك إلى وضعية قطاع التعليم عموما من بينها الإضرابات ومطالب الأساتذة مؤخرا.كما انتقد بعض النواب غياب وزير التربية باعتباره معنيا بمشروع القانون، وحضور وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي وحده.
في المقابل، ثمن عدد من النواب خاصة من قبل الكتل المشاركة في الحكومة مشروع القانون الذي اعتبروه سيساهم في تطوير التعليم العمومي أمام تطور التعليم الخاص، حيث قال النائب عن كتلة حركة النهضة الصحبي عتيق أنه بالرغم من أن الدين العمومي في ارتفاع شديد، لكن القرض المذكور موجه إلى قطاعات إستراتيجية تنموية كالتعليم والفلاحة في وقت يصعب توفير اعتمادات لذلك، موضحا أن دور مجلس نواب الشعب يقتصر على مراقبة كيفية صرف هذه القروض. وأضاف أن مشروع القرض يأتي في وقت ملائم في وقت تعيش فيه المؤسسات التربوية بنية تحتية متردية وقلة الإمكانيات على غرار التفاوت بين الجهات على مستوى التعليم الذي يتطلب ضرورة التدخل من خلال هذا القرض الذي سيطور التعليم العمومي في تونس.
وقال وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري في رده على تساؤلات النواب أن هناك رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الإصلاح وتكاملها، حيث أن التأهيل الشامل للمنظومة التربوية يعني ضرورة تأهيل التدريس والمربي والإطار غير المدرس والبنية الأساسية والتجهيزات. كما بين أن ميزانية وزارة التربية تأخذ نصيبا هاما من ميزانية الدولة قدر بحوالي 14 بالمائة، في شكل نفقات التصرف موجهة اغلبها إلىالأجور بنسبة حوالي 96 بالمائة، الأمر الذي يستوجب ضرورة تعبئة موارد الاستثمار من قبل التعاون الدولي، مع العلم أن موضوع التعليم لا يقتصر فقط على الإطار التربوي والبرامج، بل أيضا الجودة بالرغم من تطوير التنمية البشرية في تونس. وعلى إثر ذلك، تمت المصادقة على مشروع القرض بـرمته بــ 102 نعم 14 إحتفاظ و16 رفض.
معضلة الانتزاع من أجل المصلحة العامة
وفي الجزء الثاني من اشغال الجلسة العامة ناقش نواب الشعب مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 25 جانفي 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية لتمويل مشروع دعم الربط الطرقي بالشمال الشرقي بقيمة 122.000.000 أورو، بنسبة فائدة 0.4 بالمائة على فترة سداد قدرت بـ 19 سنة منها 7 سنوات إمهال. ويسعى المشروع إلى جانب تحسين وإعادة توزيع حركة السير بصفة متوازية على شبكة الطرقات المهيكلة بمدينة بنزرت بخلق طريق حزامية للمدينة إلى تعزيز جاذبية هذه الولاية ودعم انفتاحها على محيطها وكذلك تعزيز إدماج ولاية بنزرت في الاقتصاد الوطني من خلال ضمان تواصلها مع الاقطاب الاقتصادية الاخرى خاصة تونس الكبرى.
وثمن نواب جهة بنزرت مشروع القانون خلال النقاش العام الذي اعتبروه سيساهم في فك العزلة بين مختلف المعتمديات نتيجة الجسر المتحرك، حيث قال النائب عن الكتلة الحرة لمشروع تونس أن مشروع القانون مهم جدا بالنسبة لمتساكني ولاية بنزرت خاصة على المستوى الاقتصادي باعتباره سيساهم في تقليص المسافات سواء في الخدمات الصحة والتنقل بين مختلف المعتمديات. كما بين أن المشروع يهدف أيضا إلى تهيئة عديد الاحياء التي ستمر بها الجسور والطرقات وربطها بالتنوير والماء وتدعيم الحركية الاقتصادية بالرغم من وجود بعض الملاحظات التي قدمها النائب تتمثل بالاساس في الاخذ بعين الاعتبار المشاريع القادمة للجهة خلال انجاز المشروع الحالي كالربط بشبكة السكك الحديدية أو المترو الخفيف.
في حين تطرق البعض الآخر إلى المشاريع التنموية في مختلف الجهات التي دائما ما تعاني من صعوبات على مستوى التنفيذ، حيث تطرق النائب عن كتلة الائتلاف الوطني لطفي النابلي إلى إشكاليات الانتزاع من اجل المصلحة العامة كالأراضي والمنازل التي كثيرا ما تكون عائقا أمام تنفيذ المشاريع. في حين تطرق النائب عن كتلة حركة النهضة البشير اللزام إلى إشكالية الجسر المتحرك لبنزرت الذي يمثل عائقا أمام التنمية حتى أنه قسم الولاية إلى قسمين مما جعل المؤشرات التنموية ضعيفة معتبرا أن المشروع سيساهم في تحسين الأوضاع بين مختلف معتمديات الولاية.
من جهته، قال وزير التنمية زياد العذاري أن المشروع يعتبر مشروعا وطنيا يهم كل التونسيين باعتباره يأتي في إطار رؤية شمالية، موضحا أن سيساهم في تحسين حياة المواطنين في المنطقة الشمالية ولا يقتصر على ولاية بنزرت. كما أضاف الوزير انه تم استكمال إبرام بعض الصفقات لبناء المشروع على أن تنطلق الأشغال في أواخر الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الحالية، إلى جانب الانطلاق في عمليات إصدار أوامر الانتزاع من اجل المصلحة العامة.
جدل حول غياب النصاب القانوني
الجلسة العامة سرعان ما دخلت في جدال قبل عملية التصويت، باعتبار غياب النصاب القانوني فور انتهاء النقاش العام، الامر الذي جعل بعض النواب يطالبون بتأجيل التصويت والمرور إلى مناقشة مشروع القانون برمته على عكس المعارضة وكتلة حركة نداء تونس التي طالبت بالتصويت وتحمل كل كتلة مسؤوليتها تجاه غيابات النواب، وهو ما ساندته كتلة الجبهة الشعبية في ذلك. وقال النائب المنجي الرحوي أن هناك طلبات عروض متوقفة بخصوص المشروع المذكور في انتظار المصادقة عليه، منتقدا عدم تمكن نواب الائتلاف الحاكم من جمع النواب لتمرير مشروع قانون عادي، مضيفا أن المسؤولية السياسية تتطلب التصويت مباشرة فور انتهاء رد الوزير. وبعد تعطل الجلسة لقرابة الساعة، تم التصويت على المشروع بـرمته بـ 96 نعم 15 إحتفاظ و01 رفض.
اقصاء اللجان القطاعية والمختصة
من جهة أخرى ناقشت الجلسة العامة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتونس بتاريخ 21 ديسمبر 2017 بين الجمهورية التونسية والبنك الافريقي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع مساندة تنمية القدرات التقنية والتكنولوجية، بقيمة 72.000.000 أورو بنسبة فائدة 0.4 بالمائة على فترة سداد 19 سنة منها 7 سنوات إمهال. يندرج المشروع في إطار تنفيذ الخطة الإصلاحية للمنظومة التربوية بتونس المقررة بالمخطط التنموي القطاعي 2016-2020، حيث يهدف إلى تحسين جودة التعليم وتطويره حسب المناهج والوسائل البيداغوجية الحديثة والتصدي لظاهرة الفشل المدرسي والانقطاع المبكر وذلك من خلال تنويع خيارات التكوين أمام المتمدرسين بما يتلاءم مع احتياجات سوق الشغل. كما سيمكن المشروع من إحداث وتطوير مسالك شعب التعليم التقني والتكنولوجي والعلمي وتعزيز جاذبيتها عن طريق تعميم استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصال في المسارات التعليمية ورقمنة المحتويات البيداغوجية وتشريك المحيط المهني في عملية التكوين من أجل دفع التشغيلية.
النقاش العام واصل انتقاداته للحكومة وفي شخص وزير التنمية، من بينهم النائب عن كتلة حركة نداء تونس عماد أولاد جبريل الذي انتقد تدخلات الوزير حيث اعتبره يتحمل أخطاء غيره، من خلال تقديم تعهدات في مشاريع سابقة من المفروض أن يتم انجازها في ولايات أخرى على حساب أخرى.واعتبر النائب أنه كان من المفروض أن تمرر هذه المشاريع على اللجان القطاعية والمختصة ولا يمكن اعتبارها مشروع قرض فقط ليمر على لجنة المالية، باعتبار أن اللجنة المختصة يمكن لها أن تقرر الجهات التي لها الحق والأولوية للتمتع بالمشاريع التنموية.
تدخل وزير التنمية بدا متشابها مثله مثل بقية التدخلات واعتباره ان المشروع شمولي وسيتم إلحاق بقية الجهات بمشاريع اضافية. وعلى اثر نهاية النقاش تمت المصادقة على المشروع ب 97 نعم 17 محتفظ دون رفض.