لاذعة خاصة من قبل نواب المعارضة الذين اتهموا الحكومة بالافراط في الاقتراض. هذه الانتقادات جعلت وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري يؤكد في أكثر من مناسبة أنه لا سبيل لتمويل المشاريع إلا بالاقتراض.
انطلقت الجلسة العامة بمناقشة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 10 أفريل 2018 بين حكومة الجمهورية التونسية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل برنامج التنمية المندمجة (المرحلة الثالثة) )، بقيمة 50.000.000 دينار كويتي، بنسبة فائدة قارة 2.5 بالمائة سنويا، على فترة سداد 30 سنة منها 5 سنوات إمهال، تمت المصادقة عليه بـ 110 مع، 11 محتفظ، 08 ضدّ. ويهدف البرنامج إلى توفير فرص عمل جديدة لفائدة حاملي الشهائد العليا وصغار الفلاحين والمهنيين وتحسين خدمات المرفق العام، ويشمل هذا البرنامج التدخل في 100 معتمدية موزعة على كامل ولايات الجمهورية.
انتقادات واتهامات
وخلال النقاش العام تطرق نواب الشعب إلى معضلة الاحياء الفوضوية بالعاصمة، حيث قال النائب عن كتلة حركة نداء تونس حسن العماري أنه يجب التفطن الى الأحياء المتاخمة للعاصمة والسكن الهش الأمر الذي يستوجب ضرورة الالتفات إليها والاستثمار فيها. في حين قال النائب عن كتلة الجبهة الشعبية هيكل بلقاسم أنه من الضروري ارفاق هذه المشاريع بالإطارات الكفءة لانجازها مع مراعاة مبادئ الحوكمة الرشيدة والحرص على مزيد الشفافية. واعتبر النائب عن كتلة حركة النهضة الهادي صولة أنه يجب القيام بزيارات دورية للولايات لمتابعة تقدم انجاز هذه المشاريع والصعوبات التي تواجهها، مع اعطاء الاولوية للشباب للانتصاب للحساب الخاص إلى جانب الانتباه إلى الإشكاليات العقارية والتدخل لتذليلها.
وقبل رد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري على تساؤلات النواب، شهدت الجلسة تشنجا بين العذاري وعدد من نواب المعارضة تواصلت الى ما بعد المصادقة على اتفاق القرض بسبب تكرّر سياسة التداين. وقال الوزير أن نقد السياسات و لخيارات مقبول لكن التهجم المشين امر معيب، معتبرا أن من يدعي ان الحكومة تلهث وراء الاقتراض عليه أن يقدم حلولا لتمويل المشاريع التنموية، مشيرا الى ان 40 بالمائة من مشاريع التنمية ستنجز عن طريق التمويل الخارجي. كما بين أن الحكومة فتحت يوم 3 جانفي 2019 اعتمادات بقيمة 107 مليون دينار لاستكمال خلاص ديون المقاولين، موضحا أن ان الوزارة ستعمل في اطار المرحلة الثالثة من البرنامج، على تعبيد 85 كلم من المسالك الريفية بولاية سيدي بوزيد وانه يوجد برنامج وطني يهدف الى تعبيد 1000 كلم من المسالك الريفية.
المصادقة على قرض بقيمة 113.600.000 أورو
وفي الجزء الثاني من اشغال الجلسة العامة، ناقش نواب الشعب مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم في 7 جوان 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتمويل مشروع تكثيف الفلاحة السقوية بتونس، بقيمة 113.600.000 أورو، بنسبة فائدة 0.7 بالمائة على فترة سداد 28 سنة منها 6.5 سنوات إمهال، تمت المصادقة عليه بـ 98 مع، 08 محتفظ، 4 ضدّ . يهدف المشروع إلى تحسين ظروف العيش لفائدة 3500 فلاح، والرفع في مردودية الشبكات المائية إلى 80 بالمائة وتعصير 6 مناطق سقوية كبرى، في التصرف في الانظمة المائية بالمناطق السقوية العمومية بولايات الشمال، وتحسين جودة الخدمات من خلال تركيز منشأة عمومية للتصرف في المناطق السقوية، وتثمين المنتوجات الفلاحية، على غرار الاحاطة بالفلاحين وتدعيمهم في العديد من المجالات كالتسويق واسناد القروض والمنح.
وتطرق النقاش العام بين النواب إلى الصعوبات التي يتعرض إليها الفلاحون وقطاع الفلاحة عموما الأمر الذي انعكس سلبا على المنتوج وتزويد السوق، حيث قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني عبير العبدلي أن هذه الاتفاقية تعود الى اختصاص الفلاحة اكثر منها الى المالية، متطرقة في مداخلتها إلى معضلة المياه خاصة في الجهات الداخلية. كما بينت وجود العديد من المعتمديات في سيدي بوزيد التي طالبت بتوفير مناطق سقوية، الى جانب العمل على توفير آليات للنهوض بالفلاح. في حين قال وزير الاستثمار أن الحكومة غير قادرة حاليا على تمويل المشاريع بطريقة أخرى غير الاقتراض، حيث ينصب مشروع القانون المذكور في المصلحة العمومية والاستثمارات العامّة.
نحو تطوير الصناعات الدفاعية مع الطرف التركي
وفي الجلسة المسائية، صادقت الجلسة العامة على مشروع قانون يتعلق الموافقة على ملحق اتفاقية القرض المبرم بتاريخ 08 جوان 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك التركي للتصدير والتوريد للمساهمة في تمويل اقتناء تجهيزات ومعدات ذات منشأ تركي، بقيمة 200.000.000 دولار أمريكي. ومن المنتظر تخصيص كامل مبلغ القرض لفائدة وزارة الدفاع الوطمي بـ 150 مليون دولار، ووزارة الداخلية بـ 50 مليون دولار لاقتناء تجهيزات ومعدات ذات منشإ تركي تساهم في تعزيز القدرات الدفاعية للتوقي من الارهاب.
النقاش العام اعاد الجدل من جديد بخصوص الديون الخارجية والتجاء الحكومة إلى الاقتراض في كل مناسبة، الأمر الذي قد ينعكس سلبا في المستقبل على اقتصاد البلاد. وقال وزير الاستثمار أن هناك توجها نحو تطوير الصناعات الدفاعية مع الطرف التركي لدعم البلاد على هنا المستوى، مشيرا إلى أن الحكومة متشبثة أيضا باسترجاع الأموال المهربة وحقوق الشعب التونسي، ومحاسبة الفاعلين. لكن في المقابل، فإن الاجراءات طويلة ولا يمكن الاستغناء عن الاقتراض باعتباره أنه ضروري لمجابهة الاختلال الهيكلي لميزان الدفوعات، حيث يجب علينا العودة الى نسق انتاج أكبر للفسفاط و الصناعات التصديرية لحل مسألة الديون.