طالب بضرورة سحب مشروع القانون وعدم المصادقة عليه، وهو ما يجعل أعضاء اللجنة في حيرة من أمرها في كيفية إرضاء الأمنيين المحتجين من جهة، ومدى قبولها لمواقف المنظمات والجمعيات.
مع تعالي أصوات الأمنيين أمام أسوار البرلمان، المطالبين بضرورة تسريع المصادقة على المشروع المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلّحة، عقدت لجنة التشريع العام يوم أمس سلسلة من جلسات الاستماع إلى ممثلين عن منظمات وجمعيات المجتمع المدني. جلسات الاستماع أبرزت رفضا قاطعا من قبل المنظمات التي تم الاستماع إليها، حتى أن البعض منها طالب بسحبه مباشرة من اللجنة، خصوصا مع وجود بعض التصريحات من قبل الأمنيين المحتجين الذين طالبوا بدورهم بتعديل النسخة الحالية باعتبارها لا تتلاءم مع دستور الجمهورية الثانية.
حيرة بين تعدد المطالب
لجنة التشريع العام استقبلت في الجلسة الصباحية كلا من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والاتحاد العام التونسي للشغل، جمعية المحامين، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان. مواقف المجتمع المدني بدت متشابهة في ما بينها، من خلال إعلان رفضها صراحة لمشروع القانون المذكور، الأمر الذي جعل أعضاء لجنة التشريع العام في حيرة من أمرهم حول كيفية مناقشة مشروع القانون أمام تعدد المقترحات. اللجنة اليوم أمام موقف محرج بين كيفية الإيفاء بوعدها أمام النقابات الأمنية من جهة وبين ما تعهد به رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر بضرورة المصادقة عليه قبل موفى هذا الشهر من ناحية أخرى، وفي المقابل، كيفية إرضاء المجتمع المدني الذي قد يصعد من مواقفه في حالة المصادقة عليه.
مشروع القانون حمل في طياته عديد المصطلحات الغامضة وغير المفهومة وهو ما جعله عرضة للانتقادات، حيث قال مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن حماية الأمنيين لا تكمن من خلال مشروع القانون المعروض، باعتباره يضم العديد من المصطلحات الغامضة الأمر الذي قد يفتح بابا لعودة الديكتاتورية. مشروع القانون زجر الاعتداءات على الأمنيين المثير للجدل، يبدو أنه سيجد صعوبة من أجل المرور بصيغته الحالية، مع إمكانية تأجيل النظر فيه في حال تمسك نواب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بموقفهم، خصوصا وأنهم قدموا كافة الحجج الضرورية التي تفيد بأن البلاد ليست بحاجة إلى مثل هذا القانون نظرا لوجود قوانين فعلية تحمي القوات الحاملة للسلاح من بينها قانون مكافحة الإرهاب ومجلة الإجراءات الجزائية. ومن ناحية أخرى، فإن حماية الأمنيين تكمن بالأساس في تأمينهم وتوفير الحماية لهم أمام ما يواجهونه من صعوبات ومخاطر على أرض الواقع.
بين التعديل والرفض
الاتحاد العام التونسي للشغل بدوره رفض مشروع القانون وحذر من العودة المحتملة للدكتاتورية من خلال مشروع القانون حسب ما صرح به كل من حفيظ حفيظ الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل المكلف بالوظيفة العمومية والخبير في المنظمة الشغيلة عبد السلام النصيري. ممثلو المنظمة الشغيلة بينوا أنه يجب معالجة إشكالية الأمنيين من خلال مشاريع قوانين تصاغ بطريقة بناءة من خلال العمل على تحقيق معادلة صعبة وبعض التوازن بين حماية القوات المسلحة واحترام الحقوق والحريات. المنظمات المهنية اعتبرت مشروع القانون خطيرا على الحقوق والحريات وخاصة فيما يتعلق بحرية التعبير المنصوص عليه في الدستور، حيث بينت جمعية المحامين أن إن القانون العسكري يغطي بالفعل جميع الجرائم المنصوص عليها في مشروع القانون الخاص بحماية القوات المسلحة، على غرار قانون مكافحة الإرهاب الذي يتضمن أحكاما كافية. في حين طالبت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بسحب مشروع القانون باعتباره لا يتلاءم مع أهداف الثورة ومبادئها.
من جهة أخرى، أبدت بعض المنظمات من بينها المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب تخوفاتها من المصادقة على مشروع القانون تحب ضغط الأمنيين وبعض الجهات الحكومية، في حين بينت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أنه بدلا من وضع ميزانية كاملة من أجل تنفيذ مشروع القانون المذكور، فإنه من الأفضل إنفاق هذه الأموال من أجل إصلاح القطاع برمته. مطالب الأمنيين المحتجين ومطالب المجتمع المدني وإن تشابهت برفض الصيغة الحالية، إلا أن النقابات الأمنية تطالب بتحسين الصيغة الحالية لمشروع القانون على عكس الطرف المقابل الذي يرفض المشروع برمته. الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان اعتبرت أن هذا القانون سيؤدي إلى تدهور العلاقة بين القائمين على تطبيق القانون وبين المواطنين.