ما بين اتحاد الشغل والأعراف: الموقف من الحكومة أم المفاوضات سبب التصعيد؟

منذ 2013 لم يستخدم الاتحاد العام التونسي للشغل «كلمات» قاسية تجاه شريكه الاجتماعي اتحاد الصناعة والتجارة، لكن

هذا انتهى مع بيان مجمع القطاع الخاص، فتح باب التأويل بشان توتر العلاقة بين المنظمتين، والسبب الفعلي لهذا التوتر الذي جاء اثر تعديل الأعراف لموقفهم من الحكومة.

مع حلول النصف الثاني من سنة 2013 تقلصت المسافات بين اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف في ظل قيادتيهما السابقتين، اللتين اختارتا ان تؤجل خلافاتهما قليلا للتفرغ لإدارة الحوار الوطني صحبة منظمتين وطنيتين اخريين.

مذّاك التاريخ لم تشهد العلاقة بين المنظمتين الاجتماعيتين اي توتر حاد يتجاوز «غرفة» التفاوض، الى حين حلول الـ7 من أوت الجاري تاريخ ما قد يكون بداية انفكاك التحالف بين المنظمتين، خاصة على الصعيد السياسي، فطيلة الأزمة السياسية الراهنة، حرصت المنظمتان على توحيد مواقفهما او على الأقل تجنب الصدام بينهما.
لكن بيان مجمع القطاع الخاص التابع لاتحاد الشغل وما تضمنه من اتهامات لمنظمة الأعراف كان بمثابة إعلان قطيعة وفتح الباب لتأويلات تبحث عن السبب الفعلي للتوتر في العلاقات، هل هو المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص ام الموقف الجديد للأعراف بشان مصير حكومة الشاهد؟.

سامي الطاهري، عضو المكتب التنفيذي والناطق الرسمي باسم الاتحاد، يوضح هذه النقطة ليشدد على ان لا علاقة لموقف الأعراف الجديد من الحكومة بموقفهم منها في ملف المفاوضات، قائلا أن الاتحاد « لا يخلط بين المواقف السياسية والمفاوضات الاجتماعية». ليوضح هنا ان وفد اتحاد الشغل لم يلمس جدية في التفاوض من قبل وفد الاعراف.

حدة خطاب البيان الصادر عن مجمع القطاع الخاص يفسرها الطاهري بأنها مرتبطة بالمطالب الحياتية للأجراء، في ظل نفاد صبر الوفد المفاوض للاتحاد على سير المفاوضات منذ افريل الفارط.

الطاهري لم يفته ان يشدد على ان اتحاد الشغل لم يغير موقفه من الأعراف بسبب موقفهم من حكومة الشاهد، فالأعراف بعد ان كانوا يطالبون بتغيير كلي للحكومة عدلوا من هذا الطلب في ماي الفارط، وهذا ما اشار اليه الطاهري بقوله ان الاتحاد ان اراد ان يغير مواقفه من الأعراف بسبب تغير موقفهم من الحكومة لكان ذلك منذ ماي الفارط ولكن هذا لم يحدث وفق تاكيده، بل العكس منظمة الأعراف كانت ضيفا مبجلا وفق قوله في التظاهرة التي أحياها الاتحاد بجزيرة قرقنة منذ ايام.

نفي اعتماد الاتحاد للمفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص كورقة ضغط على الاعراف ليعدلوا موقفهم الأخير من الحكومة ويلتحقوا بالاتحاد في رفع مطلب تغييرها الشامل، هو ما حرص الطاهري على تأكيده في أكثر من مرة، فالاتحاد لا «يخلط بين العلاقات التاريخية والمواقف السياسية والالتزامات الاجتماعية».

فالالتزامات هي التي حدد موقف الاتحاد الاخير من الاعراف وهي التي تحدد موقفه من كل الاطراف على غرار الحكومة، فان لمس الشغالون عدم جدية الوفد المفاوض او تعمده عرقلة المفاوضات وتمطيطها والاستخفاف بالمطالب المقدمة من وفد الاتحاد، يتخذ موقفا مشابه للموقف المعبر عنه وبذات الخطاب الحاد.

حدة الخطاب فرضها استيفاء الاجال ونفاد صبر مجمع القطاع الخاص الذي قال الطاهري انه عبر عن موقفه بشان المفاوضات دون خلفيات، والقصد من الخلفيات مرة اخرى هو ملف الحكومة والتلميحات بان الموقف الاخير ورقة ضغط.

هنا يقول الطاهري ان اتحاد الصناعة والتجارة منظمة مستقلة وتقدم موقفها بكل استقلالية عن اتحاد الشغل والاحزاب التي تضغط عليها من الداخل والحكومة التي تمارس الضغط عبر لوبيات لها، بل ويعتبر ان قوة اتحاد الاعراف في استقلاليته. مع الاشارة الى ان الاتحاد يدافع عن استقلالية المنظمات الوطنية فهو من ساهم في 2011 و2012 في الدفع من اجل اقرار استقلالية المنظمات.

هنا يختم الطاهري ايضاحاته بشان سبب الموقف الاخير للاتحاد من الاعراف، ليشير الى ان القصد ليس الضغط لتغيير الموقف السياسي وانما الضغط لاستئناف المفاوضات بجدية، فمن التقاليد النقابية ان يقع اللجوء الى وسائل ضغط كلما تعثرت المفاوضات على الطاولة.

لكن ما يعلنه الطاهري ومن خلفه جل قيادات الاتحاد عن انه لا ارتباط بين تصعيد حدة الخطاب وما طرأ على موقف الاعراف من الحكومة، لا يحجب حقيقة ان الاوضاع ترتبط ببعضها وان بشكل غير مباشر.

فالمنظمتان ووفق ما تعلنه قياداتهما كانتا حريصتين على ان يكون سير المفاوضات بينهما سلسا في ظل تناغم مواقفهم السياسية، وهذا تجلى في المرحلة الاولى للمفاوضات التي كانت في مارس الفارط، اي قبل ان تنقلب المعطيات المتعلقة بملف الحكومة.

اليوم ومع انقلاب موازين القوى يبدو ان الاتحاد فقد اسباب الحفاظ على سلاسة التفاوض وبالمثل منظمة الاعراف، لهذا تسارعت وتيرة الصدام ويبدو انها قد تشهد تطورات جديدة لن يكون المعطى السياسي بمعزول عنها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115