الحادثة الثانيّة حصلت في المستشفى، منذ أسبوعين. كان المرضى وعائلاتهم في ترقّب. في المستشفى، يجب الترقّب والصبر. في انتظار الطبيب، كان الحاضرون في ثرثرة. قالت امرأة «منذ زمن، أنا أتردّد على المستشفى. أعالج مرضا مزمنا. في يوم مضى وبينما كنت أشتكي المرض وما أصاب العمر من وهن، سمعتني سيّدة كانت جالسة قبالتي في ذاك المقعد. فجأة، مدّت من محفظتها صكّا وكتبت فيه ألف دينار وتركتني». قلت للسيّدة التي لم ترها من قبل عيني «أنا لست في حاجة، فألحّت المرأة وأخذت الصكّ». جاء ولدي من بعد وسألني ماذا في يدي فقلت له «هو صكّ أعطتني ايّاه امرأة بهيّة، صدقة». انصرفنا، عدنا الى البيت. في الغد، أخذ ابني الصكّ وذهب يبحث. أعاد المال لأهله. شاكرا للمرأة ما فعلت قائلا «لسنا في فقر. خذي الصكّ ومدّي العون سيّدتي الى من هو أحوج»...
الحادثة الثالثة هي بسيطة وكانت مع زوجتي. اشترت زوجتي منذ أيّام سيّارة جديدة. كانت زوجتي مزهوّة بما اشترت. تمسح سيّارتها كلّ يوم، بلطف، مرّات عدّة. تنزع عنها ما علق من غبار وتربة. تخاف زوجتي على سيّارتها من كلّ أذى. لا تخرجها إلا في الضرورة القصوى...
في يوم جميل، ذهبت زوجتي الى المونوبري. أرست سيّارتها في مكان محصّن. ضمّت المرايا العاكسة. نظرت يمنة ويسرة. انصرفت تحثّ الخطى حتّى تعود اليها بسرعة. ها هي أمام سيّارتها البهيّة. نظرت مليّا. في السيّارة بعض اعوجاج. ماذا جرى؟ في السيّارة، من خلف، ضربة مفزعة. ما كانت الضربة مفزعة. نظرت الى السماء وفي قلبها غصّة. كانت تدور بالسيّارة. تنظر في جوانبها الأربعة ثم تعيد النظر الى الجرح. تتثبّت. تتوجّع. فجأة، جاءها شابّ بهيّ وقال وكلّه رقّة «عفوا سيّدتي، أنا من لطم سيّارتك، دون قصد»... في البيت، حكت لي زوجتي ما حدث. قلت لها «هذا شابّ مهذّب ولا شكّ وما يأتيه المهذّبون فيه دوما لطف ورحمة»...