بعد المصادقة على قانون المالية : النداء يطمح إلى قيادة المعارضة وتأجيج الاحتجاجات

خطة نداء تونس لمواجهة الشاهد ومشروعه السياسي بسيطة، استهداف الحكومة يضمن فرصا أكثر لإفشل المشروع، لهذا فإنها

تبحث عن أي نقطة لاستخدامها ضد ابنها السابق، وحبذا لو كانت هذه النقطة متصلة بإستراتيجية المواجهة القائمة على إبراز النهضة كالمتحكم الفعلي وما الشاهد الا تابع لها، وما تعاطي النداء مع قانون المالية بخارج عن هذا التمشي وان كان اكثر حدة بالحرص على استمرار توتر الأوضاع.
صادق مجلس نواب الشعب باغلبية بسيطة على قانون مالية 2019، دون اضافة تعديلات كبرى عليه، لكن هذا لا يعني ان الامر انتهى، اذ توجه حوالي 60 نائبا بالبرلمان الى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وتقدموا بطعن في دستورية فصول من قانون المالية.
60 نائبا جمعوا بين اقصى اليسار والوسط، اي من الجبهة الشعبية وصولا لنداء تونس الذي يعترض نوابه لاول مرة في سنوات عهدتهم الخمس على دستورية نص قانوني كما انهم لاول مرة صوتوا ضد مشروع قانون المالية.
تصويت بـ«لا» وتوجه الى الطعن في دستورية فصول من القانون ليس فقط ما اتاه النداء تجاه الموازنة، والقصد من ذلك استهداف الحكومة، بل انه رفع من حدة كلماته الناقدة والمهاجمة للحكومة وموازنتها، ليصل الامر بالمنسق العام للحركة رضا بالحاج إلى اعتبار الشاهد مجرّد «صباب ماء على اليدين» اي انه منفذ لتعليمات النهضة وخياراتها.
وسم سيبرر به خيار النداء التصويت بلا على قانون المالية، ويبرر به بالاساس خيار التوجه للمعارضة بعد البقاء لاربع سنوات في الحكم كحزب رئيسي، فالنداء الذي بات حزبا معارضا بتصويته ضد قانون مالية 2019، وامتناع نوابه من قبل عن التصويت لصالح التحوير الوزاري، يحرص على قطع روابطه مع الحكومة.
فالحكومة التي يشدد على انها، منذ شهر اوت الفارط، حكومة النهضة لا يمكن له ان يدعمها او ان لا يعارضها، خاصة وان خطة النداء لتسويق نفسه في الاستحقاق الانتخابي القادم، تقديم الساحة السياسية بذات الحالة التي كانت عليها في 2014، حركة اسلامية قوية يقابلها ضعف في الوسط لا يمكن سده الا بالوقوف خلف نداء تونس.
التصويت المفيد واقناع الناخبين بان النداء عاد الى اصله، اي عاد ليكون في الصف المقابل للنهضة ومحدثا للتوازن معها، يستوجب ان يعزز بصورة فعلية تقدم النداء كمعارض جدي للنهضة عبر معارضة حكومتها، حكومة الشاهد. والمعارضة هنا لا تقف عند تقديم مواقف مناهضة او رافضة بل تنتقل الى التنفيذ.
وهنا يحرص النداء على ان يقدم خطابا يؤجج التوتر ضد الحكومة، فهو يدعم التحركات النقابية ويرفض قانون المالية لما يمثله من انتهاكات تمس من قطاعات عدة منها المهن الحرة وهذا يستوجب ردّا مباشرا على الحكومة ومشروعها.
رد يقف الندائيون حاليا دون توضيح شكله، هل هو فقط الطعن في دستورية القانون، او دعوة الرئيس لاستعمال صلاحيته الدستورية واعادة القانون الى المجلس لتعديل فصول محددة. ام سيشمل التحركات الاحتجاجية في الشارع التونسي.
في الوقت الراهن النداء لم يوجه دعواته للاحتجاج ولا حرض الشارع التونسي على الخروج هو فقط يعمل على ابقاء حالة التوتر في مستواها الراهن، مع انتظار ما ستحمله التطورات القادمة والتي قد يجد فيها النداء ما يخدم خطته.
هذه التطورات تشمل كيف سيتفاعل الشارع مع دعوة الجبهة الشعبية للاحتجاج على قانون المالية، عبر فصيلها الشبابي. اضافة للتحركات النقابية وما سيعيشه الشارع التونسي من أحداث في جانفي القادم، وهو شهر الاحتجاجات الشعبية بامتياز في تونس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115