الجالية الايفوارية في تونس، الذي قتل في حادث ظاهرها سرقة بالإكراه ولكن أصلها عنصرية مخفية.
عديدة هي القصص التي يرويها ضحايا التمييز العنصري في تونس، لكنها تلتقي في تفاصيل قد تكون غير ذات اهمية لدى الاغلبية التي تصر على انه لا توجد عنصرية في تونس، وهذه التفاصيل تتمثل في البحث عن تبرير جريمة كراهية وتصنيفها كجرم عادي لا خلفيات له او عدم التعاطف مع ضحيتها وأحيانا التشفي منها.
واحدث قصة هي التي رويت عن رئيس جمعيّة الجالية الإيفوارية بتونس «فاليكو كوليبالي» الذي قتل اثناء عملية سرقة بالاكراه تعرض لها في منطقة سكرة من ولاية اريانة، وتفاصيل الحادثة قدمتها وزارة الداخلية على لسان ناطقها الرسمي وليد حكيمة الذي قال ان «رئيس الجمعية تعرض لعملية سلب عندما كان صحبة رفاقه في طريقه إلى مقر إقامته بعد أن كانوا يلعبون كرة القدم». كما بين ان الضحية قاوم مجموعة من 5 اشخاص اعترضوا سبيله رفقة أصدقائه، قبل ان ينتهى الأمر بطعنه على مستوى البطن والفخذ من قبل احد افراد المجموعة التي فر افرادها الذين قبضت عليهم فرقة الشرطة العدلية بأريانة الشمالية وحجزت أداة الجريمة في منزل أحد المتورطين، ليترك الامر للنيابة العمومية التي أذنت بالاحتفاظ بـ5 أشخاص لاستكمال الابحاث والتحريات في شأنهم وهذا ما اكده معز الغريبي الناطق الرسمي باسم ابتدائية أريانة الذي قال ان التهمة الموجهة للمشتبه بهم هي «القتل مع سبق الاصرار».عند هذا الحد سيقول البعض ان الامر حسم، جريمة تعهد بها القضاء وقضي الامر، لكن هذا مجانب للحقيقة.
حقيقة عبر عنها افارقة من جنوب الصحراء، سواء لدى تجمهرهم امام مستشفى منجي سليم أين توفي كوليبالي او امام المسرح البلدي بالعاصمة، وتتمثل في انهم ضحايا ممارسات عنصرية طالتهم من تونسيين. وهذا يجعلهم يطالبون السلطات التونسية بتحمل مسؤوليتها ووقف الاعتداءات العنصرية ضد الأجانب، وخاصة القادمين من دول جنوب الصحراء.
عنصرية تفشت فأدت الى حادثة قتل كوليبالي، التي رآها بعض التونسيين مجرد عملية سرقة لا تخفي اي ممارسات عنصرية، متجاهلين ان الجناة استهدفوا الضحية بعد ان قاموا بتصنيفه عنصريا، وقرروا استهدافه لاعتقادهم انهم قادرون على سلبه ما لديه، وان هذا حقهم في ظل شعورهم بالتفوق.
حق هيئ لهم لان اعتقادهم، على ما يبدو، قام على ان هناك فرقا بينهم وبين ضحيتهم، والفرق يعود لانتماء الضحية لجماعة عرقية مختلفة وهو ما يعنى انه يفقد حقه في ان يعامل اجتماعيا وقانونيا كما الاغلبية. وهذه هي العنصرية، وان كانت متسترة، سواء لدى من اعتدى على كوليبالي او من برر او بحث عن حصر الحادثة في خانة الجريمة، وليس جريمة كراهية، في سلوك ظاهره موضوعي ولكنه يخفي ممارسة تقوم على الإقصاء و التهميش و التمييز بين البشر على أساس اللون .
قتل رئيس جمعية الجالية الايفوارية بتونس اعاد احياء جراح الاجانب من دول افريقية بتونس، وجعلهم يصرخون خلال اليومين الفارطين معلنين انهم ضاقوا ذرعا من الممارسات العنصرية التي يتعرضون اليها في تونس، والعنف الذي طالهم. فقتل كوليبالي ليس اول حادث عنف شديد يتعرض له الافارقة من جنوب الصحراء في تونس. ففي2016 تعرضت طالبتان كونغوليتان لعنف شديد على يد منحرف تسبب لهما بجروح خطيرة على مستوى الرقبة، كما تعرّض شاب آخر لجروح إثر محاولته إنقاذهما.
حادثتان تفصل بينهما سنتان وقانون القضاء على التمييز العنصري صادق عليه البرلمان التونسي بداية السنة الجارية لكنه ظل دون تفعيل. في ظل استشراء عنصرية تجسدت ملامحها في جرائم كراهية او ممارسات يومية يقوم بها تونسيون ضد افارقة جنوب الصحراء. عنصرية تجد من يبحث عن تبييضها ونفيها.