أهالي جزيرة قرقنة والتدخل الأمني لفك الاعتصام: شهادات مواطنين

متابعة للأحداث التي تعيشها جزيرة قرقنة على خلفية فك اعتصام عمال شركة بيتروفاك بالقوة وقرار إيداع أربعة من أصحاب الشهائد العليا بالسجن تحولت «المغرب» على عين المكان يوم السبت 9 أفريل 2016 لتغطية آخر المستجدّات.
بمجرد نزولنا

من الباخرة استقبلتنا مدرعات قوات التدخل التابعة للشرطة، ولما اقتربنا من قرية مليتة التي تبعد 5 كم عن ميناء سيدي يوسف وجدنا الطريق الوحيد الذي يربط قرى الجزيرة مغلقا بأكوام من الحجارة الضخمة وأعواد النخيل والأشجار على طول أكثر من 1 كم، فكانت أية حركة مرور باتجاه الباخرة أو من الباخرة إلى باقي جزيرة قرقنة معطلة. ويبدو أن الأمر متعلق بمنع قوات الأمن من العبور أكثر منه منع المواطنين.
نشير إلى أنّ المجلس المحلي لاتحاد الشغل بقرقنة انعقد بصفة استثنائية يوم الجمعة 8 أفريل 2016 على إثر الأحداث الأخيرة بالجزيرة.
الاتحاد المحلي للشغل بقرقنة ثمن كل التحركات الايجابية و السلمية والمساندة لمطالب الجزيرة عموما وطالب بإطلاق سراح الموقوفين والعودة إلى الحوار حول التنمية والتشغيل.

عمر سهل
«اعتداء مباغت و استفزاز وقدح في أعراض أهالي قرقنة. نطالب بتشغيل أبنائنا أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل منذ عشرات السنين وقد بلغ الكثير منهم 48 سنة، يسمّون قرقنة عروس البحر وهي مصبّ للنفايات. كانوا في البدء الطرابلسية واليوم بتروفاك تأكل خيرات الجزيرة، والأدهى من هذا أن المسؤولين بشركة بيتروفاك يعينون أهالي قرقنة و يمنون عليهم (أدوات مدرسية ). نحن نرفض ذلك حفاظا على كرامتنا وكبريائنا وعزتنا. نحن لا ننتظر شيئا من شركة بتروفاك وإنما نطالب الحكومة بانتداب أبنائنا بالمستشفى، بالمعاهد، بالبحرية، بالكنام، بالبريد...»

مواطنة من مليتة:
« هجوم سريع و متواصل شنه مئات من الأمنيين في الواحدة بعد منتصف الليل من ليلة الاثنين، حالة من الهلع والفزع انتابت المتساكنين، اختنقنا، أشرفنا على الموت لأن الهجوم باغتنا ونحن نيام وكأننا لم نكن في قرقنة بل في غزة.»

عفاف عبد اللاوي طالبة من مليتة:
« جزيرة قرقنة محمية طبيعية، و العقود التي تبرم مع المحميات في القانون الدولي ينص على تجديده مع الشركات البيترولية كل أربع سنوات، في حين أن ما وقع مع شركة بتروفاك هو عقد أبدي. إن ما تعيشه قرقنة على المستوى البيئي دمار شامل بسبب التلوّث الطبيعي حيث المياه الملوثة في البحر و صور مزعجة ومذهلة للزيوت الراكدة فوق المياه. وحينما طالبا بإيقاف هذا النزيف ردّت علينا السلط بجحافل من أعوان الأمن البوليس (مئات) والمدرّعات وكأننا في محاربة الإرهاب ببن قردان. لماذا لا تتحدث السلط معنا؟ لماذا لا تتحاور معنا؟ نحن شباب وأبناء تونس قد نخطئ وقد نصيب وإذا لم تتحاور معنا السلط مع من نتحاور؟ وإلى من نلتجئ؟! أين المنشآت التي تقضي على البطالة؟ أين الفضاءات الثقافية التي تؤطر الشباب وتقيهم من الفكر الظلامي الإرهابي والتكفيري؟».

وفاء خشارم شقيقة وسيم خشارم أحد الموقوفين وهو من أصحاب الشهائد العليا
«أخي لم يسرق، لم يعتد على أحد، طالب بحقه في العمل كبقية المعطلين عن العمل. أأكد على أن الموقوفين لحقتهم اعتداءات على المستوى البدني. أخي لم يقع التحقيق معه وتم إيقافه. أطالب بإطلاق سراحه وبإطلاق سراح كل الموقوفين.»
بعد الوقفة الاحتجاجية التي كانت في ساحة الشهيد سليم الحضري بالرملة في حدود منتصف النهار والتي رفعت فيها شعارات مطالبة بإطلاق سراح الموقوفين وفك الحصار على الجزيرة وبالتنديد بالممارسات الأمنية العنيفة التي مورست ضد الأهالي و طالبت بإجلاء الطوق الأمني، ألقى عبد الجليل فريحة باسم المجتمع المدني كلمة عبر فيها عن استياء أهالي قرقنة من المعالجة الأمنية و من استعمال القوة ضد المطالبين بحق الشغل والمعتصمين محملا المسؤولية للحكومة التي تنصلت من عديد الاتفاقيات و محاضر الجلسات التي أبرمت معها في وقت سابق، مشدّدا على أن تعنت الحكومة أفشل كل مدخل للحوار خاصة بعد التدخل الأمني مما أدى إلى تعطيل الخدمات والمصالح بجزيرة قرقنة وتعطل المنشآت التربوية في فترة حاسمة من السنة الدراسية مطالبا بالتعجيل بالمفاوضات وإطلاق سراح الموقوفين.
بعد الوقفة الاحتجاجية انطلقت مسيرة في اتجاه مركز الأمن الإقليمي بالرملة حيث طالب المتظاهرون بإطلاق سراح الموقوفين.
وأخيرا تكوّنت لجنة ترأستها القاضية كلثوم كنو ولفيف من المجتمع المدني طالبوا فيها بجلسة مع رئاسة الحكومة في أقرب وقت مطالبين بإطلاق سراح الموقوفين وعدم تتبعهم قضائيا وفتح باب المفاوضات.

الهادي بلحاج (عضو جمعية كيرانيس)
وفي نفس السياق أفادنا السيد الهادي بلحاج عضو جمعية كيرانيس بما يلي:
«على إثر الوقفة الاحتجاجية طالب وفد متكون من المجتمع المدني و من بعض النقابيين مقابلة الوالي الذي اعتذر معللا بأن له شأنا طارئا، فتمت مقابلة المعتمد الأول بحضور أمني. تدخل الحاضرون و عبروا عن استيائهم للوضع المحتقن بالجزيرة وطالبوا برفع الحصار عن الأهالي حتى لا يزداد المناخ الاجتماعي توترا، وبإطلاق سراح الموقوفين وإيقاف التتبعات العدلية وفتح باب التفاوض كان ردّ المعتمد: « ليست لدي إجابة»، وتبين للوفد المفاوض أن المسألة تعود إلى رئاسة الجمهورية.»

الأستاذة بسمة دحمان (محامية عن موقوفين)
كما التقت «المغرب» بالأستاذة بسمة دحمان وهي محامية عن موقوفين وقد صرّحت لنا بالآتي:
«هذا الملف هو ملف سياسي لا يمكن التعاطي معه إلا سياسيا أو عن طريق القرار السياسي للإحاطة بهذه الأزمة و إنهائها.
إن هذا التدخل الأمني العنيف في جزيرة قرقنة عمّق العزلة الطبيعية التي تعيشها قرقنة وعمّق كذلك الفجوة بين الأمن والمواطن. لا بدّ أن نشير إلى أنّ ظروف إيقاف منوبينا سيئة جدا ولم تحترم فيها حقوق الإنسان بناء على المعطيات التي صرّح بها المنوبون وأهاليهم.»

نبيل جنيفان (مدير بشركة بتروفاك)
من أول يوم بعثت فيه الشركة كان اختيارها وبرنامجها تقديم الخدمات للجزيرة

حاولت «المغرب» الاتصال بمقر شركة بيتروفاك لكنها لم تتوصّل إلى ذلك، فهاتفت مدير بالشركة نبيل جنيفان الذي صرّح بما يلي:
« تحاورنا مع المعتصمين لمدة 77 يوما و اقترحنا عليهم حلولا. و للعلم فإنه لا تربطنا بهم أية علاقة شغلية و في نفس الوقت، نحن لا نعترض على مطالبهم المشروعة المتمثلة في حقهم في الشغل. ولكن في المقابل فإن إيقاف العمل و تعطيله سلوك غير حضاري ونؤكد على أنه ليست لنا مع المعتصمين أية مشاكل شخصية و لكن حق العمل والإنتاج هو حق يكفله الدستور كما يكفل حق الإضراب.

إنّ تواصل إغلاق الشركة لا يلحق الضرر بها فقط وإنما بكامل البلاد فقد قدرت الخسارة بـ30 مليارا. و قد خسرت «بتروفاك» عديد الشركات التي كانت تتعامل معنا.»

ويضيف مدير شركة بيتروفاك أنه من أول يوم بعثت فيه الشركة كان اختيارها وبرنامجها تقديم الخدمات للجزيرة. وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد قدّمنا خدمات لمستشفى قرقنة قدرت ب 600 ألف دولار و2000د للمؤسسات التربوية.
و يختم السيد نبيل جنيفان بالقول: « نحن ساعون لإيجاد مناخ طيب للجزيرة بالتعاون مع المجتمع المدني و اتحاد الشغل و نؤكد على أن الحوار هو الحلّ الوحيد.»

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115