أول لقاء للأمين العام الجديد لنداء تونس برئيس الجمهورية: فشل في خلق القطيعة بين النهضة والشاهد يقود إلى خطة «صد الانقلاب»

بعض المشاهد تكفي لتشرح ما يحدث في الساحة السياسية اليوم، وأمس المشهد كان اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي

بالأمين العام الجديد لحركة نداء تونس سليم الرياحي، لقاء قيل انه خصّص للبحث في أوضاع البلاد وأزمتها.

مرة اخرى يجد الامين العام لحركة نداء تونس طريقه إلى قصر قرطاج، كممثل لحزبه في اللقاءات الدورية مع رئيس الجمهورية، وهذه المرة اسم الأمين العام كان سليم الرياحي، الذي التقى الرئيس منذ شهر بصفته رئيسا لحزب الاتحاد الوطني الحر.

لقاء ليس الاول من نوعه ولكنه الأول للامين العام لنداء تونس، وهي خطة ألغيت منذ ديسمبر 2015، قبل ان يقع إحياؤها ومنحها للرياحي في إطار توزيع المهام الجديد في الحزب بعد عملية الانصهار التي تمت في شهر أكتوبر الفارط.

اللقاء اعلنت عنه رئاسة الجمهورية، وقالت على لسان الرياحي، انه تطرق الى الاوضاع العامة بالبلاد و«ضرورة اضطلاع الأحزاب السياسية بدورها في مصارحة المواطنين بحقيقة الأوضاع والاستماع إلى مشاغلهم و التوفّق في ايجاد الحلول الكفيلة بتجاوز الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية».

هذا ما نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية وهو مختلف في جزئية هامة عما نشرته الصفحة الرسمية للامين العام سليم الرياحي والتي يرد فيه نص التدوينة المنشورة في صفحة رئاسة الجمهورية مع اضافة فقرة نهائية مضمونها «كما أكد الامين العام لحركة نداء تونس، أن الحركة ماضية في العمل على المصالحة مع المواطن التونسي ، وستعمل بكل الوسائل المتاحة على الحفاظ على إرادته ومنع اي محاولة للانقلاب عليها و تحقيق مطالبه في اطار احترام قواعد العمل السياسي وأخلاقياته».

فقرة لا يكتنف الغموض مضمونها، وهو ان نداء تونس اعلم رئيس الجمهورية بخطواته القادمة تجاه حكومة الشاهد/النهضة، وانه سيحول دون مرور التحوير الوزاري المرتقب وسيعمل على خلق مناخ سياسي يسمح له بمنع «الانقلاب» على ارادة التونسيين. والقصد منه إخراج النداء من الحكم والحكومة.

خطاب سيتكرر خلال الايام القادمة، وستزداد حدته اكثر، اذ يبدو ان النداء حدد معالم خطته المرحلية لمواجهة الشاهد والنهضة، وقوامها تقديم ما سيحدث على انه «انقلاب» على الشرعية تقوده النهضة رأسا وتستغل فيه الشاهد كتابع لها.

خطة يبدو انها بلورت بعد فشل الخطط السابقة التي انطلقت منذ الانصهار، وكانت اولها، خطة استمالة النهضة، فنداء تونس وقيادته الجديدة المتمثلة في سليم الرياحي دخلت في مفاوضات مباشرة مع حركة النهضة لاقناعها بامكانية استئناف التوافق بشرط التخلي عن الشاهد، واختزلت هذه الخطة في «حكومة دون الشاهد» تجمع النداء والنهضة بالاساس.

لكن فشل هذه الخطة دفعهم الى المناورة عبر لعب ورقة التفاوض غير المباشر مع الشاهد، اذ اقترحت عليه حركة نداء تونس امكانية تجاوز كل الخلافات وتركه رئيسا للحكومة ان قبل بتشكيل حكومة دون «نهضة».

والقصد من هذا هو تهيئة مناخ لاحد الأمرين، ان قبل الشاهد سيقع تسويق هذا القبول والحرص على ان تكون نهاية الرجل على يد النهضة التي ستتخلى عنه وتتركه لقمة سائغة للنداء، وهنا عدم الرفض الصريح سيكون كافيا لتسويق الامر.

اما ان رفض فهذا لا يعني ان النداء خسر بل هو استعد ليسوق للفكرة الاساسية وهي «الانقلاب»، اي ان حركة النهضة قادت انقلابا على الشرعية وعلى ارادة الناخبين حينما قامت بتشكيل حكومة دون نداء تونس، واستخدمت في ذلك اولا، يوسف الشاهد الذي بات يخدم اجندة حركة النهضة ليحقق طموحه السياسي وثانيا كتلة الائتلاف الوطني التي يعتبرها الرياحي جزءا لا يتجزأ من كتلة النهضة.

تصنيف عبر عنه الرياحي صراحة حينما اعتبر ان الكتلة الاولى في المجلس اليوم هي كتلة النهضة بـ107 نواب، 68 نائب نهضاوي الى جانب نواب كتلة الشاهد التي تصنف كـ«كتلة إضافية لحركة النهضة» التي يشدد النداء على ان النهضة ساهمت في تكوينها.

وليس فقط نواب كتلة الائتلاف الوطني متهمين بالولاء للنهضة، بل وزراء حكومة الشاهد دون استثناء، فالحكومة اليوم هي حكومة النهضة وفق نداء تونس، وهذا يجعل كل الوزراء نهضاويين، اما بالانتساب او الولاء. واصحاب الوصف الثاني هم من الوزراء الموالين لرئيس الحكومة على حساب نداء تونس.

عنصر اضافي يشرح ما سيقع لاحقا، فالنداء يريد ان يسحب البساط من تحت وزرائه ان ظلوا في حكومة الشاهد الجديدة، وهذا يعني ضمنيا انه ووجه برفض الوزراء للمغادرة فاختار ان يستبق ويضعهم في خانة الخونة قبل ان يتخذ الخطوات القادمة في حربه التي ستتخذ عنوان «الحرب على الانقلاب».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115