التفويت فيه كان السبب المباشر في بداية توتّر علاقة الشاهد بالاتحاد العام التونسي للشغل، ليتحوّل التوتر بعد اشهر الى شبه مواجهة لم يتوان خلالها اتحاد الشغل عن إدارة «ماكينته» والنزول أمس بكلّ ثقل الوظيفة العمومية إلى الشارع للمطالبة بالزيادة في اجورها وتجاوز «تعليمات» صندوق النقد الدولي.
منذ إعتصام الرحيل لم تشهد ساحة باردو حضورا امنيّا وتجمعا كالذي شهدته امس بتواجد آلاف المطالبين بالزيادة في اجورهم والمنادين برحيل حكومة يوسف الشاهد بالهُتاف «إستقالة...إستقالة...يا حكومة العمالة» و«يا شاهد يا جبان الخدّام لا يهان» و«يا حكومة التطبيع...البلاد موش للبيع» و«شادين شادين في حقوق الشغالين» و«الزيادة استحقاق يا عصابة السراق».
و»سيادة وطنية...سيادة وطنية» وغيرها من الهتافات تفاعلا مع ما ورد في خطاب الامين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الذي لم يكن مختلفا في خطوطه العريضة عن خطاب التجمّع العمالي في بطحاء محمد علي في 17 نوفمبر الجاري من توجيه إنتقادات إلى الحكومة وإتهامها بالإرتهان لصندوق النقد الدولي وضرب «استقلالية القرار التونسي والسيادة الوطنية».
فيوم إضراب الوظيفة العمومية بالنسبة لامين عام اتحاد الشغل هو موعد جديد مع التاريخ لتعديل بوصلة تونس نحو الاتجاه الصحيح ألا وهو مصلحة الشعب تجسيدا لشعارات الثورة من شغل وحرية وكرامة وطنية»، ولم يُغفل الطبوبي مهاجمة السياسيين ونواب البرلمان رغم حضور ممثلي بعض الكتل النيابية، كالجبهة الشعبية ونداء تونس والكتلة الوطنية، في التجمّع.
حيثّ حمّلهم الطبوبي مسؤولية تدهور معيشة التونسيين الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع في الإنتخابات التشريعية على أمل ان يحسّن السياسيون والنواب المُنتخبون أوضاعهم لكنهم حطموا آمالهم وفقّروهم ليسري الإحباط فيهم بسبب مراهقة الطبقة السياسية والسياسيين اللذين يتسارعون للخضوع الى تنفيذ تعليمات الأطراف الخارجية، وفق تعبير امين عام اتحاد الشغل الذي ذكرّ بتصدّي إتحاد الشغل لتعليمات التفويت في المؤسسات العمومية ليؤكّد ان الإتحاد لن يستسلم للإملاءات الخارجية وسيتحصّل على زيادة مجزية في اجور الوظيفة العمومية رغم تجنيد بعض الاطراف لـ»منابر إعلامية وكتائب فايسبوكية لتشويه نضالات الإتحاد...» ليكون آخر ما قاله امين عام اتحاد الشغل في خطابه تأكيده ان الاتحاد العام التونسي للشغل «موش باش يرخّ» وسيصعّد بعد تنفيذ إضراب امس الذي بلغت نسبة المشاركة فيه أكثر من 90 % وفق تأكيد الامين العام المساعد لإتحاد الشغل المسؤول عن الوظيفة العمومية منعم عميرة لـ«المغرب».
ورقة الإضراب العام
ليس من الصعب ترجمة تأكيد امين عام اتحاد الشغل ان المنظمة لن تتراجع، فما يقصده ان ما ستحمله الايام المقبلة بعد تنفيذ الاضراب في الوظيفة العمومية لن يكون سوى التصعيد من طرف الهيئة الإدارية الوطنية التي ستنعقد يوم غد السبت للحصول على الزيادة في الاجور لقطاع الوظيفة العمومية لسنوات 2017 و2018 و2019 لا تقلّ عن تلك التي تحصّل عليها القطاع العام.
اغلب ترجيحات قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل تصبّ في إتجاه إقرار الهيئة الإدارية الوطنية للإضراب العام مع ترحيل تاريخه الى شهر جانفي 2019، لكن بالتوازي تبقى إمكانية إقرار تحركات أخرى أكثر حدة من إضراب الوظيفة العمومية قائمة ليحتفظ الإتحاد العام التونسي للشغل بالإضراب العام كورقة أخيرة في حال تشبّث الشاهد بـ«تنفيذ تعليمات صندوق النقد الدولي» ورفض الزيادة في اجور الوظيفة العمومية.