لجنة التشريع العام في النظر في مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على الأمنيّين المثير للجدل عبر عقد جلسة استماع لوزير الداخلية الهادي مجدوب ووزير الدفاع الوطني فرحات الحرشاني، فيما خُصصت الحصة المسائية للإستماع لمختلف النقابات الممثلة للأسلاك المعنية بمشروع القانون. وزير الداخلية الهادي مجدوب خلال حديثه عن أسباب التقدم بمشروع القانون أكد ان تواتر الاعتداءات على الأمنيين فرضت استعجال النظر في مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح وكشف انه منذ سنة 2011 الى اليوم تعرّض 60 عون أمن للقتل فيما جُرح 2000 اخرين خلال آدائهم لمهامهم.
والتداعيات الخطيرة للاعتداءات على القوات الأمنية وفق وزير الداخلية تطلبت استعجال النظر في القانون لتوفير الإمكانيات اللازمة لحمايتهم بالنظر إلى أهمية الدور الموكول لهم في توفير الأمن خاصة ان الأحكام الحالية الواردة بالمجلة الجزائية وفق تقديره منقوصة وغير كافية لضمان الحماية اللازمة للقوات الحاملة للسلاح والسلامة الشخصية لاعوانها بالمقارنة مع الأحكام التي اتخذتها عديد الدول الديمقراطية.
وبخصوص الباب الثاني من مشروع القانون المتعلّق بإفشاء الأسرار فالهدف من سنه وفق مجدوب هو سدّ الثغرة الموجودة في هذا الجانب من خلال نص قانوني يحمي أسرار الأمن الوطني على غرار الحماية التي يكفلها المشرع في سلك الدفاع الوطني وقد اعتبر مجدوب ان ما ورد في مشروع القانون من عقوبات لا يمس من حقوق الإنسان ولا يتعارض معها، وقد طالب النائب عن حركة مشروع تونس محمد الطرودي بضرورة الا يتعارض الباب الثاني من مشروع هذا القانون مع حقّ النفاذ للمعلومة المقنّن.
لم يتم إقحام العسكريين في القانون
وزير الدفاع الوطني فرحات الحرشاني خلال الاستماع اليه بلجنة التشريع العام بخصوص مشروع قانون زجر الإعتداء على القوات الحاملة للسلاح إعتبر ان مشروع القانون يندرج في إطار سد فراغ قانوني خاصة ان بعض البلدان الديمقراطية قد قامت بسن هذا الصنف من التشريعات لحماية قواتها الأمنية وهو ما أصبح ضروريا لتوجيه رسائل سياسية إيجابية للأمنيين.
اما ما اعتبره عدد من النواب إقحاما الجيش الوطني في مشروع هذا القانون بإعتبار ان العسكريين لهم الآليات القانونية لحمايتهم، فقد اكد وزير الدفاع الوطني ان الجيش هو من طالب بهذا القانون نظرا الى أن الدستور نص في الفصل 18 على معاضدة الجيش الوطني للسلطات المدنية ودعمها وهو ما يحيل على ان ضرورة سن قانون يحمي العسكريين خلال دعم السلطات المدنية وحماية المنشآت الموجودة داخل المدن.
كما أشار إلى انّ مشروع زجر الإعتداء على القوات الحاملة للسلاح يختلف عن الأمر الرئاسي المتعلق بحماية المناطق الحساسة ومناطق الإنتاج بالنظر إلى انّ الأول جاء في إطار دعم وحدات الجيش لقوات الأمن والثاني يتعلق بالمناطق العسكرية المحجرة والمدققة جغرافيا بقرار من وزير الدفاع والوزير المعني بالمنشأة. تجدر الإشارة الى ان عددا من مداخلات النواب خلال النقاش صبت في إتجاه التأكيد على ان المجلة الجزائية ومجلة المرافعات والعقوبات العسكرية قد نصت على عقوبات أكثر صرامة مما وردت في مشروع قانون زجر الإعتداء على الأمنيين مما يحيل وفق بعض النواب إلى أن إقحام العسكريين في مشروع هذا القانون هدفه إضفاء الشرعية على مطالب الأمنيين استنجادا بالجيش الوطني.
البرلمان سيجد منطقة وسط
النائب عن حركة النهضة وعضو لجنة الحقوق والحريات نوفل الجمالي أكد في تصريح لـ»المغرب» انه من الضروري سن قانون يحمي الامنيين ومجلس النواب له خبرة في إيجاد منطقة وسط بين حماية الامن والحريات في ذات الوقت وتبلور ذلك خاصة من خلال قانون الإرهاب الذي خلق موازنة بين الحفاظ على الحقوق وحماية الحريات وبين ضرب الإرهاب بيد من حديد وقد أوجد المجلس المنطقة الوسط بينهما.
كما أشار النائب الى ان مجلس النواب لم يُفرز اي قانون كما تقدمت الجهة المبادرة، حيث خضعت كل القوانين الى تعديلات جوهرية وعميقة بما يتلاءم مع نص الدستور ونهج حماية الحقوق والحريات، واعترف الجمالي بضرورة سن قانون يحمي الامنيين ويمكنهم من العمل بأريحية نفسية.
ولكن في المقابل إعتبر انه يجب ان لا تدفع ضرورة سن قانون يحمي الامنيين الى المغالاة وتكون العملية التشريعية محكومة بردود الأفعال، واكد ان لجنة الحقوق والحريات تتطرق الى موضوع مشروع القانون والتخوفات من بعض فصوله وعلى الأرجح ستتواصل مع لجنة التشريع العام وتقديم مقترحات لتعديل الفصول التي تتعارض مع الدستور وحتى ان لم يكن ذلك خلال اللجنة فإن الجلسة العامة تضمن لأعضاء لجنة الحقوق والحريات طرح مقترحات تعديلاتهم.
ليست هناك حاجة الى القانون
النائب عن حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي أحد الرافضين لمشروع القانون وفكرة إفراد القوات الحاملة للسلاح بقانون خاص بهم وقد إعتبر في تصريح لـ«المغرب» ان هناك الباب الرابع من المجلة الجزائية يتضمن أكثر من 17 فصلا يجرم الإعتداء على الموظفين العموميين والأسلاك الامنية والعسكريين يعتبرون موظفي دولة وهناك تشديد عقوبة حتى بالإشارة او بالعنف الخفيف الذي وفي حالة تعرض مواطن عادي له فان العقوبة خطية مالية في حين ان كان الموظف العمومي هو المتعرّض له فان العقوبة تصل الى السجن.
ليس هناك فراغ تشريعي للتقدم بمشروع قانون زجر الإعتداء على الأمنيين في حين ان هناك بعض الأفعال غير المجرمة كالإعتداء على عائلات القوات العاملة للسلاح في علاقة بوظيفتهم أو ممتلكاتهم وهنا يجب تعديل القانون وإقرار آليات تعويض مادية واضحة وتوفير معدات العمل حتى لا يصبح الامر متعلقا بقانون خاص يتضمن تشديدا في العقوبات المبالغ فيها، وخاصة الباب الثاني الذي لا علاقة له بعنوان مشروع القانون.
تضييق على العمل النقابي الأمني
ليس غازي الشواشي فقط من يعتبر ان الباب الثاني من مشروع قانون زجر الإعتداء على الامنيين ليست له اي علاقة بحماية الأمنيين حيث أكد الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل لـ»المغرب» مهدي بالشاوش ان الباب الثاني يتضمن فصولا تنتهك الحريات والحق في المعلومة والغرض منها التضييق على العمل النقابي الامني والعمل الاعلامي وتنتج قصورا عن كشف التجاوزات والفساد ويعيد المنظومة الامنية الى التقوقع من جديد. وستطالب نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل وفق مهدي بالشاوش بإلغائه.
مطالب مختلفة للنقابات...
في المقابل اعتبر الناطق الرسمي باسم نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل لـ»المغرب» مهدي بالشاوش ان مطالب نقابته تتلخّص في 3 نقاط وهي توفير الحماية المادية لعون الأمن من خلال تكفل الدولة بالضرر المادي الذي يطاله خلال قيامه بعمله وتشديد العقوبات بما يبرز خطورة الإعتداءات على القوات الحاملة للسلاح التي تتجاوز خطورة الإعتداءات على الموظف العمومي العادي، لأن الامني من وجهة نظر بالشاوش موظف عمومي ولكنه ذو طبيعة خاصّة بإعتباره حاملا للسلاح.
اما النقطة الثالثة في لائحة مطالب النقابة الامنية فتتمثل في الحماية القانونية لعون الامن بالتنصيص على عدم المسؤولية الجزائية أثناء آداء واجبه حتى ان ادى الى إضرار المعتدين سواء بالجرح أو القتل، وهو ما ينصّ عليه الفصل 18 من مشروع القانون والذي اورد انه لا تترتب أية مسؤولية جزائية على عون القوات المسلحة الذي تسبب، عند دفعه لأحد الاعتداءات التي تتكون منها الجرائم المنصوص عليها بالفصول 13 و14 و16 من هذا القانون، في إصابة المعتدي أو في موته، إذا كان هذا الفعل ضروريا لبلوغ الهدف المشروع المطلوب تحقيقه حماية للأرواح أو الممتلكات، وكانت الوسائل المستخدمة هي الوحيدة الكفيلة برد الاعتداء وكان الرد متناسبا مع خطورته.
الجلسة المسائية للجنة التشريع العام وقع تخصيصها للإستماع الى النقابات الممثلة لمختلف الأسلاك الحاملة للسلاح وغير الحاملة للسلاح كالحماية المدنية وقد اختلفت ملاحظات ومطالب تلك النقابات فممثل النقابة الموحدة للحماية المدنية تساءل إن كان أعوان الحماية المدنية معنيين بالحماية التي يقرّها القانون وتحدث عن الاعتداءات التي يتعرّض لها اعوان الحماية المدنية.
في حين انتقد ممثل نقابة أعوان السجون والإصلاح غياب وزير العدل عن جلسة الإستماع التي عقدتها لجنة التشريع العام صباح امس لكل من وزير الداخلية الهادي مجدوب ووزير الدفاع الوطني فرحات الحرشاني، وتحدث عن بعض الفراغات التشريعية وأهمها الإعتداءات على الأمنيين التي تصدر عمن إعتبرهم لا يتحملون مسؤولية تصرفاتهم والذين يقبعون حاليا في السجون نظرا للإكتظاظ الذي تعرفه الوحدة الخاصة بهم بمستشفى الرازي.
اما ممثل نقابة أعوان الديوانة فقد أشار الى غياب وزير المالية فاضل عبد الكافي عن جلسة الإستماع الصباحية، وتحدث عن الإعتداءات التي تطال اعوان الديوانة خاصة ان عملهم الأساسي هو مصادرة أملاك المواطنين، غير الشرعية بطبيعة الحال، وهو ما يحيل في لا وعي المواطن الى ضرورة الدفاع عن ممتلكاته وإن كان عبر ممارسة العنف على عون الديوانة.