لقاء قصر قرطاج: محاكمة «علنية» للحكومة، فلمن الغلبة للأحزاب أم لاتحاد الشغل والأعراف؟

سارعت الأحزاب الأربعة الباقية على عهد وثيقة قرطاج يوم أمس الى عقد اجتماعات اما بين قادتها

او لهيكلها التنفيذي او السياسي الأول، بهدف تحديد الموقف الذي سيدافع عنه كل حزب اليوم في لقاء قصر قرطاج، خاصة وان المؤشرات الأولية الصادرة من مقر منظمتي الشغالين والأعراف، تحمل بوادر محاكمة للأحزاب والحكومة التي ستكون الحاضر الغائب في نقاشات على عكس الأولى التي أعدت مرافعات دفاعية لحماية نفسها ومصالحها.
مع حلول نهاية الأسبوع الفارط بلغت من ظل تحت مظلة وثيقة قرطاج دعوة رسمية للمشاركة في اللقاء الثالث الذي يتصدره رئيس الجمهورية منذ تشكيل حكومة الشاهد في نهاية 2016، ومن ظل على عهده بالوثيقة، هي المنظمات الوطنية الأربعة، اتحاد الشغل، اتحاد الاعراف واتحاد الفلاحين واتحاد المرأة، إضافة إلى الأحزاب الأربعة التي لم تعلن بعد نهاية التزامها بالوثيقة، وهي النهضة والنداء وحزب المبادرة وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي.

اعلان تلقّفه الجميع منذ ساعته الاولى على انه بحث عن رأب الصدع بين الحكومة ومنظمة الشغالين والأعراف، قبل ان يدرك الجميع يوم الاحد ان الامر زاد عن ذلك كثيرا، فاللقاء الذي سيتصدره رئيس الدولة الباجي قائد السبسي لا كلمته تصفه بحقه، غير «محاكمة» للحكومة بدرجة أولى وللأحزاب السياسية.
فاتحاد الشغل الذي سيدخل اللقاء وبين يدي أمينه العام حزمة من المطالب المفصلة، تنطلق من تحوير وزاري مستعجل بهدف ضخ دماء جديدة في الحكومة وانهاء حالة «اللاحكم» او «الضعف» الذي تعاني منه حكومة الشاهد، وهو موقف يدعمه سمير ماجول رئيس منظمة الاعراف، الذي بدوره بات يعرب عن تذمر منظمته وأنصارها من ضعف الحكومة وضعف اداء عدد من وزرائها.

ادراك الاحزاب لهذا التقاطع والالتقاء بين المنظمتين الاقوى في تونس، جعلها تسارع الى عقد اجتماعات لمكاتبها التنفيذية والسياسية يوم امس مساء بهدف ضبط خطاب مقابل يدافع عن تصورها ومصالحها واساس ممثليها في الحكومة، فعلى غرار النهضة التي عقدت امس اجتماع المكتب التنفيذي برئاسة راشد الغنوشي خصص وفق ما أعلنه عماد الخميري للمصادقة على المقترحات الاقتصادية والاجتماعية المقدمة من قبل لجنة حزبية وهي تتوزع على 7 محاور.

لكن جدول أعمال المكتب التنفيذي لن يقتصر على هذه النقطة فهو ينقاش الموقف الرسمي والمناورات التي قد تقوم بها الحركة اليوم لتجنب فرض اتحاد الشغل لمطالبه، ومن ذلك تشديدها على انها مع استمرار الحكومة خاصة أنّ البلاد على مشارف انتخابات بلدية، كما ان الازمات الاقتصادية لا تحل بغير الحكومة انما بحوار وطني اقتصادي واجتماعي مشابه للحوار السياسي في 2014.

هذا الموقف الذي عبرت عنه حركة النهضة كان اكثر وضوحا من نداء تونس الذي اختار قادته عدم التعليق على الامر الى حين اتضاح موقف الحزب النهائي، وموقفه لن يتضح الا في اللقاء اليوم، خاصة وان الحركة قد تضطر لفقدان وزارة من منابها في الحكومة، لكنها في المقابل قد تكسب اضعاف الشاهد واخراجه مبكرا من المراهنة على 2019، وهذا ما يشغل عقلها السياسي.

في مقابل عدم اتضاح الصورة للنداء كان حزب المسار اكثر وضوحا بان كلف امينه العام وهو وزير في حكومة الشاهد بتمثيل الحزب في اللقاء، وسمير الطيب سبق له ان اكد ان للاتحاد كامل الحق في الانتقاد وتقييم عمل الحكومة لكنه المح الى ان الملفات تحل بالحوار بينه وبين الحكومة لا بالقطيعة. ويبدو ان هذا ما سيعلنه كما هو الحال لامين حزب المبادرة كمال مرجان الذي يعتبر حزبه ان التحوير او تغيير الحكومة ليس هو المهم بقدر تحديد برامج عمل على وقعها تتخذ الخيارات الكبرى.

تذبذب الاحزاب وتجنبها الاعلان عن الخطوط العريضة لما سيعلنه قادته في اللقاء مرده انها لا تمسك بكل خيوط اللعبة، التي انحصرت بين اربعة اطراف لا خامس لها، اتحاد الاعراف واتحاد الشغل، من جانب اخر رئاسة الحكومة، ليكون الطرف الرابع وهو الوسيط الفاعل، رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي ستكون حركته حاسمة.

فهو وان اعلنت مصادر من قصر قرطاح انه سيستمع للجميع مع التشديد على انه يرفض فكرة تغيير رئيس الحكومة باعتبار البلاد مقبلة على انتخابات فانه لا يستطيع ان يحول دون ذلك ان تمكن الاتحاد من فتح الملف اول اللقاء. وهنا قد تبرز مناورة رئاسة الجمهورية، فهي وان تركت للاتحاد الكلمة الاولى عقب خطاب الرئيس فهذا معناه الضوء الاخضر لطرح الملف بقوة على الطاولة لاتخاذ موقف من اجل كلمة ممثل الاتحاد في اللقاء وترك النقاش يغرق في تفاصيل اخرى فبهذا يكون قد اغلق الباب بطريقة غير مباشرة امام الاتحاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115