عملية «انتحارية» بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة: اللجوء إلى النساء لتنفيذ عمليات ارهابية

في حدود الساعة الواحدة وخمس وخمسين دقيقة بعد زوال يوم امس، دوى صوت انفجار هز شارع الحبيب بورقيبة

بالعاصمة على بعد اقل من 200 متر من مقر وزارة الداخلية، و معه هز بقية البلاد عندما اكتشف سبب هذا الانفجار ومن قام به، فتاة على أعتاب الثلاثين من عمرها قامت بعملية انتحارية.

«سمعت دويا قويا على بعد أمتار من مكان وقوفي أمام...» هذا ما يردده جل شهود العيان الذين كانوا على مقربة من التقاطع الذي يفصل ثلاثة شوارع، الحبيب بورقيبة ، قرطاج، وأخيرا باريس، قبل أن تتضح الصورة أكثر.

الصورة تتضمن جثة لفتاة تعرضت لتشويه وبتر بعض أجزاء جسمها خاصة في منتصفه، عدد من أعوان الأمن مصابون بجروح غير خطيرة نجمت عن تفجير على بعد نصف متر من سيارتي امن كانتا رابضتين فوق الجادة التي تتوسط شارع بورقيبة وتحديدا أمام مبنى البلمريوم ونزل الهناء الدولي.

هذا التفجير الذي نتج عن حزام ناسف يدوي الصنع كانت ترتديه الانتحارية، عبئ بمسامير بهدف إحداث ضرر اكبر، قامت به منى قبلة وفق ما اتضح لاحقا، وهي فتاة أصيلة منطقة سيدي علوان بالمهدية، غادرت منزل أسرتها يوم السبت الفارط وحلت بتونس الكبرى لتنفذ عمليتها الانتحارية.

عملية لم تسفر إلا عن مقتل منفذتها وإصابة 9 أشخاص بجروح غير خطيرة، 8 امنيين ومدني، ولكنها أنهت حالة «الاستقرار» الأمني التي عاشت على وقعها البلاد منذ جويلية الفارط، وقدمت عدة مؤشرات جديدة غير «مريحة».

هوية المنفذة...مفتاح العملية.
أول المؤشرات التي وجب الوقوف عليها في العملية التي جدت يوم امس، هي الفتاة ذات 30 سنة تقريبا، والتي حلت بمكان ما في تونس الكبرى قبل يومين من تنفيذ عمليتها، وهذا يبين ان بقية القصة لدى من استقبلها وقام بنقلها الى شارع الحبيب بورقيبة.

فضيق الوقت، بين يوم السبت الفارط ويوم الاثنين، مع ما أعلنته اسرتها من انها لم تغادر منطقتها لاكثر من سنة، يبين ان الفتاة حلت منذ يوم السبت بنية تنفيذ عملية إرهابية انتحارية، اي انها خضعت لعملية إعداد نفسي لها قبل حلولها.

وهذا يفتح الباب أمام احتمالين، الأول يظل ضعيفا نسبيا، وهو تأهيل عبر الانترانت، وسبب ضعفه ان تنفيذ مثل هذه العمليات يتسم بقدر من الدقة في اختيار المنفذ وإعداده نفسيا، فهذا يحتاج إلى إحكام السيطرة على الانتحاري وإخضاعه لسيل من النصوص والفتوى الدينية مع استعمال هشاشة نفسية يعانيها لإقناعه أكثر.

الاحتمال الثاني وهو الأقرب، ان الفتاة وقع إعدادها من قبل خلية إرهابية بشكل مباشر، وهذا يجعل من الضروري العودة لمنطقتها ومعرفة آخر اتصالاتها خلال الأشهر الثلاثة الفارطة، وخاصة الأسبوع الفارط. فالاتصالات ستكشف عن بعض المتعاونين معها، سواء في منطقتها او في تونس الكبرى، أين وقع استقبالها وإيواؤها لتجهيزها لتنفيذ عمليتها، التي قد تكون أعلمت بمكانها وموعدها يوم أمس.

أول انتحارية
منذ 2012 والي غاية يوم أمس، شهدت تونس أربع عمليات انتحارية، الأولى وقع إلقاء القبض على الانتحاري في روضة ال بورقيبة بالمنستير، قبل تفجيره لنفسه، الثانية انتحاري فجر نفسه في شاطئ بوجعفر بسوسة، والثالثة عملية محمد الخامس التي كانت قبل ثلاث سنوات.

عملية يوم أمس هي الرابعة، لكن لأول مرة تكون شخصية الانتحاري امرأة، وهذا يمثل تحديا امنيا جديدا، فرغم إعلان وزير الداخلية عن ان «العملية منفردة وبدائية»، إلا أنها على العكس تماما، هي عملية مدروسة ووقع الاستعداد لها.

دلائل الاستعداد للعملية تبرز من هوية المنفذة التي لم تكن مسجلة لدى أجهزة الأمن كمتشددة دينيا أو متعاطفة مع الإرهاب، أي أنها لم تكن محل تتبع امني إطلاقا، ويبدو ان مثلها العشرات، اللاتي سيكن سلاح الجماعات الإرهابية الجديدة.وهنا الخطر، إن توجهت ان هذه الجماعات الإرهابية الى التعويل على النساء في المرحلة القادمة وذلك لاستغلال عدم تصنيفهن كمشتبه بهن مما يسمح بتتبعهن امنيا، كما ن هذه الفئة المستهدفة، وعلى غرار انتحارية يوم امس، يمكن التاثير عليهن واستعمال «رغبتهن» في القيام بعمل لدفعهن إلى ارتداء احزمة ناسفة وتفجير أنفسهن. اللجوء الى النساء سيكون مقترنا بالعمليات الانتحارية التي لا تحتاج الى تدريبات مخصصة، فقط تهيئة نفسية واقناعهن بما يعتبرونه شهادة.

الحزام الناسف
رغم قوة صوت الانفجار إلا أن أثاره على السيارتين تبين انّ الحزام الذي لم تحدد بعد المواد المستخدمة في صناعته، لم يكن شديد التأثير، وهو ما علق به قيادي امني أكد ان «ضعف» المواد المتفجرة حالت دون وقوع قتلى. هذا الضعف يكشف ان صانعيه يواجهون اما صعوبة في توفير مواد شديدة الانفجار او انهم غير متمكنين بعد من صناعته، لكن في الحالتين يكشف عن توجه جديد بتنفيذ عمليات انتحارية تستهدف الامنيين في الشوارع او اي مكان لتجمعهم، حتى وان ادى هذا لوقوع ضحايا من المدنين. توجه تكشفه الآثار التي ملأت جثة الانتحارية او بقاياه المنتشرة في محيط مكان التفجير، اضافة الى المسامير التي وجدت سواء على جسم السيارتين او في محيط التفجير.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115