وقد سعت الهيئة إلى إقناع المشاركين والرأي العام، بأنها مستعدة تمام الاستعداد، لكن يبقى للأحزاب دور مهم كذلك في إنجاح هذا الاستحقاق.
عقدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صباح أمس بإحدى نزل العاصمة، لقاء موسعا مع الفاعلين السياسيين حول «معطيات تسجيل الناخبين للانتخابات البلدية»، ثم عقدت لقاء ثانيا في الفترة المسائية مع مكونات المجتمع المدني استعدادا للاستحقاق الانتخابي البلدي.
اللقاء تناول في بدايته بعض الأرقام الجديدة حول عدد المسجلين الذي فاق إلى حدود منتصف الليل من أول أمس 500 ألف و813 مسجلا مع وجود 80 ألف عملية تحيين. كما تم تسجيل رقم قياسي أول أمس بتسجيل أكثر من 20 ألف مسجل، حسب ما صرح به الرئيس المؤقت للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أنور بن حسن، الذي بين أن هذا الرقم يعتبر محترما في حالة زيادة عدد المسجلين في انتخابات 2011 و2014، فإنه بذلك سيتم تحقيق ثلثي الجسم الانتخابي بأكثر من 5 ملايين و300 ألف مسجلا.
إجراءات استثنائية لفائدة القوات الحاملة للسلاح
ومن أهم المسائل التي طرحها صلب الاجتماع، حول إمكانية تمديد آجال التسجيل أو فتحها في مناسبة ثانية مثلما جرت العادة في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، حيث بين بن حسن أن مجلس الهيئة سيجتمع (ليلة أمس) من أجل اتخاذ القرار المناسب سواء بالتمديد أو غلق باب التسجيل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التمديد سيؤثر على بقية الآجال كالطعون وآجال التقاضي. كما اتخذت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إجراءات استثنائية أو خاصة بالنسبة للفئة الجديدة التي تم إدخالها في السجل الانتخابي بعد تنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء وهي القوات الحاملة للسلاح من أمنيين وعسكريين. وصرح نبيل بفون عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنه بالنسبة للأمنيين والعسكريين، فقد تم اتخاذ اجراءين اثنين، الأول يتمثل في الحفاظ على المعطيات الشخصية من خلال عدم نشر القائمة الاسمية للأمنيين وللعسكريين حتى لا تكون الأسماء في كل منطقة بلدية معروفة لدى العموم. في حين يتمثل الإجراء الثاني في سرية الاقتراع وذلك من خلال عدم فتح الصندوق في يوم الاقتراع الذي تم إقراره يوم 10 ديسمبر، ثم فرزه بصندوق آخر مع المدنيين حتى لا يكون هناك محضر خاص بالأمنيين، ولا يتم التعرف على توجهات القوات الحاملة للسلاح.
هذا وقد أوضح نبيل بفون أنه إلى حد الآن لا يمكن التعرف على عدد الأمنيين والعسكريين المسجلين، باعتبار انهم يسجلون كمواطنين عاديين، لكن قبل 10 ديسمبر سيتم استخراج سجل الأمنيين والعسكريين ثم دراسة كيفية توزيعهم على الخارطة البلدية، وحسب العدد سيتم إحداث مراكز اقتراع خاصة بهم، والمرجح أن يكون هناك 350 مركز اقتراع، أو أكثر في حالة إن كان العدد يفوق سعة المكتب الواحد.
المطالبة بتأجيل موعد الانتخابات
اللقاء مع ممثلي الأحزاب السياسية انحصر في نقاش سياسي أكثر منه تقني، حيث طالبت أغلب الأحزاب المشاركة بضرورة تأجيل موعد الانتخابات البلدية لعديد الاعتبارات منها عدم توفر مناخ انتخابي ملائم، خصوصا في ظل ضعف عدد المسجلين على حدّ تعبيرهم. هذا المناخ غير الملائم وعدم توفير الضمانات اللازمة، جعل الأحزاب تطالب الهيئة بمراجعة الروزنامة، حيث قالت رئيسة المجلس المركزي لحركة مشروع تونس وطفة بلعيد أنه يجب التعرف على أسباب وصول الهيئة لهذه الأرقام من ناحية التسجيل والذي قد يعكس نسبة الاقتراع في الانتخابات البلدية، باعتبار أن الفترة الصيفية تشهد كثيرا من العطل وتنقل التونسيين، خصوصا وأن التسجيل يجب أن يكون في الدائرة الانتخابية التابع لها. كما اعتبرت أن
اختيار تاريخ 17 ديسمبر كموعد لإجراء الانتخابات البلدية غير مناسب، بالرغم من معارضة أغلب الأحزاب السياسية لذلك، لأنه إلى حد الآن لم يتم تركيز محاكم إدارية فرعية كما أن الوقت غير كاف مقارنة بتاريخ الانتخابات.
هذا وقد انتقدت أغلب الأحزاب غير المشاركة في الحكومة تمسك الهيئة بهذا الموعد، بالإضافة إلى ضعف حملاتها التحسيسية من أجل التشجيع على التسجيل، حتى أنهم اعتبروا أن الهيئة تشتغل بمعزل عن المناخ الانتخابي وتشتغل بصفة إدارية فقط، خصوصا وأن الانتخابات لا تنحصر في صندوق اقتراع وقائمات وترشحات بل إن الانتخابات مناخ يجب العمل على توفيره، نافين عدم جاهزية أحزابهم لهذا الاستحقاق، بل أن التحدي يكمن بالأساس في توفير الضمانات اللازمة لإنجاح الاستحقاق الانتخابي القادم. ومن جهته، قال زياد لخضر عن الجبهة الشعبية أن الهيئة لا تزال مصممة على هذا التاريخ بالرغم من عدم جاهزية مجلة الجماعات المحلية وعدم سد الشغور صلب مجلس الهيئة، ثم المشاكل المتعلقة بالتسجيل والحملات الانتخابية، مع تواصل حالة الإحباط في صفوف التونسيين وهو ما قد يجعلهم لا يقبلون على الاقتراع. وطالب لخضر بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان مشاركة التونسيين في ذلك التاريخ ، لان العزوف عن الانتخابات سينتج عنه مشهد سياسي أعرج لا يعبر عن توجهات التونسيين.
للأحزاب دور في إقناع الناخبين
الأحزاب المعارضة جميعها تقريبا حملت المسؤولية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مطالبتها بضرورة خلق مناخ انتخابي سليم، على أن يكون دور الأحزاب في إقناع التونسيين بالبرامج الانتخابية والقائمات المترشحة. دور الأحزاب مهم جدا من أجل إرجاع الثقة بين المواطنين والفاعلين السياسيين، وهو ما نبهت إليه الأحزاب التي تحظى بتمثيلية أوسع، كحركتي النهضة ونداء تونس. وقال رئيس اللجنة القانونية لحركة نداء تونس مراد دلش أن النقاش يجب أن لا ينحصر حول تأجيل موعد الانتخابات من عدمه، بل يجب البحث حول كيفية تشجيع المواطنين على الاقتراع، في ظل وضع متذبذب نتيجة غياب مجال يساهم في تحسين الخدمات للمواطنين. كما بين أن دور الأحزاب ينحصر خلال هذه المرحلة في التعبئة وتقديم برامج انتخابية ثمينة حتى يتم إقناع المواطنين بالإقبال على الانتخابات
تأجيل الانتخابات غير مطروح
في المقابل، اعتبر أعضاء الهيئة أنه على عكس ما يتداول فإن هيئة الانتخابات جاهزة تماما لهذا الاستحقاق، حتى أنها انطلقت في التحضير والنقاش حول عمليات الفرز، لذلك فإن تأجيل الانتخابات غير مطروح. وبين رئيس الهيئة المؤقت أنور بن حسن أنه بخصوص وجود بعض التخوفات من عدم جاهزية المحاكم، فإنه قد تم عقد لقاء مع الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، من أجل البحث عن السبل الكفيلة لتفادي الصعوبات والبطء في الإجراءات حتى تكون المحاكم الفرعية جاهزة في أقرب الآجال.
من جهة أخرى، تطرق النقاش بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومنظمات المجتمع المدني حول التسجيل وكيفية تحيين السجل الانتخابي وحول الحملات التحسيسية من أجل الحث على الاقتراع، لينحصر الحديث في المسائل التقنية البحتة مثل كيفية مراقبة مراكز الاقتراع وتنظيم المسار الانتخابي ككل وتفادي بعض الاخلالات السابقة في الانتخابات التشريعية والرئاسية.