صعوبات بالجملة تعيشها الدورة الاستثنائية إلى حد الآن، فغياب التوافقات بين الكتل البرلمانية حول مسألة سد الشغور صلب تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ليست وحدها المشكل الرئيسي. حيث عطلت ظاهرة الغيابات في صفوف نواب الشعب خصوصا خلال مناقشة مشروع مجلة الجماعات المحلية، عملية المصادقة على فصول مشروع القانون وهو ما جعل رئيس المجلس يتخذ جملة من الإجراءات.
مجلس نواب الشعب اقترب من استكمال عملية سد الشغور صلب هيئة الانتخابات، حيث قرر مكتب المجلس خلال اجتماعه أمس عقد جلسة عامة لسد الشغورات بعد ان تعذر ذلك خلال الجلسة الفارطة لعدم اكتمال النصاب وعدم التوافق حول الأسماء المترشحة، على أن تقع دعوة رؤساء الكتل لعقد اجتماع صباح اليوم الثلاثاء لمزيد التشاور والاتفاق حول أحد الأسماء المترشحة في صنفي الأستاذ الجامعي والقاضي الإداري.
تواصل الغيابات
واصلت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح النظر في مشروع مجلة الجماعات المحلية خلال اجتماعها يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب، وذلك بعد جلسة سابقة تمكنت خلالها من النظر في 11 فصلا من مشروع المجلة، مقابل إرجاء النظر في الفصلين 6 و7 المتعلقين بالتفرغ بالنسبة لرؤساء البلديات. لكن في المقابل، تواصل غياب النواب عن أشغال اللجنة للمرة الثانية على التولي، حيث حضر نفس العدد تقريبا أي 10 أعضاء فقط باحتساب رئيس اللجنة، ونائبه ومقرريها. وفي هذا الإطار، طالب رئيس اللجنة بضرورة توفير آليات العمل المناسبة للتشجيع على الحضور في صفوف النواب، كتخصيص قاعة في مقر مجلس نواب الشعب، وليس مثلما هو مقرر أن يكون في المبنى الفرعي للبرلمان أي مجلس المستشارين سابقا، حتى يكون النواب قريبين من كتلهم من أجل مزيد التواصل والتشاور.
إشكالية الغيابات وكيفية التصدي لها
إشكالية الحضور والغيابات في صفوف هذه اللجنة، أجبر أعضاء اللجنة على إبراز هذه المسألة أمام رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، حيث بينت النائبة عن حركة النهضة ومقررة اللجنة منية إبراهيم أن هناك إشكالا واضحا في الغيابات، حيث حضر في الجلسة السابقة 6 فقط نواب من كتلتين فقط وهو ما يصعب عملية التصويت على فصول مشروع المجلة. كما أضافت أن اللجنة بدورها ليست لها القدرة للضغط على رؤساء الكتل، وهو ما قد يجعل النقاش حول مشروع المجلة يعاد من جديد في الجلسة العامة، مطالبة في ذلك رئيس المجلس بإيجاد الحلول واتخاذ القرارات المناسبة. الغيابات أحرجت نوعا ما اللجنة ورئيس المجلس نظرا لأهمية مشروع المجلة والمسار البلدي، لذلك تعهد الناصر باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل التصدي لهذه الظاهرة وحث النواب على الحضور. وفي هذا الإطار، قال محمد الناصر أنه سيقوم بمراسلة رؤساء الكتل البرلمانية ومدهم بأسماء النواب أعضاء اللجنة ومن ينوبهم في حالة الغيابات، مضيفا أنه لتسهيل الأعمال يجب وضع روزنامة للعمل في الايام القادمة حتى يتم مدها لأعضاء اللجنة، وبذلك لا يكون لهم عذر لتبرير الغيابات.
أهمية مشروع المجلة
رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر افتتح أشغال اللجنة خلال اجتماعها الثاني، من خلال كلمة مقتضبة ألقاها على مسامع أعضاء اللجنة. وبين الناصر أن السلطة المحلية تعتبر مبدأ دستوريا هاما ومرحلة أساسية من مراحل الانتقال الديمقراطي، حيث سيتم تشريك المواطنين في وضع القرارات والخيارات في ما يخص الخدمات والإصلاحات المتعلقة بالشأن البلدي، مع الحفاظ على وحدة الدولة دون أية تقسيمات جهوية. وأضاف أن الانتخابات البلدية تأخرت في ظل تذمر المواطنين من تردي الخدمات البلدية، لذلك فإن مجلس نواب الشعب سيساهم في تسيير عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتوفير المناخ المناسب لها من أجل القيام بأعمالها على أحسن وجه.
من جهته، قال رئيس اللجنة الناصر جبيرة انّ اللجنة قامت بعديد الزيارات والاطلاع على التجارب المقارنة الأجنبية في ما يتعلق باللامركزية، إل جانب اعتماد اللجنة لسياسة التشارك من أجل الخروج بمجلة ترسخ نظام حكم محلي ناجح وتحقيق الأهداف التي رسمها الباب السابع من الدستور تحقيق ديمقراطية القرب والمشاركة للجميع، ثم تحقيق التنمية الجهوية وانعدام التفاوت بين الجهات من خلال إسناد سلطة القرار إلى متساكني الجهة باعتبارهم الأقرب للتعرف على مشاكلهم واهتماماتهم.
استكمال المصادقة على الفصول
وبالعودة إلى أعمال اللجنة، فقد تم الانطلاق في مناقشة الفصل 12 المتعلق بصلاحيات الجماعات المحلية، حيث تم تحسين الصياغة لينص الفصل على أن الجماعات المحلية تنفرد بمباشرتها و بصلاحيات منقولة من السلطة المركزية، وتتمتع كذلك بصلاحيات مشتركة بينها و بين السلطة المركزية تباشرها بالتنسيق و التعاون معها على أساس التصرف الرشيد في المالية العمومية والأداء الأفضل للخدمات. كما ناقشت اللجنة الفصل 13 المتعلق بتمكين السلطة المركزية من ممارسة الصلاحيات الذاتية بطلب من الجماعة المحلية المعنية، إضافة إلى أنه للسلطة المركزية مباشرة صلاحيات ذاتية عند تقاعس الجماعة المحلية الفادح أو عجزها عن ممارسة الصلاحية رغم صبغتها الضرورية و وجود خطر جدي داهم، و ذلك بعد التنبيه عليها دون نتيجة. هذا وقد تم تقديم مقترح من قبل عدد من مكونات المجتمع المدني تبنته اللجنة، يهدف إلى إمكانية رفع دعوى لدى المحكمة الإدارية في صورة وجود تقاعس أو خطر داهم لفض النزاع، لكن تم تأجيل الحسم فيه إلى الجلسة القادمة.
من جهة أخرى، واصلت اللجنة في جلسة مسائية النظر في فصول المجلة، حيث صادقت على الفصول من 14 إلى 20 بتغييرات بسيطة على مستوى صياغة. هذه الفصول المندرجة ضمن صلاحيات الجماعات المحلية وتنص بالأساس على توزيع الصلاحيات المشتركة والمنقولة من السلطة المركزية بين مختلف أصناف الجماعات المحلية على أساس مبدأ التفريع ومبدأ التدبير الحر، بالاضافة إلى التنصيص على صلاحيات الإقليم التي تنحصر أساسا في وضع المخططات ومتابعة الدراسات والتنفيذ والتنسيق والمراقبة.
هذا ومن المنتظر أن تستكمل لجنة تنظيم الإدارة المصادقة على فصول مشروع المجلة في جلسة تعقد صباح اليوم بمقر مجلس نواب الشعب.