في تقرير للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية: أكثر من 600 ألف قضيّة عنف.. وأكثر من 1500 قضيّة قتل من سنة 2011 إلى حدود السنة الجارية

• تونس الكبرى تتصدر أعلى الترتيب من حيث حالات العنف بالمؤسسات التربوية

كشفت دراسة أعدها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية عن تنامي ظاهرة العنف الحضري بشكل مفزع في مختلف مؤسسات الدولة وفي الطريق العام وفي الملاعب الرياضية وفي المدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات وكذلك في التحركات الاجتماعية والسياسة وحتى داخل الأسرة وفي الأحياء السكنية، إحصائيات مفزعة من شأنها أن تهدد السلم الاجتماعي ولئن انبثقت عن هذه الدراسة جملة من التوصيات اثر جلسة مغلقة بمقر المعهد بحضور مختلف المصالح الأمنية المختصة والمصالح الاجتماعية وممثلي المجتمع المدني، فإن الوضع بات يثير الانشغال ويستوجب التسريع باتخاذ إجراءات للحدّ منها.

قضايا العنف والجرائم تجاوز مجموعها العام المجموع العام من 2011 إلى 2017 إلى أكثر من 600 ألف قضية مسجلة أي بمعدل 25 % من العدد الجملي للقضايا وهو ما يرفع مؤشر تزايد العنف بالبلاد دون احتساب عدد الاعتداءات الجسدية واللفظية التي تمّ فضّها سواء داخل العائلة أو عن طريق إجراء تداخل لدى السلطة الأمنية، علما وأن جرائم العنف يمكن أن تقترن بجرائم أخرى، كالسرقة والقتل، والسلب وهو ما يرفع في معدّل ارتكاب هذه الجرائم بنسب مفزعة، هذا وقد ارتفعت قضايا القتل مقارنة بين الفترة المتراوحة ( من 2006 إلى 2010) والتي بلغت حوالي 1000 قضية في حين تجاوزت هذه النسبة 1550 من 2011 إلى حدود 2016 ويمكن أن ترتفع إلى 1700 في موفى 2017.

العنف المادي واللفظي في المؤسسات التربوية
لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن جرائم قتل أو حوادث عنف في مختلف المجالات، جرائم وأعمال عنف واعتداءات تهز الرأي العام خاصة تلك التي تحدث في المؤسسات التربوية وهذه الظاهرة التي استفحلت بشكل كبير في الفترات الأخيرة سواء من قبل التلاميذ أو حتى الإطارات التربوية، حيث تمّ تسجيل حالات عنف لفظي وجسدي بالمرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي وصلت إلى حدود غير معقولة وغير مبررة، حيث تمّ خلال سنة 2017 تسجيل أكثر من 14 ألف حالة عنف مادي صادرة عن التلاميذ وأكثر من 7 آلاف حالة صادرة عن الأساتذة وحوالي 5 آلاف حالة صادرة عن بقية الأسرة التربوية أما بالنسبة إلى عدد حالات العنف اللفظي فقد بلغت على التوالي ، أكثر من 5 آلاف بالنسبة للتلاميذ و900 حالة للأساتذة و815 لبقية الأسرة التربوية، وما يلاحظ في حالات العنف أنّه تمّ تسجيل 77 % من حالات العنف بالمجال القروي وأنّ حالات العنف المدرسي بالمدن أكثر من حيث العدد وذلك لدواعي مرتبطة بالبيئة الاجتماعية وبمحدّدات أخرى كالبنية الديمغرافية ودرجة كثافتها، والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية. هذا وتصدّرت تونس الكبرى أعلى الترتيب من حيث حالات العنف المسجلة والتي وصلت إلى 14 % وتلتها جهة سوسة بنسبة 11 % فجهة صفاقس بنسبة 10 % مع الإشارة إلى أنّ 4/3 التلاميذ المتوّرطين في السلوكات المنحرفة هم من الراسبين وثلثيهم 3/2 ممّن تكون نتائجهم خلال العام الدراسي ضعيفة، علما وأن حالات العنف المسجلة تعود أسبابها إلى التعرض للاستفزاز وتناول الكحول وتناول مادة مخدرة والتحرش الجنسي والسرقة والغش في الامتحانات وغيرها من الأسباب والتي وان تعددت فإن النتيجة واحدة.

وبالرجوع إلى الأسباب المؤدّية للعنف المدرسي هناك أسباب تعود إلى تقلّص دور الأسرة التأطيري في ظلّ عمل الأبوين والالتجاء إلى المحاضن والتفكّك الأسري النّاجم عن الطلاق وعدم إشباع الأسرة لحاجيات أبنائها نتيجة تدني مستواها الاقتصادي والفقر والحرمان في بعض الجهات والأحياء وعدم وجود سياسات منظمة لأوقات الفراغ وطرح الأنشطة الترفيهية البديلة وقلّة التنشيط الثقافي والرياضي وعدم توفّر الأنشطة المتعدّدة والتي تشبع مختلف الميولات والهوايات واعتماد بعض المواد على الإلقاء وغياب الديناميكية والتي يلجأ فيها التلميذ إلى التشويش.

توصيات
من التوصيات التي رفعتها المصالح الأمنية، التفكير في اتخاذ إجراءات عاجلة من خلال فرض احترام القانون والتراتيب والمناشير وعدم الخضوع للابتزاز وتطبيقها حينيا في جميع الوزارات وتفعيل الدور الأساسي لوزارة التربية، وتنقية محيط المؤسسات التربوية إضافة إلى تجهيز الفضاءات العمومية تقنيا ( شبكة الكاميرا) وتفعيل السياسة الجنائية في مقاومة العنف من خلال التطبيق الصارم للقانون وكظلك تفعيل دور «رئيس الوحدة المنية» للأمن العمومي (حرس وشرطة وطنية) خاصّة في المجال العلائقي للحفاظ على السلم الاجتماعية وإلزامه على العمل على فض الإشكاليات مع اقتراح تربصات عمل في المجال الاجتماعي ضمن حلقات التكوين.

أما بالنسبة للأطراف المتداخلة في المجال الاجتماعي، فقد دعت إلى إدراج برنامج الوقاية من العنف ضمن البرامج الوطنية ودعم الطب المدرسي والجامعي والوقاية من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر وتنظيم حوار مجتمعي بمشاركة جميع الأطراف المتداخلة والعمل على إستراتيجية وطنية لمكافحة العنف وتعزيز الدور الوقائي من خلال تطوير المشهد الثقافي والعمل على مزيد الانتداب والتعاقد مع أخصائين نفسانيين مع معالجة الزمن المدرسي لتوفير مساحات زمنية لتعاطي الأنشطة الثقافية والرياضية إلى جانب التنسيق مع المصالح الأمنية قصد حماية الطلبة المقيمين من التعرّض إلى العديد من الانتهاكات من قبل بعض المنحرفين بالأحياء المجاورة للمبيتات الجامعية خاصة في الأحياء الشعبية ودعوة كل الطلبة إلى الإبلاغ عن الحالات المرضية التي تهدد بالعنف حتى يتم التدخل العلاجي الوقائي في الوقت المناسب والتكثيف من المراقبة الأمنية بمختلف وسائل النقل وغيرها من التوصيات.

135 ألف قضية في الوسط الحضري
تختلف نسب العنف من الوسط الحضري إلى الوسط الريفي فبالنسبة للوسط الحضري تمّ تسجيل حوالي 110 آلاف قضية في حين تمّ تسجيل حوالي 70 ألف قضية في الوسط الريفي وذلك في الفترة الممتدة من 2006 إلى 2010 وخلال 06 سنوات بداية من 2011 إلى حدود 2017 تمّ تسجيل حوالي 135 ألف قضية في الوسط الحضري في حين تمّ تسجيل حوالي 80 ألف قضية في الوسط الريفي، وفي قراءة للمستوى التعليمي للأشخاص الذين تورطوا في قضايا العنف نجد أنّ 66 % مستواهم تعليم أساسي في حين 34 % مستوى ثانوي وجامعي. أمّا بالنسبة لمعدل الأعمار فإنّ 95 % أعمارهم أكثر من 18 سنة و5 % أقل من 18 سنة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115