اتحاد الشغل يطلق اليوم حملة الدفاع عن القطاع العام: إنقاذ المؤسسات العمومية ممكن بالإرادة السياسية بعيدا عن منطق الخوصصة

يطلق الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدین الطبوبي اليوم الثلاثاء 13 فيفري الجاري

من ولاية بنزرت حملة اتحاد الشغل للدفاع عن القطاع العام وحمایة مؤسساته من الخوصصة وتجديد توجيه رسالة إلى الحكومة مفادها أن التفويت في المؤسسات العمومية خط أحمر. حملة سيتولى خلالها الطبوبي زيارة ثلاث مؤسسات عمومیة بمدینة بنزرت، الشركة التونسیة للتزییت «سوتیلیب» والشركة التونسیة لصناعات التكریر «ستیر» وشركة الفولاذ، والإعلان عن جملة من القرارات والمواقف للدفاع عن المؤسسات العمومیة وحمایتها وخاصة تعزیز الإنتاج فیها واسترجاع عنفوانها.

وفق اتحاد الشغل فإن زيارات الأمين العام لهذه المؤسسات العمومية ستحمل جملة من الرسائل لعديد الأطراف الحكومية وكل الذين يدعون إلى تخصيص القطاع العام كما ستوجه رسالة إلى العاملين في القطاع العام. وحسب تصريح الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري لـ«المغرب» فّإن الاتحاد يتحدث منذ مدة عن وجوب الإصلاح في القطاع العام وهذه الحملة تأتي ردا على دعوات بعض الأطراف لبيع مؤسسات القطاع العام كحلّ للأزمة التي تعيشها، مشددا على أنه لإنقاذ القطاع العام لا بدّ أولا من ردّ قيمته الاعتبارية تاريخيا فهذا القطاع في مرحلة التأسيس وبناء الدولة الوطنية قد لعب دورا كبيرا اقتصاديا واجتماعيا.

3 عوامل أساسية
أزمة القطاع العام وفق سامي الطاهري ليست في انتمائه إلى القطاع العام وإنما في 3 عوامل أساسية، الأول يكمن في الحوكمة والتسيير والشفافية التي غابت لعقود عن القطاع العام بسبب هيمنة الحزب الحاكم في النظام السابق والتعيينات القائمة حينها كانت على حساب الولاءات فقط وليست قائمة على الكفاءات مما ألحق ضررا كبيرا بمالية وتسيير هذه المؤسسات وأدخلت إليها الفساد وغيرها من التصرفات السلبية التي كانت تداعياتها خطيرة على توازنات المؤسسات، أما العامل الثاني فهو مرتبط بالتوجه الليبرالي الذي برز في البلاد مع إعادة الهيكلة في الثمانينات والذي أدى إلى تشجيع القطاع الخاص على حساب القطاع العام إضافة إلى ذلك فإن هذه المسألة قد نتجت عنها منافسة بمنطق السوق «غير شريفة وغير متوازنة» باعتبار أن القطاع العام لم يحظ بنفس الحظوظ والتحفيزات الممنوحة للقطاع الخاص، وبالنسبة للعامل الثالث فهو في علاقة بالسلم الاجتماعي الذي كانت تشكل فيه المؤسسة العمومية حلا للأزمات الاجتماعية لكن هذا السلم قد تأثر كثيرا نتيجة بروز ما يسمى بعقلية «رزق البليك» وهذه العقلية زادت في تعميق أزمة المؤسسات العمومية عوض العمل على إنقاذها.
لقد حان الوقت لإنقاذ مؤسسات القطاع العام في اتجاه إعادة الهيكلة تنظيميا وإداريا وحتى اجتماعيا إن لزم الأمر ولا بدّ من إعلاء قيمة الانتماء للمؤسسة والمحافظة على قيمة العمل بداخلها وكذلك صبغتها العمومية، كما انه آن الأوان كي تأخذ هذه المؤسسات قسطا من الدعم والتحفيز والإعفاءات في مجلة الاستثمار وغيرها من الحوافز مثل التي تمنح لمؤسسات القطاع الخاص، حسب تأكيد الطاهري الذي تساءل أيضا عن سبب عدم منح المؤسسات العمومية نفس الحظوة الممنوحة للقطاع الخاص أو حتى أقلّ بقليل؟ وشدد على أن الاتحاد أراد توجيه رسالة من خلال هذه الحملة بالتوجه إلى مؤسسات عمومية بارزة تشكو صعوبات مالية كبيرة على غرار «ستير» والفولاذ، مؤسسات لها فضل كبير على البلاد في مرحلة البناء والتأسيس لكن تمّ الإضرار بها على امتداد سنوات.

زيارات ميدانية..اجتماعات عامة..مفاوضات مرتقبة
زيارات ميدانية سيقوم بها الأمين العام بالتوازي مع اجتماعات عامة ستعقد في المؤسسات إلى جانب المفاوضات التي ستنطلق في القريب العاجل مع الحكومة للنظر في وضعية المؤسسات حالة بحالة، وذكر الطاهري أنه كان هناك لقاء يوم 27 نوفمبر الفارط وتمّ الاتفاق على إتباع هذا المنهج أي تشخيص وضع كل مؤسسة ثمّ النظر في الحلول وأول الحلول ستكون في علاقة بالدعم والإنقاذ والإصلاح وإعطائها الفرصة لاستعادة عافيتها. وأضاف محدثنا أن بنزرت منطلق حملة الدفاع عن القطاع العام وستتواصل لتشمل مؤسسات عمومية أخرى، فالاتحاد يرى أن هذه الزيارات سيكون لها تأثير ايجابي على العاملين في هذه المؤسسات عبر الاهتمام بهم والتحسيس للاندفاع أكثر للعمل والإنتاج وحماية مؤسساتهم وأيضا هي رسالة للأطراف المتداخلة مفادها أن إمكانية الإنقاذ موجودة لكن لا بدّ من الإرادة السياسية ومن إجراءات عملية.

الدولة..قاطرة
وبخصوص استراتيجية الحكومة التي وضعتها لإصلاح المؤسسات العمومية، قال الطاهري إن الحكومة لم تتشاور مع الاتحاد حولها لكنه يرى أنه سيتم إيجاد حلول خلال المفاوضات المرتقبة باعتبار أن المؤسسات العمومية ليست على ذات الوضعية وهناك مؤسسات إستراتيجية وأخرى مهمة ومؤسسات أقل أهمية والانطلاق سيكون حسب الأولويات، فالبلاد في مرحلة انتقالية اتسمت بغياب الاستثمار الداخلي والخارجي وبذلك فإن على الدولة أن تلعب دورا في هذا الشأن كقاطرة والدفع نحو المغامرة الايجابية باعتبار أن عدم استقرار المناخ العام لن يشجع المستثمرين الخواص على الاستثمار، وقد أعدّ الاتحاد خطة إعلامية في هذا الشأن من أجل الدفاع عن القطاع العام.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115