الكلمة التي ألقتها رئيسة اتحاد المرأة التونسية راضية الجريبي امام المدعوين من مساندي الإتحاد، كان ختامها الحديث عمّا عاشه الإتحاد في سنواته الأخيرة من فترة حرجة، عبر تجنّد عديد الاطراف لتصفيته واجتثاث مؤسساته ومارست ضد قياداته وموظفيه سياسة تجفيف المنابع سياسية كادت ان تكلفه وجوده وقع الإعلان عن قرار رئاسة الحكومة بطيّ صفحة تلك الفترة نهائيّا عبر إعادة اتحاد المرأة التونسية الى تصنيف «المنظمات الوطنية»
ذلك القرار الذي غطّى على باقي رهانات المؤتمر الإنتخابية أو «التأسيسية» كما تريد الجريبي ان يُطلق على مؤتمر المنظمة الـ14، كان من المفترض ان يكون معلنه حفيد راضية الحداد إحدى مؤسسات المنظمة في 1956 ورئيسته طيلة 14 سنة ولكن كان الناطق الرسمي للحكومة ناب يوسف الشاهد في التأكيد على ان الحكومة ستوفر كل الموارد للإتحاد الوطني للمرأة التونسية ليعود منظمة وطنية كما كان.
أزمة هددت وجوده
فخلال السنوات التي تلت 2011 لم يعد الإتحاد الوطني للمرأة التونسية معنيّا بالدعم الذي تتلقّاه المنظمات الوطنية من الدولة لخلاص أجور موظفيها أساسا والتي تبلغ حوالي مليون و100 الف دينار، فموظفو اتحاد المرأة التونسية الـ103 لم يحصلوا على أجورهم طيلة 5 سنوات متتالية وحتى بداية عودة الدعم سنة 2016 لم يكن كافيا لإخراج المنظمة من أزمتها.
فقطع الدعم صاحبه هجوم على ممتلكات الإتحاد الوطني للمراة التونسية وإفتكاكها حتى من طرف مؤسسات الدولة خاصة خلال حكم الترويكا، وتلك الممتلكات من مراكز فلاحية وتكوين تمثّل موارد التسيير الذاتي للمنظمة النسائية والتي تتطلب أكثر من مليون ونصف دينار، فميزانية الإتحاد الجملية الكفيلة بتسيير شؤونه وخلاص موظفيه عادة ما تكون في حدود الـ3 ملايين دينار، وفق ما أكدته رئيسة الإتحاد راضية الجريبي لـ«المغرب».
ولم يقتصر الأمر على تجفيف كل المنابع المادية فمؤتمر الإتحاد الإستثنائي في 23 فيفري 2013 هوجم من طرف رابطات حماية الثورة وكان التوجه لإفتكاك المنظمة قد بلغ أقصاه، لتستمر الأزمة مع ظهور امل طفيف في أن يقرّ مجلس وزاري في 2015 ترأسه العريض إعادة الدعم للمنظمة ولكن لم يتم ذلك لتدخل رئيسة الإتحاد راضية الجريبي وعدد من مناضلات المنظمة في إضراب جوع بأسبوع قطعه تدخل امين عام اتحاد الشغل آنذاك حسين العباسي لحصول المنظمة على 100 الف دينار من وزارة الشؤون الإجتماعية، وكان دعما وحيدا وغير كاف لإخراج المنظمة من ازمتها.
لكن يوم امس السبت وبقرار من رئيس الحكومة يعود الإتحاد الوطني للمرأة التونسية الى تصنيف المنظمات الوطنية، وبذلك يدخل الإتحاد في مرحلة جديدة وصفتها رئيسته راضية الجريبي في تصريح لـ«المغرب» بأنه قرار تاريخي سيسمح للاتحاد الانطلاق بروح جديدة وسيكون له اثر على المنظمة ونشاطها وتوجهها نحو تموقعها الجديد وعلى الوضع العام في البلاد بصفة عامة.
وحتى توقيته كان جيّدا في تقييم الجريبي، فالاتحاد رتب بيته الداخلي خلال الفترة التي تلت سنة 2016 واحيا فروعه ويتابع قضايا اعادة ممتلكاته و«اليوم الاتحاد تاسس من جديد وسننظر الى المستقبل وسنؤسس لمنظمة جديدة وقواعد عمل جديدة وعلاقات جديدة وتموقع جديد على مستوى الحياة العامة وستكون مراجعة النظام الداخلي خلال اشغال المؤتمر احد اهم ادوات نفخ روح جديدة في المنظمة الوطنية النسائية»، وفق تعبير رئيسة الإتحاد الوطني للمرأة التونسية.
نظام داخلي وهياكل جديدة
«تونس بنسائها» مثل شعار مؤتمر الإتحاد الوطني للمرأة التونسية الـ14 الذي وقع إفتتاحه أمس السبت بالحمامات والذي سيتواصل الى حدود اليوم الأحد برئاسة الأمين العام لإتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، ومن المنتظر ان يفرز أساسا تنقيح النظام الداخلي الذي سيمثّل أحد أهم ادوات التأسيس والتموقع الجديد وفق تعبير رئيسة المنظمة راضية الجريبي.
كما سيتمّ إنتخاب هياكل جديدة لقيادة المنظمة الوطنية النسائية خلال الفترة المقبلة، والهيكل الأساسي الذي سيقع انتخابه هو اللجنة المركزية المتكونة في جزئها المنتخب بين 50 و80 عضوة، بإعتبار ان رئيسات الرابطات و24 نائبة عن الجهات اعضاء فيه بصفتهنّ، وقد ترشحت لعضوية اللجنة 99 من قيادات ومنخرطات الاتحاد الوطني للمراة التونسية.
وفيما بعد ستنتخب عضوات اللجنة المركزية مكتبا تنفيذيا من بينهنّ سيتكون من 14 عضوة بعد تنقيح النظام الداخلي للمنظمة، كما ستنتخب عضوات اللجنة المركزية رئيسة للإتحاد الوطني للمرأة التونسية من بين أعضاء اللجنة كذلك، مع العلم ان الرئيسة الحالية راضية الجريبي هي الوحيدة التي أعلنت ترشحها.