المقررة صباح اليوم، وذلك في إطار الاستماع له كرئيس للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي وأعضائها صلب لجنة المالية والتخطيط والتنمية، حول ملابسات تصنيف تونس في القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب .
ابتعاد الشاذلي العياري عن منصب محافظ البنك المركزي بات محسوما يوما قبل انعقاد جلسة تجديد الثقة من عدمها في مجلس نواب الشعب، وذلك بعد تأكيد العياري خلال جلسة استماع له صلب لجنة المالية والتخطيط والتنمية بأنه لن يبقى على رأس البنك المركزي حتى و لو جدّد النواب الثقة فيه. وقال أن ما حصل يعتبر إهانة كبرى خصوصا وأن مهمته كانت ستنتهي في جويلية القادم، مؤكدا أنه سيتحمل المسؤولية الكاملة في حالة اقترافه أي خطأ.
قرار الشاذلي العياري قد يغير نوعا ما المعطيات ويسبق مواقف الكتل البرلمانية التي لم تحدد مواقفها النهائية إلى حد الآن بشأن التصويت مع منح الثقة أو ضد، حيث اختارت بعض الكتل التشاور مع انعقاد الجلسة العامة وتحديد الموقف النهائي حسب المعلومات التي سيصرح بها العياري. لكن يبدو الآن أن التصويت سيذهب في اتجاه واحد وهو التصويت ضد منح الثقة، حتى لا تبقى الكتل الحليفة في الحكم في إحراج مع شركائها. لكن قرار الشاذلي العياري نحو الدفع بالاستقالة وعدم إجراء الجلسة العامة، جاء نتيجة ضغوطات من قبل رئاسة الحكومة حسب ما صرح به رئيس لجنة المالية المنجي الرحوي لـ«المغرب»، حتى لا يتم عقد الجلسة العامة ويقدم على إثرها العياري المعطيات الكاملة التي تفيد بتورط الحكومة في تصنيف تونس من قبل الاتحاد الاوروبي. وقد اعتمد يوسف الشاهد حسب الرحوي على مقاربة أن الكتل البرلمانية غير منسجمة في ما بينها من أجل التصويت عليه، وهو ما يستوجب ضرورة استقالة العياري من أجل الابتعاد عن أزمة سياسية قد تقع في حالة جدد نواب الشعب الثقة فيه.
ولكن محافظ البنك المركزي قدّم مساء أمس استقالته إلى رئيس الحكومةوأنهى بذلك الجدل حول موضوع إقالته من قبل مجلس نواب الشعب.
في أسباب تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء
السبب الرئيسي وراء قرار الإعفاء، جعل لجنة المالية بمجلس نواب الشعب تستمع إلى محافظ البنك المركزي وأعضاء لجنة التحاليل المالية، حيث قال القاضي فيصل عجينة أنّ اللجنة التونسية للتحاليل المالية بتركيبتها تشكّلت في جانفي 2016، في حين تمّ الشروع في تقييم مدى فاعلية تونس في مكافحة جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في فيفري 2016، وهو ما يؤكد انّ اللجنة اقد طلعت على التقييم بعد انتهاء زيارة خبراء مجموعة العمل المالي «غافي» إلى تونس وبعد لقائهم بالمسؤولين في مختلف الوزارات والإدارات والقطاعات.
كما بين القاضي في مداخلته أن اللجنة اطلعت على مشروع ومسودة التقرير بعد القيام بعديد الإصلاحات، حيث أن خبراء التقييم الدوليين يلتقون بشكل مباشر مع المسؤولين في تونس عن القطاعات دون حضور أعضاء لجنة التحاليل المالية، وهو ما ساهم في تقديم عديد المعطيات غير المطابقة للواقع. كما أكد أن هناك معطيات مضمنة في التقرير تفيد بوجود جريمة للاتجار بالأشخاص وما تمثله من خطورة عالية في غسل الأموال في حين أنّ مجلس نواب الشعب لم يصادق حينها بعد على القانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر.
الرصاصة الأخيرة
من جهة أخرى، حاول الشاذلي العياري تفنيد الأخبار المتداولة بشأن سوء علاقته مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، من خلال بعض التصريحات المثمنة لخيارات الشاهد، حيث أن سير الحكومة في التوجه الصحيح بعدما قام الشاهد بتوزيع نقاط العمل والاولويات على مختلف الوزراء من أجل ايجاد الحلول، حسب قوله. وأضاف العياري أن الحكومة التونسية تعهّدت بتقديم تقرير في سنة 2018 يتماشى مع المتطلبات لخروج تونس من قائمة الدول الأكثر عرضة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. حيث اعتبر وجود خلفيات سياسية في تصنيف تونس من بين الدول الأكثر عرضة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، معتبرا أن ممثلي البرلمان الأوروبي ليست لهم معرفة بالمخاطر في تونس، وهو ما يؤكد وجود خلفيات سياسية وراء المسألة.
تداعيات التصنيف
كما بين العياري أنه تم تهويل التصنيف أكثر من اللازم مما أدى الى اتخاذ قرارات سيادية رفض التطرق إليها، لكنه تحدث في نفس الوقت عن تداعيات هذا التصنيف حيث جزم بوجود تأثيرات على الاقتراض الخارجي وإن لم يكن بشكل كبير على مستوى كلفة التمويل. وأوضح العياري أن التعاون الدولي متعدد الأطراف الذي يعتبر مصدر تونس الرئيسي في التمويل ويتمثل أساسا في صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الافريقي للتنمية والصناديق العربية وهي كلها مصادر تمويل رئيسية للبلاد لم تتطرّق لملف القائمات السوداء. وأكد أن التمويل الخارجي لتونس مرتبط في واقع الحال بمدى سير الاصلاحات في تونس وأن تمويلات هذه المؤسسات مقترنة بهذه الاصلاحات وليس بالقائمات السوداء، بحسب تعبيره.
مغالطات بالجملة
بالرغم من محاولات ممثلي البنك المركزي تبرير ما حصل وإبعاد المسؤولية أو الشبهة عن محافظ البنك المركزي، إلا أن هناك بعض النواب شككوا في هذه التصريحات ومن بينهم عن الكتلة الوطنية صبرين القوبنطيني التي أشارت أن ما تم التصريح به مجانب للصواب، مؤكدة أنه لا يمكن مغالطة النواب، باعتبار أن المراسلات تم إرسالها بشكل متأخّر جدّا.
ومن المنتظر أن يعقد مجلس نواب الشعب صباح اليوم جلسة عامة من أجل المصادقة على إعفاء محافظ البنك المركزي التونسي من عدمها ثم في حالة عدم حصوله على الأصوات الممكنة فإنه ستتم المصادقة على تعيين محافظ جديد للبنك المركزي التونسي.