قبل يوم من اجتماع لجنة قرطاج وبعد تصريحات الطبوبي في مؤتمر منوبة: هل يغادر اتحاد الشغل وثيقة قرطاج ؟

سبعون ألف خط أحمر أمام التفويت في القطاع العام، فشل ذريع للحكومة، كل المؤشرات في انحدار، البلاد انزلقت إلى ما لا تحمد عقباه، شيطنة

الاتحاد، مؤمرات ضدّ الاتحاد، الأذهان متوجهة نحو قصر قرطاج، ضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة، الاتحاد لن يكون شاهد زور..» مفردات حافظ عليها الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في كل خطاباته في عديد التجمعات العمالية في سوسة وبنزرت وصفاقس وقفصة والتي توجت بخطاب عام يوم عيد الشغل إلى جانب الزيارات الميدانية إلى بعض المنشآت العمومية، وكذلك ذاتها في المؤتمرات التي أشرف عليها في كل من الحمامات والمهدية لكن الجديد في خطابه أمس كان التهديد بمغادرة وثيقة قرطاج، تهديد يأتي قبل يوم من اجتماع لجنة قرطاج وذلك للضغط العلني والإعلامي على رئاسة الجمهورية من ناحية باعتبار أن فكرة تكوين حكومة وحدة وطنية ووثيقة قرطاج كانت من رئيس الجمهورية وعلى رؤساء الأحزاب السياسية خاصة الحزبين الأولين، نداء تونس والنهضة من ناحية أخرى.

تهديد اتحاد الشغل بالانسحاب من وثيقة قرطاج يمكن اعتباره بمثابة لي الذراع والمقايضة، إما الموافقة على كل خياراته في علاقة خاصة بالتحوير الوزاري وتنفيذ الاتفاقيات بما فيها المبرمة منذ 2011 خاصة منها التي تنص على اعتبار مهنة التدريس مهنة شاقة وتمتيع اساتذة التعليم الثانوي بمنحة في هذا الشأن هذه النقطة كانت ورقة الاتحاد لاقناع جامعة التعليم الثانوي برفع قرار حجب الأعداد، لهذا فهو مصر على هذه النقاط، أو الخروج من وثيقة قرطاج، وهذا يعني انهيار وثيقة قرطاج باعتبار أن اتحاد الشغل من أكبر الداعمين لها بتأكيد رئيس الجمهورية في حوار سابق له كون وثيقة قرطاج لا معنى لها دون دعم أكبر المنظمات الاجتماعية المتمثل في الاتحاد العام التونسي للشغل.

ضغط علني وإعلامي من اتحاد الشغل
بخروج الاتحاد العام التونسي للشغل من وثيقة قرطاج وفقدان الحكومة أكبر داعم لها، ستكون البلاد في قادم الأيام في حرب باردة بين السلطة التنفيذية والاتحاد في مرحلة جد حساسة لا تتحمل فيها البلاد المزيد من التصادمات والصراعات، وبذلك فإن اتحاد الشغل يحاول قدر المستطاع الضغط العلني والإعلامي من أجل تحقيق كل خياراته وبذلك ترضية قواعده، فهو يستبق اجتماع الغد ويضع النقاط على الحروف قبل إقرار أي خطوة، لينزل بثقله ويضع شروطه مسبقا، تهديد وضغط سيضع رئاسة الجمهورية في موضع حرج بين الاستجابة لخيارات الاتحاد خاصة وأن رئاسة الجمهورية في مشروع وثيقة قرطاج 2 قد قدمت مقترحين، الأول، تنقيح القانون الانتخابي وثانيا تنقيح عدد الأصوات المطلوبة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وحسب المشروع اتحاد الشغل لم يقدم رده فيهما إضافة إلى المحافظة على فكرة وثيقة قرطاج خاصة بعد انسحاب عدد من الأحزاب منها، آفاق تونس والحزب الجمهوري وحركة مشروع تونس أو البحث عن حلول ترضي جميع الأطراف وتسهيل عملية ميلاد «وثيقة قرطاج 2» التي يمكن أن نعتبرها في ظلّ هذه التصريحات والتهديدات والضغط من قبل اتحاد الشغل مازالت «في مهب الريح».

التحوير الحكومي وتنفيذ اتفاقيات 2011
حسب الطبوبي فإن اجتماع الغد سيكون حاسما ومفصليا في بقاء الإتحاد العام التونسي للشغل ضمن الممضين على وثيقة قرطاج من عدمه لاسيما وأنه سبق وأن أكد أنه لن يمضي على وثيقة قرطاج 2 في صيغتها الحالية كما أن المشروع يتضمن نقاطا خلافية كثيرة ولن يمضي على النقاط التي ربما تكون معادية لمصالح العمال، مع الإشارة إلى أن النقاط التي تمّ ترحيلها تعني الكثير للمنظمة الشغيلة خاصة منها التحوير الحكومي واختيار الوزراء وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين الحكومة واتحاد الشغل منذ سنة 2011 إلى اليوم، هذا وأوضح الطبوبي لدى إشرافه أمس على مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل بمنوبة أن «الرخ لا» وهو ليس من شيم النقابيين بل لهم من الجرأة والقدرة على التعبير وأن يكون صوتهم عاليا ومرتفعا في كل المحطات الوطنية والدولية، مشيرا إلى أن الاتحاد هو قوة خير وبناء ولكن هو كذلك قوة اقتراح وإعداد الملفات وقوة حجة وهذا ما يقلق كل الحكومات التي تداولت على الحكم، قائلا «يتحدثون عن هيبة الدولة، فأي هيبة يتحدثون عنها والحال أن إحدى المؤسسات الاقتصادية في جهة المرناقية في نضال منذ شهرين ضدّ دكتاتورية بعض الأعراف والسلطة المركزية لا تحرك ساكنا وعلينا وعليكم أن نعول على تضامننا النقابي من أجل إنقاذ هذه المؤسسة والعمال والعاملات في الضيعات الفلاحية..».

تباعد كبير بين الاتحاد والحكومة
وأضاف الطبوبي أن الاتحاد أمضى اتفاقية لتنظيم العمل والحقوق والواجبات وتوفير مقومات العمل اللائق في قطاع الفلاحة ولكن الأمر لا يقتصر على إمضاء اتفاقيات بل في تجسيمها وتطبيقها على أرض الواقع، مشددا على ضرورة مزيد الانتشار في كل موقع وفي كل مؤسسة وفي كل ضيعة. وأكد أن اتحاد الشغل ‘’جبل شامخ لا تهزه أي رياح عاتية وأكبر منكم ومن مؤامراتكم وسيظل دائما الخيمة التي تأوي للجميع.. الاتحاد أكبر خير في البلاد وهو ملك للشعب’’. هذا وشدد الطبوبي على أن هناك تباعدا كبير جدا بين الإصلاحات التي تراها الحكومة وإصلاحات اتحاد الشغل، ذلك أن الحكومة طرحت في مرحلة أولى بيع القطاع العام والاتحاد قال سبعون ألف خط أحمر في ذلك وهذا ليس مجرد شعار بل قناعة، فتونس ليس للبيع فهي ليست ملكا لا للاتحاد أو للحكومة بل هي ملك للشعب لكن تراجعت حاليا عن ذلك وهذا يدل على أن الحكومة ليست لها قراءة موضوعية لتاريخ البلاد.

وأكّد أنّ «التفويت في القطاع العام خط أحمر متحديا الحكومة بنشر قائمة في الشركات التي ترغب في التفويت فيها»، قائلا «لن تُباع أي مؤسسة من المؤسسات العامة مهما فعلوا»، مشدد على أن الأذهان مشدودة نحو ربح أكثر مواقع ومناصب في الاستحقاق الانتخابي والمشكل يتلخص في «قصر قرطاج»، وهذا عبث بالدولة والاتحاد لن يكون شاهد زور وهو يطالب فقط بالنتائج والملفات وكل المؤشرات في انحدار تام. وذكر أن الحكومة تريد فقط التفويت في المؤسسات الناشطة في الطاقات المتجددة على غرار الستاغ والوكالة الوطنية للتبغ والوقيد والستام، والاتحاد يقول لها لن يكون هناك بيع لأي مؤسسة».

المفاوضات الاجتماعية ليست منة
من جهة أخرى تساءل الطبوبي «أين الحكومة اليوم من السنة الدراسية الجامعية البيضاء.. ولِمَ لَمْ تتم شيطنة أي طرف بخصوص ملف الجامعات ولماذا صمتت المنابر الإعلامية عن طرح هذه القضية؟» معتبرا أن الاتحاد «لحمتو حلوة»، حسب تعبيره، مشيرا إلى انطلاق المفوضات الاجتماعية بين الحكومة معتبرا «أن دخول الحكومة في مفاوضات اجتماعية مع المنظمة الشغيلة ليس منة من الحكومة على الإتحاد». وبين أن الحكومة تتعامل بـ»نظام المكيالين» بخصوص اقتطاع أيام إضراب أساتذة التعليم الثانوي، متابعا أن «للنضال فاتورته»، ليشدد على أن الحكومة تعاملت مع ملف الخصم من أجور الأساتذة بـ«عقلية موش نظيفة متاع استهداف»، موضحا أن الأساتذة استعادوا نشاطهم بعد سلسلة من الإضرابات ليصطدموا بما اسماها «هيبة الدولة وجرأة رئاسة الحكومة لإقدامها على هذه الخطوة»، وأعرب عن استغرابه من الإصرار على الخصم من الأجور، متوجها للحكومة بالقول «عندك قطاعات عندها أشهر في إضرابات ولم تلتفت إليها».

تطبيق خيارات تونس بالملموس
كما انتقد الطبوبي سياسة الحكومة في إمضاء الاتفاقات دون تطبيقها وكذلك اتخاذ الإجراءات في عديد الجهات دون تطبيقها على أرض الواقع ، متسائلا «أين هيبة الدولة في ذلك وما نشاهده فقط ضرب في مصداقية الدولة». وأوضح أنه «أمام ما وصلت إليه البلاد من تدنّي المقدرة الشرائية وبلوغ نسبة تضخّم ب 8 بالمائة، مع انزلاق الدينار التونسي وتواصل غياب الرقابة على مسالك التوزيع والمهربين، بات الوضع يتطلب ضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة ومراجعة تعيينات المديرين العامين، معلنا عن استكمال وثيقة قرطاج 2 لأولوياتها، مشيرا إلى أن اجتماع يوم غد الاثنين بين رؤساء الأحزاب والمنظمات في قصر قرطاج سيكون حاسما ومفصليا بالنسبة للاتحاد العام التونسي للشغل، إما على تطبيق خيارات تونس بالملموس أو لكل طرف خياراته».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115