رئاسة الجمهورية...نداء تونس : التحوير الوزاري باطــل !

«عدم دستورية التحوير» وفقدان «الذائقة السياسية» هما من عناصر خطة إسقاط التحوير التي اتضحت يوم أمس، إذ لم يكن

على لسان قادة حركة نداء تونس غير كلمة «انقلاب» حينما يتطرقون للتحوير الوزاري المعلن عنه يوم الاثنين الفارط، كلمة تعكس خطة المواجهة التي يتبناها النداء بعد موقف رئاسة الجمهورية الذي بات أحدّ وفق التعبيرات التي استخدمها المستشار السياسي للرئيس.

بتراكم ردود الفعل السياسية الصادرة عن حركة نداء تونس بشكل مباشر ومن خلفها رئاسة الجمهورية تكونت إستراتيجية «حرب» بشكل غير مقصود، وعبرت عن نفسها في المرويات التي يقع نشرها من قبل الحزب والرئاسة، من خروج الشاهد في ماي الفارط واعلانه الحرب المفتوحة على نجل الرئيس.
روايات عديدة نقلت عن القصر والبحيرة، آخرها الروايتان الصادرتان امس، عن نداء تونس في ندوة صحفية وعن رئاسة الجمهورية في برنامج «ميدي شو» على إذاعة «موزييك اف ام»، وكلتاهما تعلقتا بالتحوير الوزاري الذي أعلن عنه الشاهد يوم الاثنين الفارط.

مروية النداء
يبدو ان التحوير الوزاري الاخير كان بمثابة الهدية لحركة نداء تونس، ان تعلق الامر بحبك مروية «افتكاك السلطة» او ما بات يعرف من قبل الندائيين «انقلاب» مرة يكون ناعما وأخرى عنيد، وفق وصف الامين العام للحزب سليم الرياحي.

اذ بعد يومين ممّا يصف النداء بمحاولة اقتحام مقره واحتلاله لفرض قيادات جديدة، اعلن عن التحوير، وهنا يبدو ان قادة النداء وجودا فيه عناصر اضافية لموضوعهم الاول، محاولة احتلال تعاون فيها قيادي ندائي عن ولاية القصرين، خطط ودبر مع قيادي نهضاوي عن ذات الولاية، ليحل البطل الثالث للرواية وهو الشاهد الذي زكى العملية.

مروية تهدف الى حفر صورة في الاذهان وهي ان الشاهد وانصاره استعانوا بحركة النهضة لافتكاك الحزب من ابنائه ومناضليه، الذين نجحوا في افشال هذا المخطط. وهذا القسم الاول من المروية، اما الثاني فيتعلق بافتكاك السلطة وذلك عبر التحوير الوزاري الاخير. افتكاك وصفه الرياحي بالانقلاب العنيد وشرح كيفية ذلك، بقوله ان النهضة والشاهد يعملان على الانقلاب على الدستور وعلى الشرعية، وذلك على مستويين، الاول تجاهل نداء تونس وعدم التشاور معه بشان التحوير الوزاري والثانية تجاهل رئيس الدولة وعدم التشاور معه ايضا.

تجاهل كشف نية النهضة في الانقلاب على ارادة الناخبين، وذلك باستخدام الشاهد كأداة لتحقيق هذا، وارادة الناخبين هنا يتحدث عنها الرياحي، الملتحق اخيرا بنداء تونس، ويقسمها لفرعين، الاول يتعلق بالتشريعية حيث منح الناخب التونسي ثقته في نداء تونس لقيادة البلاد وليس للنهضة التي انقلبت على هذه الارادة وافتكت السلطة لها.

الفرع الثاني، انقلاب رئيس الحكومة على رئيس الجمهورية، وهنا ايضا نجد النهضة مساهمة ايضا، حيث ينقلب «المعين» على «المنتخب» مباشرة من الشعب، ويجري تحويرا وزاريا دون اخذ راي الرئيس ولا استشارته. بل وصور الامر على ان الشاهد عمد الى تغييب رئاسة الجمهورية وتضليلها.

وهذا عبر عنه في تصريح رضا بلحاج خلال الندوة الصحفية ليوم امس، حينما ربط بين عدم قانونية التّحوير والانقلاب على المسار الديمقراطي مع ما اعتبره محاولات من حركة النهضة لعزل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.

اعلان النداء عن حكمه الدستوري على التحوير واعتباره «باطل» يقترن باعلانه عن وقوفه في وجه هذا التجاوز والبحث عن الحلول دون استمراره حتى وان اقتضت انتخابات مبكرة.

مروية رئاسة الجمهورية
دقائق اثر اعلان الشاهد عن تحويره اعلنت الناطقة الرسمية للرئاسة سعيدة قراش عن ان الرئاسة غير موافقة على تمشي التحوير، وعدم قبول سياسة امر الواقع التي اتسم بها مسار التحوير وطريقة ادارته المتسرعة.

موقف وقف عند هذا الحد، دون اعلان عما تنويه الرئاسة من فعل، لكن يوم امس اطل المستشار السياسي لرئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة ليعلن ان الرئيس الباجي قائد السبسي لن يحيل التحوير الوزاري إلى مجلس نواب الشعب. والسبب ان الشاهد لم يستشر الرئيس حسب العرف المعمول به في منذ سنة 2014 وعمل به مع الشاهد لدى تشكيل حكومته الاولى والثانية.

عند هذا الحد ايضا لا تكشف المروية عن كيف تشتغل ذهنية الرئاسة، وهذا لم يغب طويلا حيث اكد بن تيشة ان الحوار الوطني، قرطاج1 و2، انطلقا على قاعدة توسيع المشاركة في تسيير الشأن العام دون اسقاط تام لنتائج الانتخابات وإرادة الشعب التي عبّر عنها في الاستحقاق الانتخابي لسنة 2014 .

وللشرح أكثر يشير بن تيشة ان الشعب فوّض جهات بعينها لقيادة البلاد من بينها الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب والمفوض منه ليكون المسؤول عما يحدث داخليا وخارجيا.

الملاحظتان الأخيرتان على لسان بن تيشة تكشف جوهر مروية رئاسة الجمهورية، الرئيس لا يقبل بان يقع الحدّ من صلاحياته من قبل «معين» لا شرعية له، كما لا يقبل ان ينحرف مسار قرطاج، من توسيع قاعدة المشاركة الى اسقاط نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة. جوهر يكشف ان الرئاسة تتقاطع مع نداء تونس، ربما مصادفة، في اعتبار ما حدث انقلابا، وفرض واقع سياسي جديد على اصحاب الشرعية الانتخابية، واقع لن تقبل الرئاسة بان يفرض عليها دون القيام باي فعل.

إحدى القافلتين
يبدو ان العقول المخططة لتحركات النداء او الرئاسة، تنظر الى التحوير وما سبقه من تجاذبات كمسار مترابط مع انتخابات 2019، لهذا فهي تعتبر ان عملها سيكلل بالنجاح، فهي موعودة باحدى القافلتين، قافلة ابى سفيان او قريش.

فاما ان تسقط التحوير عبر البرلمان، واللعب على التوازنات في الكتل المترددة وخاصة كتلة الولاء للوطن، او عبر ضغوط متنوعة، وهنا تصيب القافلة الاولى، أو أن تنجح في حفر مروية الانقلاب واستخدام النهضة للشاهد كبيدق في عقل الناخب. وهنا تصيب القافلة الثانية، انتخابات 2019.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115