نشرت أمس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات النتائج الأولية للانتخابات التشريعيّة الجزئية للتونسيين المقيمين بألمانيا والمسجلين بها و التي أسفرت عن فوز مرشّح قائمة أمل ياسين العيّاري بالمقعد الوحيد بـ284 صوتا مقابل 253 صوتا لمرشح حركة نداء تونس. وكان عدد النّاخبين في هذه الانتخابات متدنيا جدا بنسبة 5.02 % فقط حيث بلغ العدد الجملي للنّاخبين 1326 ناخبا، علما وأن عدد أوراق التصويت الملغاة بلغ 8 ورقات و17 ورقة تصويت بيضاء، في انتظار التصريح بالنتائج النهائية يوم 22 جانفي المقبل.
أثارت الانتخابات التشريعية الجزئية بألمانيا جدلا كبيرا في الساحة سواء من ناحية نسبة المشاركة فيها والتي كانت ضعيفة جدا وقد أعزب هيئة الانتخابات الأسباب إلى قلة عدد مراكز الاقتراع (4 مراكز فقط مقارنة بـ 10 مراكز اقتراع في انتخابات 2014)، إلى جانب عامل المناخ الذي يصعًب التنقل على المواطنين وبعد المسافة وعدم وجود تنافسية كبيرة، نظرا إلى أن عدد المقاعد المطلوبة هو مقعد واحد، أو من ناحية فوز المدون ياسين العياري عن قائمة أمل، وقد اعتبرت بعض الأحزاب وخاصة المعارضة هذا الفوز بمثابة «الصفعة» لحركة نداء تونس وحركة النهضة.
عوامل ضعف الإقبال
عماد الخميري الناطق الرسمي باسم حركة النهضة أكد لـ«المغرب» أن الحركة سجلت ضعف الإقبال في هذه الانتخابات وحسب تقديرها الأول فهي كانت تتوقع ذلك لأن هذه الانتخابات جزئية ولن تشهد بذلك ذات المشاركة في الانتخابات العامة التي لها ديناميكيتها الخاصة بجعل المشاركة أوسع من منطلق أن الأحزاب تعمل على تحفيزهم على المشاركة في الاقتراع والانخراط بذلك في العملية الانتخابية على عكس الانتخابات الجزئية التي وقعت خارج البلاد، مشيرا إلى أن الانتخابات التي تقع خارج دوائر البلاد حتى وان كانت عامة تكون المشاركة فيها دائما أضعف بكثير من المشاركة داخل البلاد، كما أن هناك نقطة لا بدّ من الإشارة إليها وفق الناطق الرسمي لحركة النهضة وهي أن عامل المناخ أي فصل الشتاء، يعد من بين أسباب تدني نسبة الإقبال والعديد من الأصوات تعالت عند إقرار تاريخ الانتخابات الجزئية في ألمانيا، أيام 15 و16 و17 ديسمبر الجاري، مطالبة بتأجيل التاريخ باعتبار أن الفصل ليس ملائما لإجرائها، أضف إلى ذلك أن مقاعد الاقتراع التي توفرت في ألمانيا كانت أقل بكثير من المقاعد المتوفرة في انتخابات 2014 وهذا ما زاد في صعوبة وتعقيد عملية الاقتراع.
كل هذه العوامل وفق الخميري جعلت نسبة الاقتراع في الدائرة الجزئية في ألمانيا ضعيفة وما يمكن تأكيده أنه لا ينبغي سحب نتائج هذه الانتخابات على المستوى الوطني، فاليوم لا يمكن القول إن نتائج هذه الانتخابات وديناميكيتها من الممكن أن نبني عليها مشهدا سياسيا جديدا، مشددا على أن ضعف المشاركة كان وراء هذه النتائج ورغم ذلك فإن الحركة ستهنئ الفائز بهذا المقعد بعد أن تعلن هيئة الانتخابات عن النتائج النهائية كما أنها تشكر كل الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم وتحملوا عناء التنقل والظروف المناخية الصعبة. هذا ودعا الناطق الرسمي لحركة النهضة الطبقة السياسية عموما لمزيد العناية والقرب من المواطنين والحرص على الاشتغال على المحطات الانتخابية حتى تكون المشاركة أوسع حتى تكون النتائج أقرب لواقع القوى السياسية وتمثيلها في البلاد، فالحركة تأسف كون عضو جديد التحق بمجلس نواب الشعب بعدد أصوات محدود لم يصل حتى الـ300 صوتا.
على هذه الأحزاب أن تتوجه بالصفع لأنفسها
وبخصوص تصريحات بعض الأحزاب كون فوز ياسين العياري بمثابة الصفعة للنهضة والنداء، اعتبر عماد الخميري أن هذا التصريح هو استباق لتسجيل نقاط سياسية وكان من الأجدر على هذه الأحزاب التي شاركت في هذه الانتخابات وخسرتها أن تصفع نفسها، مشددا على أنه يتعين على الأحزاب السياسية أن تبذل مزيد الجهود حتى تكون المشاركة أوسع في المحطات الانتخابية القادمة لأنه بقدر ما تكون المشاركة الضعيفة بقدر ما ستكون النتائج غير طبيعية. ويشار إلى أن الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي كان قد صرح أن فوز المرشح ياسين العياري عن قائمة أمل في الانتخابات الجزئية في ألمانيا هو صفعة لحزبي النهضة ونداء تونس كما أن التوافق القائم بينهما مغشوش ليضيف أن التيار الديمقراطي قد تحصل على المرتبة الثالثة في هذه الانتخابات وهذا دليل على أن الحزب في صعود ويمكن أن يكون البديل في الانتخابات التشريعية لسنة 2019. موقف التيار شبيه نوعا ما بموقف الجبهة الشعبية التي وحسب ما جاء على لسان القيادي الجيلاني الهمامي تعتبر فوز العياري بمثابة صفعــة لنداء تونس لكنه في المقابل انتصار لحركة النهضة.
ضربة خفيفة ومحصورة في مقعد وحيد
حركة نداء تونس وحسب ما أكده أحد قيادييها جلال غديرة لـ«المغرب» فإنها ترى أنه لا بدّ من مراجعة كل الحسابات والمخططات وتنشيط الهياكل والقواعد واللجان الانتخابية وذلك لضمان النتائج، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن الضربة كانت خفيفة نوعا ما للحركة ومحصورة في العدد، تعلقت بمقعد واحد في مجلس نواب الشعب، علما وأن هذا المقعد هو في الأصل كان من نصيب نداء تونس ولكن بعد تكليف حاتم الفرجاني بمسؤولية في حكومة يوسف الشاهد أصبح شاغرا، فإنه يجب أن تعطي أكثر دفعا وحماسا في الحملات الانتخابية القادمة خاصة البلدية والتشريعية وأخذها بأكثر جدية وأكثر حماسا واستعدادا. وأضاف جلال غديرة أن الديمقراطية فيها ربح وفيها خسارة وخسارة نداء تونس لهذا المقعد كان بفارق ضئيل جدا وسبب هذه الخسارة هو ضعف المشاركة في الانتخابات الجزئية.
ليست صفعة للنداء
وفق جلال غديرة فإنه بقدر ما تتحمل الأحزاب السياسية مسؤوليتها في الانتقال الديمقراطي والمسيرة التنموية بقدر ما يتحمل الناخب التونسي مسؤوليته في أداء واجبه الانتخابي، مشيرا إلى أنه لو كانت المشاركة بأكثر عدد ممكن لكانت النتائج أفضل وأعطت الصورة الحقيقية للمشهد السياسي الموجود وبالتالي وأمام هذا العزوف فإن من لديه أقل شعبية يمكن له الفوز في الانتخابات، وما يمكن التأكيد عليه هو أن هذه النتيجة كان سببها الأساسي العزوف ، فالحزب له قواعده الخاصة وسبق له الفوز في انتخابات 2014 ولا يمكن اعتبار هذه النتائج بمثابة الصفعة للحركة بل إن نقص الإقبال هو الذي أثر في الموازين لكن يمكن اعتبار هذه النتيجة مؤشرا جاء في الوقت المناسب قبل المحطات الانتخابية الرسمية لتحمل المسؤولية.