الآخر انصاع لقرار المركزية ولكن على مضض و الطرف الثاني هي الحكومة التي أنبأها بما ينتظرها من صدام معه في ملف الإصلاحات والمفاوضات الاجتماعية.
كلمة الأمين العام لاتحاد الشغل أمس من الحمامات حملت كعادتها انتقادات حادة لحكومة الشاهد، وهذا ليس بالجديد، لكن الجديد هو النص المبطن في كلمته تجاه الجميع، الحكومة النقابيين، الأحزاب، رئاسة الجمهورية، (انظر مقال دنيا حفصة).
فالطبوبي جعل من كلمته أمس بمثابة بيان إعلان النوايا للمرحلة القادمة، أول هذا البيان خصص للبيت الداخلي، وقد بلغت الرسالة أصحابها، وفهمت بربطها بتطورات الأسبوع الفارط، إذ ان نور الدين الطبوبي هو من ضغط على نقابة الثانوي لوقف قرار حجب الأعداد وتعليق الدروس، وهذا الضغط جعل البعض من «أبناء الاتحاد» يراه في صورة من هو «في صف الحكومة على حساب النقابة».
صورة يسعى الطبوبي إلى دحضها، وذلك عبر استهدافه للحكومة بحدة أكثر في خطابه أمس، وهي محاولة منه لإرضاء الغاضبين في الثانوي الذين لم يغفل عن التأكيد لهم ان الاتحاد «لم ولن يتخلى عن مطالبهم وانه في صفهم لا في صف الحكومة.
لكن إرضاء الغاضبين لا يعني غض الطرف على من تمرد منهم، فالمركزية النقابية وان تخلت عن فكرة إحالة الأسعد اليعقوبي على لجنة نظام الداخلي- بعد ان انضبطت نقابة التعليم الثانوي لقرار الهيئة الإدارية الوطنية- حيث المح الطبوبي انه ستقع محاسبة بعض النقابيين الذين «تجاوزوا الحد».
هذا النصف الأول أما الثاني فهو للحكومة، التي أعلن لها ان الصدام قادم ان تعلق الأمر بملف التفاوض الاجتماعي والمؤسسات العمومية، وان خطاب 1 ماي سيكون محددا لملامح هذا الصدام، خطاب قال احد أعضاء المكتب التنفيذي انه سيكون «خطاب حماسي وساخن وفيه تركيز على الحكومة والسياسات الحالية».
حماسة الخطاب وحدته ليست بالجديد وفق عضو المكتب التنفيذي الذي شدد على ان الاتحاد سيكون في صراع مع الحكومة ان تعلق الأمر بخيارات وموقف الحكومة بشأن المؤسسات العمومية، حيث ينتظر ان يعلن في الخطاب عن «تمسك الاتحاد بالصيغة العمومية للمؤسسات».
فالمنظمة ترفض ان يقع التفويت في المؤسسات العمومية وتعتبر ان بيد الحكومة خيارات عدة من بينها التفويت في حصصها في 12 بنكا خاصا، إضافة الى بيع المؤسسات المصادرة، عوضا عن التركيز على ادخال شركاء استراتيجيين في مؤسسات عمومية حساسة.
موقف الاتحاد الذي اتهم فيه الحكومة باختراقه، يقابله استغراب من حكومة الشاهد ان تتهم بذلك، وهي على ابواب انطلاق المفاوضات الاجتماعية العامة، التي تضبط الحكومة لها بعض الخطوط العريضة اولها ان «الخزينة خاوية» ولهذا يجب ان لا يقع اثقالها بالمزيد من الديون. ثاني الخطوط هي ان التفاوض يكون على قاعدة الامهال اي ان تمنح الحكومة وقت الى نهاية السنة لصرف الزيادات التي يقع الاتفاق عليها.
خطوط يقابلها موقف الطبوبي الواضح وهو الرفض مما يفتح الباب على احتمالات عديدة أحلاها «صدام» جديد بين الطرفين.