في اليوم العالمي للمرأة 8 مارس 2017: واقع المرأة التونسية محكوم بترسانة القوانين وضعف آليات تفعيلها

«المرأة في عالم العمل المتغير مناصفة بين الجنسين بحلول عام 2030» هو عنوان الاحتفالات الدولية لليوم العالمي للمرأة لهذا العام.وقد اختارت الأمم المتحدة هذا الشعار لحماية المكتسبات ولمواجهة التحديات من أجل تحقيق المساواة، وهي تعتمد إعلان بيكين 1995 الذي يدعو الحكومات

إلى تنفيذ برامج النهوض بالمرأة، وبذل الجهود لإقرار المساواة في جميع السياسات والبرامج، وتوسيع نطاق مشاركة المرأة بشكل يراعي الفوارق بين الجنسين في السياسات والبرامج.

ولا تكمن أهمية هذه المناسبة فقط في الاحتفاء بالمرأة من خلال التظاهرات والمسيرات والشعارات، وإنما هو موعد لمراجعة حصيلة الأهداف التي وضعت لدعم المرأة في مسيرتها نحو المساهمة في التقدم على مختلف الأصعدة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... والتي نصت عليها الأمم المتحدة من خلال شعارها لهذا العام، والذي يهدف برنامجه إلى ضمان أن يتمتّع جميع البنات والبنين والفتيات والفتيان بتعليم ابتدائي وثانوي مجاني ومنصف وجيّد، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج تعليمية ملائمة وفعالة بحلول عام 2030.

أن تتاح كذلك لجميع البنات والبنين فرص الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي حتى يكونوا جاهزين للتعليم الابتدائي بحلول عام 2030.إلى جانب القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان والقضاء على جميع أشكال العنف ضد جميع النساء والفتيات في المجالين العام والخاص، بما في ذلك الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي وغير ذلك من أنواع الاستغلال ونبذ الممارسات الضارة، من قبيل زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث...

ويهمنا هنا أن ننظر في واقع المرأة التونسية والتي يعتبر وضعها متقدما مقارنة بأوضاع النساء في المنطقة منذ الاستقلال وبفضل الإصلاحات التشريعية التي تعززت بفضل ما جاء في الدستور التونسي الجديد ( الفصل 21 و23 و47) ومجلة الأحوال الشخصية (13 أوت 1956) والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المصادقة عليها تونس «اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» (cedaw - ديسمبر 1979) التي تضمن لها حماية فعالة من التمييز ومشروع القانون الأساسي عدد2017/60 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة والذي يهدف إلى إلغاء الفقرتين الرابعة والخامسة من الفصل 227 مكرر والفصل 239 من المجلة الجزائية وتطويرا للقوانين ذات الصلة بحقوق المرأة والطفل ككل.

فهل حققت ترسانة التشريعات ما نريده للمرأة التونسيّة من تحقيق المساواة وفرض الحقوق؟ الأرقام تجيب، اذ تبيّن الإحصائيات الصادرة عن وزارة المرأة والأسرة والطفولة مدى استفحال ظاهرة العنف خلال السنوات الأخيرة:

- تعرضت 53,5 % من النساء التونسيات لشكل من أشكال العنف بالفضاء العام : دراسة وطنية حول العنف الاجتماعي المبني على النوع الاجتماعي بالفضاء العام أنجزها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة «الكريديف».

- تعرضت 47.6 % من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و64 سنة ولو مرة في حياتهن للعنف.

- بلغت نسبة 31.7 % العنف المادي والجســدي - 28.9 % العنف المعنوي - 15.7 % نسبة العنف الجنسي - 7.1 % نسبة العنف الاقتصادي.

لمعرفة أسباب ارتفاع نسب استفحال ظاهرة العنف في السنوات الأخيرة صرّحت لـ«المغرب» دلندة بوزقرو الأرقش، مكلّفة بمهمة بديوان وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة ومديرة عامة لمركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة، أن ضعف آليات التفعيل لترسانة القوانين التي تحمي المرأة هو مردّ ذلك، فرغم حملات التحسيس والتوعية والمجهودات التي تقوم بها الوزارة والجمعيات والمنظمات ومراكز البحوث حول المرأة مازال البون شاسعا بين القوانين وآليات تطبيقها وذلك إما لنقص في الوعي بالمسألة أو للخوف من مواجهة نظرة المجتمع خصوصا... فنحن اليوم بحاجة الى دفع آليات تطبيق القوانين من خلال تكثيف البرامج التوعوية والتحسيسية وتذليل الصعوبات والعراقيل المأدية لذلك.

وفي تصريح لـ«المغرب» أفادت السيدة نجاة حسني المسؤولة بمركز الاستماع والتوجيه للسناء ضحايا العنف بجمعية النساء الديمقراطيات أن استفحال ظاهرة العنف ضد المرأة بمختلف أشكاله مرده تأثير المجتمع السلبي على المرأة في محاولة لثنيها على عدم التبليغ عن الاعتداءات التي تتعرض إليها بدءا من العائلة وصولا إلى المؤسسات وذلك لعدة اعتبارات كنظرة المجتمع والمحيط العائلي... مما يوّلد نوعا من الرهبة والخوف عند المرأة وينجر عنه صعوبة للولوج الى العدالة الى جانب قلة وعي فئة من النساء وعدم معرفتهن بقوانين حماية المرأة من العنف.

8 مارس 2017 مثلما هو موعد لتحفيز مكتسبات المرأة التونسية من خلال الأشواط التي قطعتها للوصول إليها فإنها مازالت تتطلع لمساواة حقيقية مع الرجل على المستوى القانوني ومزيد توحيد الجهود لتعزيز هذه المكتسبات.

الدستور 26 جانفي 2014

الفصل 21
المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز.
تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامّة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم.

الفصل 46
تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها.
تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات.
تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة.
تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة.

عادل بن طالب

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115