مما يجعلها تكسب المزيد من الوقت في تحديد علاقتها بالشاهد الذي اتفقت معه على ان يكون اجراء التحوير الوزاري اثر المصادقة على قانون المالية.
مرة اخرى يعلن رئيس الجمهورية ان «توافقه» مع النهضة انتهى رغم ما حققه نسبيا، وهذه المرة كان الاعلان من أرمينيا في حوار صحفي مع قناة «فرانس24» حيث شدد الباجي قائد السبسي على ان التوافق لا يصلح لكل مكان وزمان، بما يعني ان صلاحية التوافق انتهت.
اقرار من الرئيس ان توافقه مع النهضة بات في حكم الماضي ليس بالامر الجديد فالرجل ومنذ سبتمبر الفارط اعلن هذا وكرره في مناسبات عدة، اخرها البيان الصادر عن الناطقة الرسمية لحركة نداء تونس.
القطيعة النهائية التي اعلنها قائد السبسي لم تحسم النهضة بعد كيف تتعاطى معها، فرغم محاولاتها الحؤول دون ذلك والبحث عن مخرج غير القطيعة، فان الرئيس رفض على ما يبدو اية مبادرة منها، بل انه وبشكل صريح اعلن أن أي ثمن للعودة لن يقبل مهما كان، وان القطيعة امر لا رجعة فيه، خاصة وان السنة الانتخابية انطلقت.
اسباب هذا الموقف الحاسم من الرئاسة لم تتضح بعد، وان ظلت الاستنتاجات هي من تملأ الفراغ، في ظل مساعي من النهضة على الحدّ من «اثار» القطيعة او امتدادها مع الرئاسة، فالنهضة ووفق ناطقها الرسمي كانت ولاتزال تعتبر «التوافق هو السياسة العليا للحزب» وما بيان الدورة الأخيرة للشورى الا تاكيد على ذلك وفق قوله.
توافق تحرص النهضة على ان يكون مع كل القوى الوطنية المؤمنة بانجاز الانتقال الديمقراطي، وتنزيل الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية على ارض الواقع مع وضع البلاد على سكة الانتخابات الرئاسة والتشريعة القادمة.
النهضة التي تبحث عن التوافق مع الجميع سترد ايجابيا على كل يد تمتد اليها بهذا المعنى، وفق عماد الخميري، الذي يعتبر ان الحركة لا تزال تكبر دور الرئيس في الاستقرار السياسي حتى وان اختلف التقييم معه بشأن مصير الحكومة والشاهد.
اختلاف قابله اعلان الرئيس عن نهاية التوافق، وقابلته النهضة بالتمسك بعلاقة جيدة بالرئيس، فهو وفق الدستور وقناعة الحركة فوق الاحزاب وعلى مسافة واحدة منها، اي انه لم يعد رئيسا لاي حزب منها ولا خصم/عدو لاخرى. لهذا فالنهضة تريد علاقة ايجابية معه.
علاقة مفادها عدم قطع المشاورات معه او اللقاءات والبحث عن ارضية مشتركة في النقاط الخلافية، وتدرك ان الباجي قائد السبسي قد يكون مستعدا لهذا، فتلوح بورقة الدستور التي تفرض على الرئيس ان يكون «رمزا للوحدة الوطنية» وان يكون رئيس كل التونسيين والتونسيات وان تكون علاقته مع الاحزاب ايجابية.
ايجابية العلاقة ستتضح خلال الايام القادمة وهل سيعقد الرئيس لقاءات تشاورية مع رئيس الحركة بشكل دوري وشبه اسبوعي ام سيقتصر على لقاءات بروتوكولية، وهو الذي قال ان نقطة ضعفه هي انه يقابل «الصالح والطالح».
في انتظار ما ستؤول اليه الاوضاع مع الرئيس يبدو ان النهضة لم تشأ ان تحرق مراكبها مع الشاهد وان تتمسك باجراء تحوير وزاري قبل مناقشة قانون المالية كما كان يعلن قادتها اثرمجلس الشورى، فرئيس الحركة وفي لقائه بالشاهد قبل يومين اتفق معه على ان يجرى التحوير الوزاري اثر المصادقة على القانون، وفق عماد الخميري.
تاجيل للحسم يهدف الى منح الشاهد حيزا زمنيا لترتيب اوراقه مع تعهد من رئيس النهضة راشد الغنوشي بدعم الحركة في المشاورات ومحاولة اقناع اطراف سياسية بالمشاركة في الحكومة او توفير ظروف نجاح عملها خلال الاشهر القادمة.
فالنهضة وهي تدرك ان الشاهد له مطامح بخوض انتخابات 2019 بمشروع سياسي لم يحدد بعد، وكانت النهضة تريد ان يوضح الرجل مشروعه واهدافه، قبل ان تؤجل عرض الطلب وحزمة الاسئلة المرتبطة به ايضا.