تطرقت اغلب تدخلات نواب الشعب التي دامت قرابة ثماني ساعات، عقب نهاية خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إلى الوضعية الاقتصادية التي تمّر بها البلاد، بالرغم من بعض الانتقادات المتعلقة بطريقة إجراء التحوير الوزاري أو بعض الأسماء المقترحة. في المقابل، فقد شهدت الجلسة العامة غياب بارز لنواب المعارضة، حيث لم يتدخل أغلب وجوه المعارضة في البرلمان على عكس الجلسات الفارطة من جلسات منح الثقة الجزئي منها أو للحكومة بأكملها، في حين هيمنت تدخلات نواب الكتل الممثلة في الحكومة.
هذا وقد هيمن النقاش على مناقشة ما صرح به رئيس الحكومة من تعهدات وإصلاحات اقتصادية، خاصة وأنه تم التعهد في أكثر من مناسبة بإجراء إصلاحات هيكلية إلا أنه ليس هناك مؤشرات واضحة في هذه المسألة. كتلة حركة نداء تونس من أبرز الكتل المساندة لهذا التحوير، حيث اعتبر النائب محمد جلال غديرة أن الحكومة حققت نجاحات في جميع المستويات تقريبا بعد سنة من الانطلاق في أعمالها. كما بين في نفس الوقت أنه هناك عديد الفرص بالنسبة للشباب لبعث المشاريع خصوصا في الفلاحة ومجال الطاقات المتجددة، مشيرا إلى أن التحوير يحمل عديد الكفاءات بالرغم من أنها حزبية.
من أجل النهوض بالوضع الاقتصادي
النقاش العام بين نواب الشعب لم يكن بعيدا عن محور خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حيث انحصر بالأساس في مناقشة الوضع الاقتصادي والحلول الضرورية للنهوض به في ظل الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد. نواب الشعب اعتبروا أن التحوير الوزاري في علاقة بمنح الثقة أمر تم الحسم فيه سابقا وذلك من خلال المواقف السابقة للأحزاب الممثلة في البرلمان، لكن في المقابل، فإن برامجها ستتجلى من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2018 المنتظر إحالته على أنظار مجلس نواب الشعب خلال المدة القادمة. وفي هذا الإطار، قال عماد الخميري النائب والناطق الرسمي باسم حركة النهضة أنّ البلاد تشهد عديد الصعوبات والإشكاليات من أجل النهوض بالاقتصاد وإعادة التوازنات المالية، في علاقة بالأولويات التنموية. كما بين أن الحكومة يجب عليها أن تستجيب لحاجيات التونسيين والحد من البطالة وإعادة التوازن الجهوي ومراجعة المنوال التنموي، وكذلك تحسين القدرة الشرائية للتونسيين، بالإضافة إلى الاستمرار على نهج الاستقرار الأمني.
بعض الانتقادات..
لكن في المقابل، فقد بين نواب حركة النهضة أن منح الثقة للتحوير الوزاري وتوفير الحزام السياسي لحكومة الوحدة الوطنية، سيكون مشروطا عن طريق المراقبة في مجلس نواب الشعب حسب أعمالها وما تعهدت به من انجازات. اغلب الكتل البرلمانية باستثناء المعارضة تقريبا أكدت مساندتها لهذا التحوير، بالرغم من بعض الانتقادات سواء على مستوى البرامج والإصلاحات المعلنة أو حول طريقة إجراء التحوير. ومن جهته، قال النائب صلاح البرقاوي عن كتلة الحرة لمشروع تونس أن الجميع يتحدث عن التحوير الوزاري، متغافلين في ذلك عن البرامج، إضافة إلى أن هناك عديد الأسماء لم تنل رضا الجميع ولا تخدم المصلحة العامة، وذلك نتيجة اعتماد المحاصصة الحزبية في تشكيل الحكومة. كما تساءل عن أسباب إعادة بعض الأسماء المشاركة في الحكومة السابقة التي أثبتت فشلها على حد تعبيرها، على غرار بعض الأسماء التي تم نقلها إلى مناصب أخرى دون أي تقييم أو ذكر للأسباب.
من جهة أخرى، شهد منصب كتابة الدولة للدبلوماسية الاقتصادية بعض الانتقادات في ظل وجود وزارة تعاون دولي، خصوصا وأن هذا المنصب سوف يتسبب في انتخابات جزئية في دائرة ألمانيا وهي انتخابات مكلفة في درجة أولى إلى جانب أنه سيتسبب في شوشرة صلب مجلس نواب الشعب، حتى أن من اعتبر أن التحوير يعتبر من الترميم للتشكيلة السابقة، لكن المحاسبة ستكون على ما سيتضمنه مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.
ضرورة التسريع في الإصلاحات
أغلب تدخلات نواب الشعب في النقاش العام انحصرت بالأساس في مساندة الحكومة خصوصا من قبل الكتلة الوطنية، حيث قالت النائبة ناجية عبد الحفيظ أنه يجب التسريع في انجاز الإصلاحات الكبرى في البلاد، بعد نجاح الحكومة في بسط الأمن والاستقرار. في حين انتقدت عدم تفعيل كتابة الدولة للهجرة التي بقيت معلقة على حد تعبيرها بين وزارة الشؤون الخارجية والشؤون الاجتماعية.وضرورة الانطلاق في الإصلاحات دون أيّ تأخير في جميع القطاعات وهو مطلب أجمع عليه أغلب النواب تقريبا، حيث اعتبرت النائبة عن كتلة آفاق تونس ليليا يونس قصيبي أنه وجب الانطلاق في الإصلاحات الكبرى ومواجهة المشاكل خاصة الاقتصادية، حيث تمّت إعادة نفس الوعود من جديد، لكن المشكل يكمن بالأساس في منسوب الثقة والجرأة في اتخاذ القرارات.
تساؤلات عن أسباب التحوير
لكن هذه الإصلاحات لم تقنع المعارضة مرة أخرى، التي أعلنت صراحة التصويت ضد هذا التحوير، حيث قال هيكل بلقاسم النائب عن الجبهة الشعبية أن تصويت الجبهة ضد كافة الحكومات المتعاقبة ليس ضد الأسماء، إلا أن كافة المؤشرات تبدو سلبية من حيث المديونية والوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. في حين تساءلت النائبة عن التيار الديمقراطي وعن الكتلة الديمقراطية سامية عبو أنه إذا كانت الحكومة نجحت في مهامها، فلماذا يتم إجراء تحوير وزاري شامل وليس جزئي، إضافة إلى أنه في حالة النجاح في الحرب على الإرهاب، فلماذا يتم الاستغناء عن وزيري الداخلية والدفاع الوطني. كما انتقد نواب الاتحاد الوطني الحر الحكومة السابقة بالرغم من إعلانهم من خلال بيان صادر أول أمس مساندتهم لهذا التحوير، حيث قالت النائبة درة اليعقوبي أن فشل حكومة الوحدة الوطنية برز من خلال تردي أوضاع التنمية في الجهات الداخلية.
هذا وتواصلت الجلسة العامة إلى ساعة متأخرة من ليلة أمس، في انتظار استكمال النقاش العام ثم التصويت على 20 منصبا بين كتاب دولة ووزراء.