في 27 من نوفمبر الفارط، والمتعلقة بالتخطيط لانقلاب، حفظ القضية يسحب من نداء تونس ورقة لعب راهن عليها لإزعاج الشاهد لكنها عادت اليوم بالوبال عليه وعلى أمينه العام الذي قد يصبح ملاحقا من القضاء.
في اقل من أسبوعين حسم ملف قضية التخطيط لانقلاب، من قبل القضاء العسكري، حيث أعلنت الوكالة العامة لإدارة القضاء العسكري أمس عن قرار وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس حفظ الشكاية التي رفعها الأمين العام لحركة نداء تونس سليم الرياحي ضد رئيس الحكومة ومدير الأمن الرئاسي وسليم العزابي وضابط عسكري ومستشار لرئيس الحكومة.
القضية التي آثارها الرياحي واتهم فيها 5 شخصيات بالتخطيط للانقلاب على رئيس الجمهورية والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وقع حفظها وفق لمقتضيات «الفصل 30 من مجلة الإجراءات الجزائية» وفق بلاغ وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري.
بلاغ جاء فيه أن قاضي التحقيق المتعهد بقضية الانقلاب استدعى الأمين العام لحركة نداء تونس سليم الرياحي باعتباره الشاكي، لكن الأخير ووفق نص البلاغ «تعلل بتواجده بالخارج لارتباطات مهنية»، في 30 من نوفمبر الفارط، وقد تكرر تخلف الرياحي عن الحضور لدى قاضي التحقيق لتقديم شهادته ومؤيداته في قضية الانقلاب.
غياب ثان عن جلسة 6 ديسمبر الجاري، وتقديم محامي الرياحي لشهادة طبية صادرة عن مستشفى خاص بلندن، كحجة غياب لموكله، كانت كافية لوكيل الجمهورية باخذ قرار حفظ الشكاية، المتعلقة بوجود مخطط للانقلاب وتآمر على أمن الدولة الداخلي. مع الإشارة في اخر جملة من البلاغ والمتعلقة بحفظ الشكاية إلى «... مع ما قد يستتبع ذلك من إجراءات قانونية» وهي تفيد بأن القضاء العسكري قد يتحرك ضد الرياحي ويتتبعه بتهم الادعاء الباطل والمس من كرامة الجيش، او اي تكييف قانوني أخر يرتئيه وكيل الجمهورية.
قرار الحفظ والتلويح بإمكانية تتبع سليم الرياحي، استقبلته اوساط قريبة من رئيس الحكومة بنوع من الفرح والزهو بانتصار قد يستتبع بملاحقة الامين العام لنداء تونس قضائيا وهذا يعني صدور بطاقة جلب دولية بحقه.
لكن الاهم من هذا بالنسبة للمبتهجين بالنصر، هو سحب وحرق ورقة لعب بيد خصمه المباشر، نداء تونس ورئاسة الجمهورية، فقضية الانقلاب التي شهدت اطوارا عدة، انطلاقا من تصنيف الرياحي لها في البداية كإنقلاب ناعم وعنيد قبل ان يتطور الامر لاتهام مباشر بالتخطيط لانقلاب يشارك فيه مدير الأمن الرئاسي وعسكريون.
اتهام احتضنه نداء تونس وأعلن اثر اجتماع لهيئته السياسية في اخر نوفمبر الفارط عن تبني القضية وقناعته التامة بان أمينه العام له مؤيداته، مؤيدات تحدث عنها أيضا المستشار السياسي لرئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة وأشار إلى ان الرياحي له «إثباتات ووثائق». تبنى النداء بشكل مباشر ورئاسة الجمهورية بشكل غير مباشر لقضية الانقلاب، وضعهم في موقف محرج في أول جلسة دعي إليها الرياحي وتخلف، مما دفع بهما الى التحرك توقيا لتطورات لن تكون في صالحهما.
اذ تحركت الرئاسة وأكدت على لسان المستشار نفسه ان لها ثقة في مدير الأمن الرئاسي وانه في منصبه وهذا دليل على ثقتها، اثر ذلك تحرك النداء وتخلى عن تبني القضية ليعلن رضا بلحاج قيادي الصف الأول بالحزب ان قضية الانقلاب التي رفعها الرياحي تخصه بمفرده وان الحزب لم يتبناها، لاحقا استقبل رئيس الجمهورية مدير ديوانه السابق سليم العزابي المتهم بالمشاركة في التخطيط لانقلاب.
تنصل من الرياحي تزامن مع إعلان الرجل في حوار مع الزميلة «الشارع المغاربي» انه سيعود الأسبوع الفارط، لكنه تخلف عن العودة وظل في مقر إقامته بلندن، يتابع التطورات في تونس وفشل محاولات المقربين منه في نداء تونس بإقناع الحزب بالدفاع عن الرياحي وتبني قضيته مرة أخرى.
فشل يبدو ان مرده قناعة في صفوف قادة النداء ان الرياحي عاجز عن إثبات اتهاماته وان المراهنة عليه في الصدام مع المؤسسة العسكرية التي ساءها اتهام رجالها بالتخطيط لانقلاب سيعود عليه ببليّة هم في غنى عنها حاليا في ظل حروبهم المفتوحة مع الشاهد وأنصاره.
حرب رفض النداء ان يخوضها لإدراكه انه سيخسرها، ففضل التخلي عن أمينه العام وتركه لمصيره، لكن هذا لن يحول دون ان تنجر قدما النداء في تبعات القضية، فالحزب سيجد نفسه مطالبا بشرح الكثير وتبرير خطاب قادته الذي كان يشدد قبل اسبوع على ان التخطيط للانقلاب امر جدي.