حركة النهضة، إذ إن الإشارات الصادرة عن عدد من القادة تفيد بشكل جلى ان النهضة ستشهد الى حين حلول مؤتمرها الحادي عشر نقاشات محتدمة عن «هيكلتها» القادمة وبالأساس حول الموقع القيادي الرئيسي ماذا يكون، رئيس الحركة ام مكتبها التنفيذي؟؟
السياسة يعرفها البعض على انها فن الممكن، اي انك مطالب باستغلال الاحداث والمواقف لصالحك ولصالح «مشروعك»، وهنا أفضل مثال هو كيف جعل القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي من جدل المساواة في الميراث منصة لطرح النقاش عن مستقبل الحركة.
بشكل غير مباشر ولكنه واضح يشير المكي إلى أن موقف الحركة من ملف الميراث سيحدد بتأثير كبير من رئيس الحركة، مثل بقية القضايا الحساسة التي حسم فيها «اجتهاد الرئيس» الأمر في ظل تعثر حسمه في مجلس شورى الحركة لعدة اسباب.
المكي وهو يفتح هذا القوس يعلن بشكل لا يبدو انه غفل عنه، عن إحياء «سباق خلافة» الغنوشي على رأس دفة قيادة الحركة، هذا السبق الذي انطلق قبل مؤتمر الـ10 المنعقد في ماي 2016، ومعه برزت الخلافات علنيا في حركة عرف عنها انضباطها الداخلي وعدم بروز تصدعاتها للعلن.
من سيكون على رأس الحركة بعد رحيل راشد الغنوشي الذي وبحكم النظام الداخلي الجديد سيغادر الحركة مع حلول سنة 2020 بعد أن يكون قد ترأسها لدورتين متتاليتين وفق ما يحدد القانون.
هذا التحديد كان النصر الذي حققه الشق المعارض للغنوشي بعد أن قدموا جملة من التنازلات منها مسألة انتخاب المكتب التنفيذي عوضا عن تعيينه من قبل الرئيس وغيرها من نقاط اخرى لم تثرها الاحداث كما النقطة الاولى.
إذ مع حلول نصف المدة النيابية في الحركة أطل القيادي عبد اللطيف المكي، المحسوب على الشق المعارض للغنوشي، وقالها بشكل صريح الحركة تحتاج إلى تسيير جماعي وليس فرديا، ليشرح أن هناك فرقا كبيرا بين حركة سياسية يقودها «مكتب سياسي/ مكتب تنفيذي» منتخب بشكل مباشر من المؤتمر وبين حركة سياسية يقودها رئيسها، والفرق هو مسار اخذ القرار فمن نقاشات وقرار جماعي الى «قرار» فردي.
الفرق يتعاظم خاصة ان الحركة التي تقاد بنظام رئاسي تنشط في بلد يمر بانتقال ديمقراطي يستوجب من الأحزاب ان تدير قضاياها الخلافية والملفات الجديد ةبالنقاش الجماعي مع إصدار قرار بعد اجتهاد جماعي لتجنب «الزلات والأخطاء». هنا وان لم يعلن المكي عن الزلات التي يقصدها فانه بشكل شبه قاطع يلمح الى قانون المصالحة الادارية او غيره من القضايا التي برز فيها تباين في المواقف بينه وبين الحركة.
المكي عبر خلال اليومين الفارطين عن وجة نظر طرحت من قبل في الحركة ووجدت اليوم لها مبررات للعودة، وهي الاستفادة من اي موقف يعرب عنه رئيسها راشد الغنوشي لاحقا من مسألة المساواة في الميراث للدفع اكثر الى تطبيق الهيكلة المثلى من وجهة نظر مجموعة لاباس بها من قادة الحركة.
هذه الهيكلة الجديدة يراد من خلالها ان يكون المكتب التنفيذي هو «الحجر» الاساس في صياغة قرار الحركة وتنزيل مواقف الشورى، وهذا المكتب متسع ليشمل ما بات يعرف بالروافد في الحركة، وهي متحركة ومتغيرة، على عكس الهيكلة الحالية القائمة على رئيس الحركة.
النهضة ومنذ المؤتمر التاسع لها كانت تناقش نقطة اساسية وهي ما مصير الحركة بعد رئيسها وزعيمها ومن سيسيرها بعد الغنوشي، الاسماء طرحت وتساقطت تباعا ليتضح للمجموعة التي تقف مقابل الشيخ ان افضل خليفة للغنوشي هو «مكتب تنفيذي».فهذا يعني قيادة جماعية يمكن ان تشمل قرابة العشرين من قيادات الحركة الاكثر تاثيرا.
طموح يسعى العديدون في حركة النهضة الى تنزيله، يبرزون وسيبرزون خلال السابيع القادمة بمواقفهم وتصريحاتهم، فان كان الجميع منشغلا بـ2019 ففي الحركة من هم اكثر انشغالا بـ2020.