المهدي بن غربية وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني: نقابة الثانوي استقوت على الدولة والتونسيين بارتهان مستقبل أبنائهم

• لا حزب أو منظمة يمكنه أن يوقف الإصلاحات
لا يبدو ان الأزمة القائمة بين الاتحاد العام والحكومة ستجد طريقها للحل،

ما لم يجلس الطرفان إلى طاولة الحوار، وهذا يبدو انه لن يحدث في ظل الاحتقان في العلاقة ين الطرفين، رغم ما يعلنه كل طرف من نوايا طيبة وحرص على التحاور، من ذلك ما تعلنه الحكومة على لسان الوزير مهدي بن غربية في حوار له مع «المغرب»، كشف فيه رؤية الحكومة للازمة وعن مدى استعداداتها لحل الازمة القائمة في التعليم الثانوي، دون ان يغفل عن تحميل مسؤولية الاحتقان لنقابة التعليم الثانوي

• الأزمة اليوم بينكم وبين الاتحاد بلغت مرحلة تنذر بخطر رغم الخطاب المطمئن؟
نحن لا نعتقد بان علاقتنا بالاتحاد تنذر بالخطر، الوضع وما عليه اننا كحكومة نتعامل مع وضع عام بالبلاد صعب ودقيق نحرص فيه على تقدير دور المنظمات الوطنية والأحزاب، فنحن شركاء معا وفق ما نصت عليه وثيقة قرطاج التي كانت بإشراف السيد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وفيها حددت أهداف وأولويات لانقاذ البلاد.
هذه الاهداف جعلت عملية ادارة الشأن العام تشترط المسؤولية والتي تقضي بان نتلافى كل ما من شأنه أن يعقد وضع البلاد، وهذا الحرص عبر عنه كل أعضاء الحكومة، وهو توجيه مباشر من رئيس الحكومة الذي شدد على ضرورة ان لا يقع التصعيد او التفاعل بتشنج مع بعض التصريحات الحادة تجاهنا، بهدف تفادي المساهمة وان دون قصد في تفاقم الوضع.
ففي النهاية نعتبر ان اختلافاتنا مع الاتحاد مشروعة، ولكن هذه الاختلافات لا يجب ان تدار بحدة او تصلب.

• كيف تقول هذا وعلاقتكم مع الاتحاد متشنجة؟
أولا أريد ان أشير إلى أنّ علاقتنا مع الاتحاد العام التونسي للشغل حددتها وثيقة قرطاج وما نصت عليه، نحن شركاء ولهذا علينا سويا أن نراعي وضع البلاد وإمكانياتها لتحقيق ما اتفق عليه من أولويات في وثيقة قرطاج ، أبرزها تحقيق الاستقرار الأمني ومحاربة الإرهاب والفساد واستعادة توازن المالية العمومية.

• لكن الأزمة الراهنة تهدد هذه الشراكة؟
هذه ليست أول أزمة تواجه الحكومة، فنحن ومنذ تقلدنا لمهامنا ندير أزمات بقاعدة قوامها البحث عن حلول دون تفريط في مصلحة البلاد، مع العلم اننا نعتبر أنفسنا اكثر طرف مطلع على الوضع العام للبلاد، بالمعطيات الدقيقة، التي تمثل منطلقنا في معالجة الأزمات في ظل اكراهات عديدة وليس من منطلق إيديولوجي .

• نعود للتعليم، فباستثناء الخطابات لا مؤشر يفيد بأننا بعيدون عن سنة بيضاء ؟
اولا نحن نقدر الأساتذة ورجال التعليم وتضحياتهم، لكن ليست الحكومة من يدفع الى السنة البيضاء، بل من يدفع الى السنة البيضاء هو من حجب الأعداد ومن أعلن- ونحن في مرحلة انتخابات -عن إضراب عام مفتوح غير شرعي وغير قانوني. هنا نحن كحكومة ماذا نستطيع ان نفعل مع نقابة حجبت الإعداد منذ أشهر وقامت قبل موفى السنة بإضراب، ماذا نفعل مع عمل غير قانوني يحشر التلاميذ وأكثر من مليون عائلة في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
أجيبك بأن ما وجب علينا فعله فعلناه، نحن حريصون على أن نعالج هذا الأمر بالتعقل والحوار. وان كنا قد أعلنا انه لا يمكن ان يكون هناك حوار مع نقابة الثانوي لأنها تحجب الإعداد، فإننا نتحاور مع السيد الأمين العام بشكل يومي لحل هذه الأزمة، ولكن للأسف هذا الحوار يتم في ظل استقواء النقابة العامة للتعليم على الدولة والتونسيين بإرتهان مستقبل أبنائهم .

• تقول استقواء كيف هذا وأنتم جهاز تنفيذي؟
الاستقواء، والقصد منه وهو طلبات النقابة العامة للتعليم التي تتجاوز تكلفتها 500 مليون دينار، في ظل وضع صعب للمالية العمومية، وايضا في ظل قرب انطلاق المفاوضات الاجتماعية للزيادة في الأجور، التي سيتنفع منها الأساتذة، لكنهم يريدون زيادات خاصة بهم مع هذه الزيادة العامة.
ان مطالب الزيادة في الأجور في ظرف صعب للمالية تجعلنا غير قادرين على تحقيقها بالاضافة إلى مطلب التخفيض في سن التقاعد للأساتذة، والحال اننا نبحث اليوم عن إنقاذ الصناديق الاجتماعية عبر سلسلة من الاصلاحات، فكيف سننقذ الصناديق ان كان ثلث العاملين في الوظيفة العمومية يغادرون للتقاعد في سن 55، ماذا عن بقية المهن الشاقة الأخرى. ان المطالب وان كانت مشروعة لا يقبل ان يقع النضال من اجلها بالاستقواء على الدولة والتونسيين.

• كيف ستواجهون تعليق الدروس ؟
للآسف سنكون مجبرين على تطبيق القانون والاقتطاع من الأجور.

• الأحداث الأخيرة في علاقة بنقابة التعليم الثانوي، تكشف أنكم عدلتم من موقعكم تجاه النقابات واتحاد الشغل؟
لا علاقتنا مع الاتحاد دائما ما كانت علاقة شراكة، وستظل كذلك فنحن حريصون على أن تظل علاقتنا في كنف المسؤولية والاحترام، فنحن نحترم كل شركائنا ونتحمل مسؤولية الابقاء على هذه العلاقات.
ودليلنا على ذلك ما أتيناه حينما كلفنا بمهامنا، فنحن وجدنا اتفاقات سابقة، صعبة التطبيق في ظل التزامات مع صندوق النقد الدولي من جانب والتزامات مختلفة مع الاتحاد من جانب أخر، وهنا أقول ان الاتحاد شريك وعليه ان يراعي وضع البلاد، الذي يستوجب إصلاحات ضرورية، لا الأحزاب أو المنظمة أو الجمعية مهما كانت أهميتها يمكنها أن تعطلها لأنه مستقبل البلاد مرتهن بها. اذ ان تونس لم يعد بمقدورها ان تتحمل تكلفة عدم الإصلاح، فهي يجب ان تتم وعلاقتنا مع شركائنا محددة وقائمة لتطبيق هذه الإصلاحات. كما وضحته وثيقة قرطاج في جملة من الأهداف والمهام، التي حققنا بعضها وانطلقنا في تحقيق البقية. هذا يعنى ان الوثيقة هي بوصلتنا وليس ارضاء الاطراف، مع ادراكنا ان قدرنا مواصلة الحوار ولكن مع تطبيق الاصلاحات.

• الاتحاد يعتبر أنكم تعادونه بسبب موقفه منكم في حوار قرطاج؟
لا غير صحيح، فاعلان رئيس الحكومة عن الإصلاحات المتعلقة بالمؤسسات العمومية والصناديق العمومية ومنظومة الدعم كان في 14 جانفي 2017 وما خطاب مارس الفارط الا إعلان عن نتائج عمل ودراسات انطلقت منذ سنة، ان موقفنا هو نفسه لم يتغير منذ تقلدنا مهامنا، يبدو ان تمسكنا بالإصلاحات والالتزامات المالية هو الذي غير موقف بعض الأطراف منا.

• تقول ان موقفكم من رفض الزيادة هو سبب عداء الاتحاد لكم ؟
لا لا نقول هذا، انا قلت يبدو انه لو كنا غير راغبين في تطبيق بعض الإصلاحات لكانت مواقف بعض الأطراف منا أكثر ليونة، ما قلته واشدد عليه ان موقفنا اليوم هو موقفنا منذ جانفي 2017.
نحن اليوم نتعامل من مقاربة قالها رئيس الحكومة «الأهم هو الخروج من الأزمة الاقتصادية وليس موقع الحكومة أو الوزراء»، بل ونحن اليوم في ظل هذه الاحداث منفتحون على اية حلول عملية ومرقمة واية اقتراحات وبدائل، فنحن مسؤولون ولا يمكننا العمل بالشعارات بل بالحلول العملية .
ومن له حلول للصناديق وللمؤسسات يقدمها ونحن نتفاعل معها، المهم المعالجة والاصلاح وليس صرف الزيادات وتعميق العجز، فالامكانيات لا تسمح ولا يمكن ان نرضي طرفا بمنحه مالا نملك، اذ في السنوات السبع الفارطة قدمت الدولة ما لا تملك في بعض الاحيان، مما ادى الى تدهور المالية العمومية. هذا لا يجب ان يستمر فنحن نرهن مستقبل البلاد والاجيال القادمة.

• لماذا لم تكن الحكومة أكثر حزما من قبل مع المطالب النقابية؟
نحن حريصون على الاستقرار الاجتماعي والمناخ العام، كل مطالب معقولة نتفاعل معها، نحن سوينا الكثير من الوضعيات، في بعض المناطق المهمشة، ففي ملف التشغيل الهش، نعي جيدا ان الدولة لها دور اجتماعي، لكن على الجميع ان يدرك ان عليه ان يقدم مطالب في مقدور الدولة وان تكون في صلب سياق الاصلاحات وليس نقيضا لها، فأي مطلب معقول يمكن التعامل معه، لكن لا يجب ان يصبح الاستقواء على الدولة اداة جديدة للتفاوض هذا غير مقبول ولا يجب ان يشرعه اي طرف.

• كيف ستتجاوزون حالة الاحتقان مع اتحاد الشغل؟
نحن سنشرع في المفاوضات الاجتماعية هذا الشهر مع الاتحاد، كما ان الحوار معه بشأن الاصلاحات يتقدم ونحن نشدد على ضرورة ان يكون تطبيق الاصلاح مقترنا بالحوار، وبالنسبة لمطالب الاستاذة والنقابيين فنحن نرى انها مشروعة لكن لا يجب ان يستعمل التلاميذ اداة ضغط، نحن مع الحوار ولكن وفق قاعدة الاهم فالمهم، والاهم اليوم هو البلاد ليس مصير الحكومة او علاقتها بأي طرف اخر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115