صالحه منذ اجتماع قصر باردو الأسبوع الجاري، فالنداء أعلن ان ما لا يقل عن 20 نائبا لن يمنحوا الثقة للوزير الجديد والسبب ما أتاه الشاهد نفسه، مما يجعل الحسابات أكثر تعقيدا، ليكون عدد النواب المحدد لمآل الأمور لا يتجاوز عدد أصابع اليد.
قبل اعلان رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال عن مجريات الجلسة التي خصّصتها كتلته امس لتحديد موقفها من منح الثقة لوزير الداخلية، كان يوسف الشاهد اقرب مما ظن البعض من تمرير تحويره الوزاري الجزئي ومن خلفه حكومته في جلسة اليوم.
فما كان ينقص الشاهد هو ضمان دعم كتلتين اثنتين، الكتلة الحرة لمشروع تونس وكتلة الاتحاد الوطني الحر لتوفير حظوظ مريحة لوزيره هشام الفوراتي، فقد ضمن قبل ذلك دعم كتلة النهضة وظن انه مدعوم من كتلة حزبه، نداء تونس.
لكن السياسة لا تدار بالظنون، فظن الشاهد عاد عليه بالويل، فغفل عن اجراءات كان يمكن ان تجنبه الموقف الجديد للكتلة، حيث ان ابن النداء اعتقد ان اللقاء الذي جمع بين رئيس الجمهورية وكتلة حزبه انتهى بحسم كل شيء لصالحه، وانه بات غير مطالب بالحرص على ضمان هذا الدعم لوزيره وللحكومة.
هنا غفل الشاهد او تغافل عن ما يمكن اعتباره خطأه القاتل، ان لم يقع التدخل لحلحلة الامور، وهو اعلام كتلته بخياره على الاقل مدام لم يتشاور معها، فالشاهد لم يعلم كتلة حزبه بخياره لهوية خليفة لطفي براهم لتعلم الكتلة ولأحزاب كغيرهم من المتابعين للمشهد عبر بيان رسمي وليس كفاعلين يقع استشارتهم وإعلامهم من قبل.
هذا السوء في التقدير من جانب رئيس الحكومة، او ربما ارتياح لنصر لم يتحقق بعد، احدث حالة من الغضب خاصة في صفوف انصاره في الحزب والكتلة الذين دافعوا عنه خلال الاسابيع الفارطة وصدوا هجوم نجل الرئيس، ما زاد الطين بلة هو علم الكتلة والحزب بان الشاهد قد تشاور واعلم حركة النهضة باسم مرشحه لمنصب وزير الداخلية.
اعلام جعل قسما من نواب الحزب الداعمين له يخيرون توجيه رسالة جديدة للشاهد، مفادها نحن لسنا كـ«عسكر زوارة» يزجون في الصفوف الامامية في الحرب ويقع نسيانهم بعدها، وان الدعم غير المباشر من رئيس الجمهورية، الذي اعرب عنه في لقاء الثلاثاء الفارط، لن ينجيه ان اخطأ التقدير.
خطأ كلفه غضب شقه الداعم في الكتلة الذي صوت جزء منهم ضد منح الثقة للوزير الجديد، وهذا ما أعلنه سفيان طوبال، احد الغاضبين من الشاهد، بقوله ان نتيجة التصويت صلب الكتلة على قرار منح الثقة لوزير الداخلية انتهى بان صوت 24 ضد منح الثقة وصوت 12 مع منحها فيما احتفظ 6 وغاب عن الجلسة 14.
غضب يبدو ان الشاهد لايزال يمتلك وقتا لإنهائه، وهذا ما كشفت عنه تدوينه للمتحدثة باسم الهيئة السياسية انس حطاب، على صفحتها الرسمية على الفايسبوك، حينما أشارت إلى ان حوالي 20 نائبا من الكتلة قرروا ان يمنحوا الثقة للوزير.
تحركات الشاهد لوأد غضب داعميه قد تكون هي طوق نجاته ومرور وزيره، فان ضمن الرجل دعم كتلة النهضة وكتلة الوطنية، و20 نائبا من النداء فانه لايزال بحاجة إلى 12 نائبا على الأقل لمرور وزيره، دون انتظار ما ستفضي اليه النقاشات صلب الكتلة الحرة لمشروع تونس وكتلة الاتحاد الوطني الحر.
فهاتان الكتلتان اجتمعت كل منهما أمس، مع أمينها العام على غرار الكتلة الحرة، او المكتب السياسي على غرار الاتحاد الوطني الحر، الى ساعات متأخرة من المساء لتحديد الموقف النهائي والملزم ان تعلق الأمر بمنح الثقة لهشام الفوراتي من عدمه.
حركة مشروع تونس التي توجه أمينها العام محسن مرزوق الى البرلمان ليجتمع ب20 نائبا من كتلته، تختلف فيها الاتجاهات، فجزء منها مع منح الثقة فيما الجزء الآخر يرفض، والذي سيحدد هو الأمين العام والخطاب الذي سيحمله.
من جانب اخر ينقسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الحر بين رافض لمنح الثقة ومؤيد لها وكل من الطرفين له حججه للقبول والرفض، وهذا جعل الكتلة المكونة من 12 عضوا في حالة انتظار للقرار الذي سيحدد كيفية تصويتهم.
مسألة مرور وزير الداخلية الجديد ومنح الشاهد ورقة لعب جديدة يحسم بها كل ازماته، سواء ازمة الحكم او الازمة الحزبية، يبدو انها ستظل حمالة للتشويق الى حين فرز الاصوات في مجلس النواب بعد جلسة لن تكون بالهينة قد تحسم اي خيار بفارق ضئيل في الاصوات.