بعد مطالبة الرحوي بتغيير قيادة الجبهة في شخص حمة الحمامي الذي يشغل خطة ناطق رسمي باسمها. أزمة يبدو أنها قد تغير الأمور داخل الجبهة، أو من الممكن تداركها في القريب العاجل، في انتظار عقد الندوة الوطنية للجبهة.
يبدو أن الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد، لم تقتصر على الحكومة ولا أيضا على مجلس نواب الشعب، ولا حتى الأحزاب الحاكمة، فالشق الأبرز من المعارضة أي الجبهة الشعبية تعاني بدورها من صعوبات وخلافات داخلية قد تتسبب في تفككها أو انفصال أحد أهم أعمدتها أياما قليلة قبل مؤتمر حزب العمال. الخلافات التي ضربت الجبهة الشعبية انطلقت بتصريح لإحدى الصحف الأسبوعية للنائب والقيادي في الجبهة منجي الرحوي دعا فيه إلى ضرورة حسم المسألة التنظيمية وتطوير هيكلة الجبهة على غير صيغة تجميع الاحزاب وتغيير الزعامة، معتبرا أنه في هذه الحالة من الممكن أن لا تحصل الجبهة خلال الانتخابات القادمة على عدد النواب الذي حصلت عليه في انتخابات 2014 خاصة إذا تغيّر القانون الانتخابي والعتبة.
«مسألة غير مطروحة حاليا»
تصريح الرحوي تسبب في أزمة داخل الجبهة الشعبية على حد تعبير البعض، وإن كانت هذه الأزمة موجودة فعليا منذ انتخابات 2014، إلا أنها لم تخرج إلى العلن أو أمام الرأي العام مثل هذه المرة. خصوصا وأن الرحوي حسب ما اعتبره البعض داخل الجبهة كثيرا ما تسبب في مثل هذه الأزمات على غرار الدعوة إلى الانضمام إلى حكومة يوسف الشاهد، ورغبة الرحوي في الالتحاق بها إلا أنه عدل عن موقف نتيجة ضغط قيادات الجبهة، ثم الدعوات للتصويت لفائدة الباجي قائد السبسي في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي اعتبره الجيلاني الهمامي مسألة تم التعود بها. في هذا الإطار، كثر الحديث مؤخرا عن إمكانية مناقشة وضعية حزب العمال والوطد الموحد داخل الجبهة خصوصا وأنه من المنتظر أن يتم عقد الدورة الرابعة للمجلس الوطني لحزب العمال من 18 الى 22 ديسمبر القادم، الذي قد يناقش مسألة مثل هذه الخلافات. وقال الناطق الرسمي باسم حزب العمال، الجيلاني الهمامي لـ«المغرب» أن المنجي الرحوي كثيرا ما يسعى إلى التشهير وافتعال المشاكل من أجل جلب الأضواء إليه وذلك على حساب الجبهة الشعبية، مشيرا إلى أنّ ما يدعو له ليس له أي صدى داخل الجبهة الشعبية ولا حتى بين الأمناء العامين للجبهة ولا ايضا داخل المجلس المركزي. واضاف الجيلاني الهمامي أن التمشي الموجود حاليا يتمثل في نقاشات مطولة من اجل تعميق النظر في البرنامج العام وفي جملة من الاجراءات التي تواجه الحكومة الحالية، وفي اعداد التصور لكيفية خوض الاستحقاق الانتخابي القادم والملفات في القضايا المطروحة.
وبخصوص الحديث عن تجديد قيادة الجبهة، فقد بين الهمامي أنه سيتم عقد الندوة الوطنية للجبهة قبل موفى هذه السنة، وذلك من أجل الدخول منذ بداية سنة 2019 بحلول تنظيمية لهيكلة الجبهة وتجديد خطابها السياسي والدعائي، والتداول على المسؤوليات داخل الجبهة سواء بالانتخاب أو التوافق، خصوصا وأن المسألة ليست محل خلاف داخل الجبهة. وأكد على أن الجبهة الشعبية اليوم عمرها 6 سنوات نضجت بما فيه الكفاية لتتناول مهماتها وواجباتها تجاه الشعب التونسي بقدر كبير من الوحدة في صفوفها. مبينا أن الإشكال يكمن في ان المنجي الرحوي يطرح قضية في غير اوانها لان كافة مكونات الجبهة منكبة على إعداد البرامج والخطة الدعائية وتجديد الهياكل القيادية استعدادا للندوة الوطنية، مشددا في نفس الوقت على أن علاقة حزب العمل بالوطد علاقة جيدة وليس فيها حتى ازمة، وعلاقتها بالامين العام والمكتب السياسي وفي المجلس طبيعية.
أزمة عابرة أم موقف شخصي
مطالب تغيير قيادات الجبهة الشعبية العليا منها، يبدو أنها لا تقتصر على تصريح منجي الرحوي فقط، بل باتت مطلبا أغلبيا بين مختلف مكونات الجبهة أو ربما مجرد أزمة عابرة تعبر عن توجهات شخصية لا غير. حيث صرح القيادي بالجبهة المنجي الرحوي لـ«المغرب» أن البعض داخل الجبهة الشعبية لا يقنعهم واقع الجبهة بأنها لديها مشكل قيادي وان هذه القيادة لا تستطيع النفاذ الى التونسيين. كما أضاف أن هؤلاء الأشخاص لا يرون نتائج سبر الآراء والانطباع العام لدى اغلب الشعب حول الجبهة الشعبية، لذلك يجب تغيير هذا الواقع من أجل أن تكون الجبهة الشعبية البديل أمام تسلط كل من حركتي نداء تونس والنهضة.
في المقابل، مثل هذه الدعوات بتغيير قيادات الجبهة الشعبية تلتها انتقادات من حزب العمال الذي اعتبر أن الرحوي يسعى لمنافسة حمة الهمامي على منصب الناطق الرسمي باسم الجبهة، الأمر الذي نفاه الرحوي تماما معتبرا أنه لا يرغب في منافسة الهمامي بل بالعكس فقد رشح كلا من رئيس كتلة الجبهة في البرلمان والناطق الرسمي لحزب الطليعة العربي الديمقراطي أحمد الصديق وأيضا الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد زياد لخضر، باعتبار أن الجميع يقر بانه يجب تغيير القيادة الحالية مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الأمر لا يمس من نضالية حمة الهمامي. واضاف أن القيادة داخل الجبهة الشعبية كان من المفروض أن تكون دورية حسب ما تم الاتفاق عليه سابقا، لكن تم تأجيل انعقاد المؤتمر في مناسبتين مع تأخير بسنة تقريبا الأمر الذي يجعل من تغيير القيادة أمرا مستعجلا دون عقد مؤتمر.
اختلافات في وجهات النظر بين مختلف قيادات الجبهة الشعبية بخصوص ما حصل، في انتظار المواقف الرسمية تجاه ما ورد على لسان المنجي الرحوي، قد تترجم سواء من خلال عقد المؤتمر لحزب العمال أو الانتظار إلى حين عقد الندوة الوطنية للجبهة.