تهم جديدة وهي طلب السماح بعملية إنزال لقوات أجنبية على الأراضي التونسية. وكأن الرجل تحركه رغبة «انتقام» لم تهدأ بعد سنين.
يصنف منصف المرزوقي علاقته بالجيش التونسي ووفق مرحلتين زمنيتين، الاولى مرحلة تقلد الجنرال رشيد عمار خطة قائد اركان الجيوش الثلاثة والثانية بعد استقالته سنة 2013. فالمرزوقي وفي اكثر من مناسبة آخرها في برنامج شاهد على العصر الاثنين الفارط حيث ذكر ان علاقته بالمؤسسة العسكرية تحسنت بعد استقالة قائده رشيد عمار.
المرزوقي الذي يقول انه كان مطمئنا للجيش التونسي «لأنه هيكليا هو جيش بنســـبة 99.99 % ليس به فساد أو تسييس، وجيش منضبط وهذه هي المدرسة الفرنسية، فلم أكن أخشى منه شيئا» نافيا أن تكون المؤسسة العسكرية تغولت على السلطة، مؤكدا أنه «لم يحدث هذا أبدا في أي لحظة ولم تكن تدير السياسة من خلف الستار». بل شدد على أنه راهن على صلابة ومتانة الجيش» فكسب الرهان «وفي نهاية المطاف كان القائد الأعلى للقوات المسلحة».
هذه الكلمات هي مفتاح فهم ما يحدث بين الرئيس السابق المنصف المرزوقي والجيش التونسي، الذي اتهم قائده رشيد عمار ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي بأنهما كانا مع القيام بإنزال عسكري أمريكي في تونس بعد أحداث السفارة الأمريكية وانه أي المرزوقي هو من حال دون ذلك.
تماما كما حال دون وقوع انقلاب على الحكم في تونس في صائفة 2013، وهي رواية لايزال الرئيس السابق يكررها كلما اطل في وسيلة اعلامية او تحدث في منبر، إصرار لايزال رغم تكذيب مستشاره السياسي السابق عزيز كريشان في كتابه وفي تصريحات صحفية صحة وجود مخطط انقلابي.
وليس كريشان فقط من كذب رواية انقلاب الجيش على السلطة كما يريد ان يسوقها المنصف المرزوقي في الحلقات القادمة من برنامج شهادة على العصر، اذ ان مدير ديوانه السابق عدنان منصر قال في احدى إطلالاته الإعلامية ان «الانقلاب لم يكن عسكريا».
نفي رواية الانقلاب قام به كل الفاعلين في الحكم أو لهم ارتباط مباشر بالمؤسسة العسكرية في تلك الفترة، نفي تم اما بصفة مباشرة او بغيرها، لكنه لم يحل دون ان يتمسك المرزوقي بروايته كما تمسك بـ«عدائه» للجنرال رشيد عمار، الذي اتهمه بانه عصى اوامره، وانه طلب بعملية انزال وجعله سبب عدم تفاهمه مع الجيش بان قال بصريح العبارة ان الجنرال عمار كان يرفض ان يسمح له كرئيس للجمهورية وكقائد اعلى للقوات المسلحة بالاطلاع عن قرب على المؤسسة العسكرية.
جدار رفعه الجنرال عمار امام المنصف المرزوقي ومجموعته يبدو انه كان السبب في العداء خاصة وأن مصادر مطلعة في الوزارة أكدت ان المرزوقي وفريقه حاولا التدخل في ملف التعيينات بالمؤسسة العسكرية او المنشآت التابعة لها، وهو ما رفضته المؤسسة والوزارة.
بقاء المرزوقي خارج اسوار وزارة الدفاع وخارج منشآت المؤسسة العسكرية يبدو انه محرك الغضب تجاه الجنرال رشيد عمار، وهو ما يظهر في جملة نطق بها المرزوقي في الحلقة 17 من برنامج شاهد على العصر قال فيها «ان الوضع مع الجيش تغير بعد خروجه» في اشارة الى رشيد عمار. تحسن العلاقة أبرزه المرزوقي بانه بات على اطلاع اكبر بما يحدث في المؤسسة العسكرية وبإشارته وتلميحاته ان مخطط الانقلاب فشل، لكن حقيقة الامر مختلفة تماما عما يقوله المرزوقي ويسعى الى ان يرسخه في ذاكرة التونسيين.
ذاكرة يريدها المرزوقي ان تحتفظ بما يرغب فيه، وما يرغب فيه هو ان يكون «الزعيم» «المناضل» «المفكر» «الثوري» منقذ تونس من مخاطر الانقلاب والتدخل الاجنبي والجان ان لزم الامر، فما يحركه هو ترسيخ صورة او مغازلة كل صوت انتخابي ممكن من اجل ان يعود الى قصر قرطاج كرئيس منتخب من الشعب مهما كلفه الثمن ومهما كان حجم التنازلات الممكنة.