من الالتفاف على هذه المكتسبات تعمق خلال 2018 ، وتبين أنها لا تزال تحتاج الى مزيد الحماية في ظل مخاطر تهددها وتنامي الخوف من التراجع عنها الى جانب عدم ارساء عدد من الهيئات الضامنة لهذه الحقوق والحريات فضلا عن عدم الغاء قوانين مخالفة للتعهدات الدولية ولمسها من الحرمة الجسدية... من خلال اشكاليات طرحت في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة ، وإقدام صحفي على الانتحار .. .الاعتداء بالعنف على افارقة...
الحقوق والحريات بمعناها الشامل من حرية تعبير ، حرية التنقل ، الحق في الصحة وفي التعليم ....الى غير ذلك سنتعرض الى بعضها الذي اثار جدلا خلال 2018، والصادرة في شانها تقارير ...
حرية التعبير والصحافة تعد من أهم مكاسب ثورة 14 جانفي 2011، ولئن حافظت تونس على المتربة 97 للسنة الثانية على التوالي في الترتيب العالمي لحرية الصحافة الذي تعده سنويا منظمة «مراسلون بلا حدود» فان البعض اعتبر ان المحافظة على نفس المرتبة غير ايجابي بل كان من الأجدر تحسين هذا الترتيب، كما شار التقرير الى تسجيل عراقيل لممارسة الصحفي لمهنته خلال المظاهرات فضلا عن الجدل حول هيئة الاعلام السمعي والبصري ، من جهته اشار التقرير السنوى الاخير لنقابة الصحفيين حول واقع الحرية والصحافة في تونس إلى أن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة لفئة واسعة من الصحفيين مازالت تمثل أبرز التهديدات التى تشكل خطرا على حرية التعبير، فضلا عن تواصل تصدر الامنيين لترتيب المعتدين على الصحفيين، وسجل التقرير الذي تم عرضه بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة خلال شهر ماي اكثر من 200 حالة طرد للصحفيين وأكثر من 500 اعلام بعدم خلاص اجور في وقتها ، كما تم تسجيل عمليات طرد جماعي غير مسبوقة وإغلاق عدد من المؤسسات الاعلامية وهو ما يعني فقدان عشرات الصحفيين لمواطن عملهم الذي يضمن حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية بسبب غياب اطار تشريعي وتعاقدي واضح عند التحاقهم بهذه المؤسسات ، مع الاشارة الى تواصل الاعتداءات على الاعلاميين وان كانت باقل حدة عن السنوات الفارطة .
الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة التى نبهت اليها نقابة الصحفيين خلال تقريرها الاخير، أعيد طرحها بشدة هذه الايام على اثر انتحار الصحفي عبد الرزاق الزرقي من ولاية القصرين وهي تعد سابقة في الاعلام التونسي بسبب اوضاعه الاقتصادية والاجتماعية مما جعل نقابة الصحفيين تعلن عن قرار الاضراب العام في الصحافة في 14 جانفي المقبل...
الاوضـــاع الاقتصاديــة والاجتماعـية الهشة لا تقتصر على قطاع الاعلام بل تعانى منها عدة قطاعات وفئات اخرى منها عمال الحضائر ، النساء العاملات في القطاع الريفي ..المناطق الداخلية....
في السياق ذاته فان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بمناسبة الاعلان العالمي لحقوق الانسان قالت في بيانها انها تسجل بوادر تراجع عما تحقق من مكاسب في مجال الحريات العامة والفردية رغم الدستور والقوانين الداعمة والحامية لهذه الحقوق حيث لاحظت في أحيان كثيرة إنتهاكات جسيمة متعلقة بالحريات الفردية والعامة، مشيرة بالأخص الى البطء في تركيز الهيئات الدستورية المستقلة ومنها المحكمة الدستورية، باعتبارها ركيزة من ركائز الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات، والضًامن للحقوق والحريات.
الحدث الاخر الذي اثار جدلا واسعا ومايزال يثير جدلا الى اليوم وغدا هو ما جاء في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة وما جاء فيه من اشاعة الحريات وحماية الحقوق بمعناها الكوني ، والتي خلصت في تقريرها إلى ضرورة تنقيح القوانين الماسة بالحقوق والحريات وإقرار المساواة التامة والفعلية بين الجنسين، و تقدمت في خاتمة أعمالها بمشروع قانون لدعم الحريات الفردية من خلال إقرار المساواة التامة والفعلية بين الجنسين ومنها المساواة في الإرث وايضا إلغاء عقوبة الإعدام وإلغاء تجريم المثلية الجنسية، وحذف الفصل 230 من المجلة الجزائية هذا وتطالب بضرورة إصدار مجلة الحقوق والحريات لما تمثله من أداة لتكريس الحقوق والحريات الواردة بالدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية وسبيل لتقدم الناس وازدهار المجتمع.
هذا التقرير وان لم يتم تبينه من قبل رئاسة الجمهورية صاحبة المبادرة برمته وتم الاقتصار على المساواة في الارث اسقط العديد من الاقنعة لأحزاب سياسية تحكم اليوم كما انه سيكون من المواضيع الهامة خلال السنة المقبلة، مع بداية مناقشته في مجلس النواب واختلاف الاراء حوله الى جانب الاستعداد للانتخابات المقبلة ...
حادثة أخرى كشفت تصرفات «عنصرية» يمكن اعتبارها أيضا هضما لحق من الحقوق والعيش في بلد مغاير للبلد الام بسلام وبحرية ، هي حادثة الاعتداء التى ذهب ضحيتها الايفواري المقيم بتونس فاليكو كوليبالي يوم الاربعاء الماضي في تعارض تام مع مكتسبات ثورة الحرية والكرامة وللقيم الانسانية وما تحمله من حقوق وحريات نريد تكريسها في تونس وندافع عنها ومجرد التغافل عن احداها يعنى التخلي عن غيرها.