منذ الحسم في رئاستها واجراء القرعة، تجددت الصراعات من جديد بين أعضاء الهيئة بالتزامن مع اعلان نتائج الانتخابات البلدية الأولية. عديد التساؤلات المطروحة والاستفسارات حول حقيقة هذه الخلافات وعلاقتها بقرار عدم اسقاط اي قائمة مترشحة بالرغم من وجود بعض الجرائم الانتخابية.
يبدو أن الانتخابات البلدية لم تمر مرور الكرام على مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فعلى عكس الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي ساهمت في تطوير عمل الهيئة، فإن مجلس الهيئة عاد من جديد إلى صراعاته السابقة. صراعات اتسمت في البداية بطبيعة عمل الهيئة في الانتخابات، لتتطور فيما بعد وتطال رئيس الهيئة، في ظل وجود بعض الانتقادات على أداء الهيئة خصوصا من قبل منظمات المجتمع المدني.
الصراعات والخلافات بين أعضاء الهيئة، ليست بالأمر الجديد منذ إعلان الرئيس السابق شفيق صرصار رفقة عضوين آخرين، سواء من أجب الحصول على كرسي الرئاسة أو حول تجديد ثلث الأعضاء. لكن مجلس الهيئة المنعقد يوم أمس والمخصص للمصادقة على نتائج الانتخابات البلدية، والنظر في التجاوزات والخروقات الانتخابية من قبل القائمات المترشحة شهد صراعات وخلافات بين الأعضاء. وان لم يتم التصريح بفحوى هذه الخلافات، إلا أنها بدت واضحة للعيان سببها عدم اتخاذ أي قرارات تجاه المخالفين بالرغم من تأخير الندوة الصحفية المخصصة للإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية في أكثر من مناسبتين، على غرار خروج رئيس الهيئة محمد التليلي المنصري بعد انتهاء الندوة الصحفية دون أي تصريح لوسائل الإعلام، بل حاول تجاهلهم والخروج مسرعا متفاديا بذلك أسلئة قد تحرجه.
اتهامات وانتقادات
الخلافات لم تبق مخفية طويلا أو في الكواليس، فقد خرج عضو الهيئة أنور بن حسن وهو أحد الأعضاء الذين خرجوا في القرعة المخصصة لتجديد ثلث الأعضاء ليؤكد في تصريح لإحدى الإذاعات الوطنية إنّ أداء الإدارة التنفيذية للهيئة خلال الانتخابات البلديّة كان ضعيفا وباهتا مؤكّدا أنّه كانت هناك فجوة بين الإدارة المركزية والإدارات الفرعية. وأشار بن حسن أنّ ضعف الهيئة كان على مستوى القيادة أي في شخص رئيسها محمد التّليلي المنصري قائلا: «رئيس الهيئة استفرد بالرّأي في عدّة مناسبات وكان متعنّتا ولم يكن بالكفاءة المطلوبة في حدث تاريخي عاشته البلاد».
و أضاف أنّ ضعف الهيئة كان بارزا أيضا في الجانب الاتصالي خاصة في يوم افتتاح المركز الإعلامي حيث لم تحضر الرّئاسات الثّلاث والرّؤساء السّابقون للهيئة في حين أنّه حدث سياسي بامتياز تابعته وسائل الإعلام الوطنيّة والأجنبية وضيوف أجانب من المفروض أن تتجنّد له الإدارة التنفيذيّة حفاظا على صورة الهيئة في الداخل وصورة تونس في الخارج وفق تعبيره مضيفا: “افتتاح المركز الإعلامي كان باهتا وضعيفا برغم أنّنا أنفقنا من اجله مئات الملايين «مضيفا “للأسف الهيئة فقدت الكثير من هيبتها».
المنصري يوضح..
تصريح بن حسن جاء في وقت حساس بالنسبة لهيئة الانتخابات، بعد إتمامها للعملية الانتخابية وهو ما أثار نوعا من التشنج صلب مجلس الهيئة وفاجأ الجميع. رئيس الهيئة محمد التليلي المنصري في تصريح لـ«المغرب» استنكر ما جاء على لسان زميله، قائلا «ليس لدي اي تعليق»، فبالنسبة له الأهم نجاح الانتخابات البلدية، التي نجحت على حد تقديره بجهود مختلف العاملين في الهيئة الذين يتمتعون بالكفاءة التامة. وبين المنصري أنه لا توجد خلافات بين الاعضاء، لكن الخلافات كانت تقنية، وعلى مستوى التأويل القانوني قبل المصادقة على القائمات الفائزة، مشيرا إلى أن إسقاط القائمات يخضع لمعايير حسب القانون. واعتبر أن الجرائم الانتخابية تمت إحالتها على أنظار النيابة العمومية التي ستبت في القضايا، مؤكدا على أن 121 مخالفة مرتكبة من جملة 2470 قائمة مترشحة لا تعتبر مهمة من حيث العدد ولم تؤثر على نتائج الانتخابات لذلك لم يتم اتخاذ قرار الاسقاط، بل اوكلت المهمة للقضاء.
رئيس هيئة الانتخابات، عبر عن تفاجئه بمثل هذه التصريحات التي لا تخدم مصلحة المسار الانتخابي، بالرغم من أن البعض أرجعها بسبب تصريحه المتعلق بترميم البيت الداخلي للهيئة، ربما قد فهمه البعض بتغيير الموظفين أو تسريع إجراء عملية تجديد الأعضاء الذين وردت أسماؤهم في القرعة وهم كل من أنور بن حسن ورياض بوحوش ونجلاء ابراهم. وقال المنصري أن علاقة الأعضاء طبيعية، إلا أنه يقصد بترميم البيت الداخلي تحسين الوضعية الاجتماعية للعاملين بالهيئة من خلال ترسيمهم باعتبارهم يشتغلون منذ سنة 2011 دون ضمانات، موضحا أنه لا يمكن المرور إلى انتخابات 2019 دون تسوية الوضعيات.
قرارات تتخذ مسبقا !
بالعودة إلى كواليس مجلس الهيئة الأخير، فقد أفادت بعض المصادر أن الخلاف الحاصل الذي تسبب في تأخير الندوة الصحفية يتمثل بالأساس في تشبث عضوين اثنين بضرورة فرز ودراسة كافة المحاضر وإسقاط القائمات التي تجاوزت القانون، لكن رئيس الهيئة رفض ذلك واعلن عن النتائج مثلما هي دون اي تغيير يذكر، مما جعل أنور بن حسن يخرج من تلقاء نفسه في وسائل الإعلام. في المقابل، فإن الخلاف الحاصل الآن، مطالب بعض الأعضاء إجراء تقييم شامل لكافة العاملين في الهيئات الفرعية والادارة المركزية وتغيير ما يجب تغييره خصوصا الأشخاص الذين ارتكبوا أخطاء خلال المرحلة الانتخابية، وتشكيل لجنة تدقيق في ميزانية سنة 2017 والقائمات المالية بالاضافة إلى مراجعة الموارد البشرية، الأمر الذي يرفض البعض الآخر. كما تحدث نفس المصدر أن مجلس الهيئة أصبح صوريا، حيث أن القرارات تتخذ مسبقا من قبل رئيس الهيئة وبعض المقربين منه من الموظفين، ليقتصر الاجتماع على المصادقة دون مناقشة.
في انتظار تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات البلدية الذي سيكون يوم 13 جوان المقبل وهو تاريخ انتهاء مهام الهيئة بخصوص الانتخابات البلدية 2018، وما ستسفر عنه قرارات المحكمة الإدارية في ما يخص الطعون إن وجدت، تتواصل الخلافات بين أعضاء الهيئة وقد تحسم بقرارات المحكمة الإدارية أو بالتوافق والاستعداد للمراحل الانتخابية القادمة.