وعدم اتخاذ أية اجراءات ضد المخالفات التي رصدتها منظمات المجتمع المدني، عقدت عدد من الجمعيات ندوات صحفية من أجل تقديم تقاريرها النهائية التي حملت فيها المسؤولية التامة للهيئة. هذا وقد وجهت منظمات المجتمع المدني انتقادات لاذعة إلى هيئة الانتخابات، على جميع المستويات.
بعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات البلدية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، عقد عدد من منظمات المجتمع المدني ندوات صحفية من أجل تقديم تقاريرها النهائية المتعلقة بمراقبة المسار الانتخابي بأكلمه. المنظمات وإن ثمنت مسار الانتخابات على مستوى تركيز الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة المحلية، إلا أن البعض منهم انتقد أداء هيئة الانتخابات على غرار الجمعية التونسية من اجل نزاهة و ديمقراطية الانتخابات «عتيد». وأرجعت «عتيد» ضعف الأداء إلى عزوف الناخبين وتواصل الحملات الانتخابية يوم الاقتراع، حيث قالت رئيسة الجمعية ليلى الشرايبي، خلال الندوة الصحفية أنه تم رصد مخالفات وتجاوزات من طرف هيئة الانتخابات ومن قبل أعضاء مراكز ومكاتب الاقتراع من جهة ومن قبل ممثلي القائمات المترشحة من جهة أخرى .
نقص على مستوى الاستعدادات
وتتمثل التجاوزات إجمالا في النقص على مستوى الاستعدادات المادية يوم الاقتراع فضلا عن خرق الصمت الانتخابي وتواصل للحملات الانتخابية إلى غاية يوم الاقتراع بالإضافة إلى تجاوزات على غرار توزيع قصاصات و بعث إرساليات نصية للناخبين و نقل البعض منهم بشكل جماعي الى مكاتب الاقتراع و الاتصال بهم أمام وحول مكاتب الاقتراع .كما أكدت الشرايبي أن الهيئة لم تأخذ بعين الاعتبار العدد الهام من التجاوزات التي رفعت إليها من قبل الجمعيات، متغافلة عن ذلك في مدى تأثير هذه الخروقات واكتفت بالإعلان عن إيداعها لـ 121 شكوى لدى القضاء. التجاوزات حسب عتيد تم ارتكابها من قبل القائمات المستقلة والحزبية، لكن الهيئة تملصت من المسؤولية الرقابية الردعية والجزائية.
وحسب ما جاء على لسان أعضاء الجمعية، فإن 55 % من الأخطاء سببها أداء أعضاء مكاتب ومراكز الانتخابات و الهيئات الفرعية و الهيئة المركزية في حين ان النسبة مردها أخطاء ارتكبها بقية المعنيين بالعملية الانتخابية. وعلى مستوى الفرز، فقد سجلت «عتيد» وجود عدد كبير من البطاقات البيضاء والملغاة التي تم تسجيلها بعد عمليات العد و الفرز والتي قدرت بنحو 100 ألف ورقة، حيث كان من الضروري احتسابها ضمن الحاصل الانتخابي. وقدمت الجمعية جملة من التوصيات أهمها. تكوين المعنيين بالإشراف على العملية والإدارة الانتخابية قبل فترة كافية، توضيح طبيعة القضايا التي ستتولى رفعها إلى القضاء و أسبابها والقائمات المعنية بها.
ضعف الحملات التحسيسية
من جهة أخرى، عقدت مجموعة من الجمعيات بالتنسيق مع المعهد الوطني الديمقراطي ندوة صحفية يوم أمس، وهم كل شبكة مراقبون و مرصد شاهد وجمعية شباب بلاد حدود وأنا يقظ وائتلاف أوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات والمركز التونسي المتوسطي، من أجل عرض مقترحاتها وملاحظاتها بخصوص الانتخابات البلدية انطلاقا من مسار تسجيل الناخبين إلى يوم الاقتراع. وطالبت الجمعيات الهيئة بتعديل دورها لا سيما تفادي الضعف الحاصل على مستوى التوعية وتحسيس المواطنين بأهمية الواجب الانتخابي، باعتبار أن الهيئة لم تقم بالدور على أفضل وجه مما جعل الإقبال على التصويت ضعيفا ،ملاحظين في هذا الصدد أنها بدأت حملتها التحسيسية بصفة متأخرة نسبيا أي أسبوعين قبل موعد الاقتراع وهو ما اعتبروه تقصيرا من جانبها.
كما حمل ممثلو المجتمع المدني هيئة الانتخابات المسؤولية في بعض جوانب إدارة الحملة الانتخابية وخاصة المتصلة بغياب التناغم بين الهيئة المركزية والهيئات الفرعية من جهة ورؤساء مراكز الاقتراع من جهة اخرى موصين في هذا الصدد باعتماد مقاربة جديدة في مجال مراقبة مراكز الاقتراع وتطوير أدائها فضلا عن العمل على انتداب إطارات تتحلى بالكفاءة سواء كانوا رؤساء مراكز الاقتراع أو أعضاء بهذه المراكز.
جملة من التوصيات
على عكس التقارير الأولية لمنظمات المجتمع المدني التي تناولت الإخلالات ونسب المشاركة ونتائج التصويت، فإن الجمعيات انتقدت بشدة أداء الهيئة على جميع المستويات، حيث أوصت ممثلة جمعية « شباب بلا حدود» ريم بوهلال بوجوب دعم استقلالية هيئة الانتخابات لاسترجاع رصيد الثقة وابتعادها عن التجاذبات والصراعات الداخلية التي أثرت على أدائها علاوة على أهمية مزيد التنسيق بين مجلس الهيئة والجهاز التنفيذي. كما اقترحت إحداث هيكل تمويل مستقل لمراقبة تمويل الحياة العامة على امتداد السنة في اتجاه إضفاء مزيد من الشفافية على الحياة السياسية في البلاد. في حين دعت ممثلة منظمة «أنا يقظ» يسرى المقدم، هيئة الانتخابات إلى مزيد تكوين إطاراتها ورؤساء الهيئات الفرعية في مجال تمويل الحملات الانتخابية ومراقبتها وحسن الاستعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 في مجال تمويل الحملات الانتخابية.
خروقات في وسائل الإعلام
في حين اختار البعض تقديم مقترحات إلى وسائل الإعلام خلال المراحل الانتخابية، حيث قالت سناء بلدي عن ائتلاف أوفياء أن وسائل الإعلام مطالبة بالحرص على احترام مبدأ التناصف والضغط على القائمات المترشحة لتشريك اكبر عدد من النساء المترشحات في مختلف المنابر الحوارية وإعادة النظر في قواعد تطبيق مبدأ الإنصاف بين القائمات خصوصا في ما يتعلق بالقائمات المستقلة. كما أكدت أنه تم تسجيل 465 خرقا بمختلف وسائل الإعلام خلال الحملة الانتخابية للانتخابات البلدية من بينها دعوة بعض وسائل الاعلام لمقاطعة الانتخابات. واشارت سناء البلدي الى انه قد تم رصد 215 خرقا من ضمن 3494 مادة محللة بالنسبة للاعلام السمعي وذلك بعد مراقبة 19 اذاعة. كما تمّ رصد 65 خرقا من جملة 1071 مادة محللة بالنسبة للمواقع الالكترونية .
الانتخابات البلدية وإن بدت معقدة إلا أنها تجربة من الممكن الاستفادة منها من أجل تلافي بعض الإشكاليات في المستقبل، وذلك من خلال تبسيط العملية الانتخابية والتقليص من حجم العراقيل والتركيز على جوانب التوعية والتحسيس لاسيما في المناطق الريفية الحدودية.