والمراقبة الماليّة وسيلة لإضفاء ما غاب من توازنات عن قائمة المكتب التنفيذي الرسميّة، خاصة في ظل المنافسة الشديدة من قاسم عفيّة ومسانديه من النقابيّين.
إنطلقت أمس الإثنين أشغال المؤتمر الثالث والعشرين للإتحاد العام التونسي للشغل عبر إنتخاب الامين العام حسين العباسي كرئيس للمؤتمر بالإجماع وهو ذات حال التصويت على إعتماد كل من الامينين العامين المساعدين بلقاسم العياري كناطق رسمي للمؤتمر والمولدي الجندوبي كنائب ثاني لرئيس المؤتمر.
وإجماع نواب المؤتمر على الاسماء الثلاثة في علاقة بمكتب المؤتمر لا يعني إجماعهم على ما يقترحونه في علاقة بقائمة الامين العام المساعد نور الدين الطبوبي التوافقيّة، فالكل يتناقش مع الكلّ ولا يمكن ان التكهّن بما سيُفرزه المؤتمر الـ23، فخطاب يمكن ان يغيّر كل المعطيات وإقناع نواب المؤتمر بوجهة نظر منافسي الطبوبي يمكن ان تطيح بأغلب المفاوضات والتوافقات في الماء خاصّة ان لهم من الحجج ما لا يتوانون في الإفصاح بها عنها.
وخلافا لمعطى تقييم الآداء كمحدّد لعضوية القائمة التوافقيّة الذي يشهره الامين العام المساعد قاسم عفيّة ومن معه، فتحفظ الفريق المقابل للقائمة الرّسميّة على نور الدين الطبوبي أساسا هو خطّه المتجنّب للصدام مع السلطة أيّا كانت فهو كما تقول كواليس بطحاء محمد علي، الرجل الذي تفاوض مع حركة النهضة أيام حكم الترويكا وكانت الحركة لا تتفاوض إلّا معه وهذا لا يعني قربه منها، لكنهم على الاقل يرون أمين عام اتحاد الشغل يجب ان تكون له مواقف سياسية واضحة من كل الاحزاب وعلى رأسهم النهضة التي هاجمت الإتحاد في وقت إمساكها بالسلطة في تقديرهم.
وتلك الحجّة وغيرها لبلورة أسباب تدفع النواب لعدم الإدلاء بأصواتهم لنور الدين الطبوبي جعلت المفاوضات بخصوص القائمتين المتنافستين وضمان اكثر حظوظ لنيل أكثر ما يمكن من الاسماء التي تتضمّنها كل قائمة منهما، غير سهلة بالمرّة، فتعقيداتها بلغت حدّ تضمينها تفاصيل الترشّحات للجنتي النظام الداخلي ولجنة الرقابة الماليّة، بهدف الوصول الى تحقيق وفاق او بالأحرى مراعاة أكثر ما يمكن من التوازنات داخل المنظمة الشغيلة من توازن جهوي وقطاعي وسياسي.
فالقائمة الرسميّة او الوفاقيّة ووفق ما أكدّته مصادر لـ”المغرب” تقريبا وصلت لحدّ شبه نهائي فخلافا لترؤسها من طرف الأمين العام المساعد نور الدين الطبوبي وتواجد 8 أعضاء آخرين من المكتب التنفيذي الوطني الحالي تتضمّن كلا من الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل ببن عروس محمد علي البوغديري نظرا لوزن الجهة في القطاع الخاصّ ليشغل مقعد المكلّف بالقطاع الخاصّ بلقاسم العيّاري، المتخرّج بدوره من ذات الإتحاد الجهوي.
وكذلك الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل بالقيروان صلاح السالمي، التي تقول كواليس المؤتمر ان الأمين العام حسين العباسي يسانده بشدّة، تواجده بالقائمة أصبح شبه اكيد وهو ذات حال الكاتب العام لجامعة الأشغال العمومية والإسكان عثمان عميرة أصيل جزيرة قرقنة، مسقط رأس المؤسس الشهيد فرحات حشاد، والعارفون بتفاصيل الإتحاد يعلمون أهميّة قرقنة في ما يُعرف بالوفاق وكذلك جهة قفصة التي يمثّلها انور بن قدور في القائمة التوافقيّة.
وفاق ذهب بها ووفاق أعادها...
وخلافا لكل من البوغديري وعميرة والسالمي عادت العضو السابق في المكتب التنفيذي لنقابة التعليم الثانوي نعيمة الهمامي الى الإقتراب من القائمة التوافقيّة مجدّدا، فبعد ان كانت الهمامي في بداية مشوار المفاوضات إسما مطروحا بقوّة لدخول قائمة الطبوبي أبعدها نسق «الوفاق» خلال بداية الاسبوع الماضي وجعل عضو المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي ببن عروس وممثّلة قطاع الصحّة سامية لطيّف مكانها.
وذات «الوفاق» مع نهاية الاسبوع الماضي وقبل إفتتاح المؤتمر بيومين أبعد سامية لطيّف عن القائمة الوفاقيّة وأعاد نعيمة الهمامي مرّة أخرى، لتكون تركيبة القائمة الوفاقيّة الى الساعة خالية من ممثّل عن قطاع الصحّة وهو ما جعل كواليس الإتحاد تفيد ان عريضة قيد البلورة من طرف القطاع للإحتجاج عن إخراجهم من دائرة التوافق ومن التواجد صلب القائمة الرسميّة وهو القطاع الرابع من حيث عدد النيابات بعد قطاع التعليم الثانوي والتعليم الاساسي وقطاع المعادن بالاضافة الى شرعيّته النضالية.
الجهوي قبل القطاعي
ولكن النيابات واصوات نواب ال23 للمنظمة الشغيلة الـ536، دون إحتساب أعضاء المكتب التنفيذي الحالي، له حسابات أخرى فضمان أصواتهم حسابيّا لا يعود للقطاع ممثّلة في الجامعة العامّة او النقابة العامّة بدرجة اولى إنما يعود قبل الانتماء القطاعي للجهة وللإتحاد الجهوي الذي تتبعه النقابات الاساسيّة والذي تتعامل معه يوميّا.
فنواب المؤتمر وقع إفرازهم بداية من النقابات الأساسية وفق قاعدة تتلخّص في: 1190 منخرطا تمنح النقابة الاساسية نائبا ومن ثم صعودهم في المؤتمر العام وفق الجهات وحتى التصويت لإختيار أعضاء المكتب التنفيذي ولجنتي النظام الداخلي والرقابة الماليّة يكون بالجهة، وبالتالي في حال كان أساس الوفاق ضمان اكثر عدد من اصوات النواب فالمعطى الجهوي يتغلّب على الإنتماء القطاعي.
لجنتا النظام الداخلي والمراقبة الماليّة
اما تعقيدات التوافق ومراعاة اكثر من يمكن من التوازنات في القائمة التوافقيّة فقد شمل لجنتي النظام الداخلي والمراقبة الماليّة، فإرضاء الجميع صعب في قائمة لا تتّسع سوى لـ4 أسماء جديدة وتحقيق اكثر ما يمكن من التوافق عبر تلك المقاعد الاربعة غير متاح خاصة مع منافسة فريق قاسم عفيّة للقائمين على تشكيل القائمة التوافقيّة.
والحل كان عبر لجنتي النظام الداخلي (ترشّح لها 20 نقابيّا) والمراقبة الماليّة (ترشّح لها 19 نقابيا) اللتين شملهما التوافق، فالأعضاء الـ10 الذين سيشكلون اللجنتين (5 في كل لجنة) كان فيهما قائمتان رسميّتان او توافقيّتان لإستكمال ما صعُب تحقيقه من توافق عن القائمة المرشّحة لعضويّة المكتب التنفيذي، وأعدّ فيهما المكتب التنفيذي قائمتين تتضمّن كل منهما إمرأة.
أما الاربعة المتبقّون في كل لجنة فوفق ما بلغ من معلومات لـ«المغرب» وبالنّسبة للجنة النظام الداخلي فالنقاشات الى الساعة أفضت الى تشكيل قائمة توافقيّة تواجد بها الحبيب الطريفي عن قطاع التعليم الاساسي صلبها وكذلك الحبيب بوناب عن قطاع المناجم وصلاح جلال عن قطاع الفلاحة ومن الممكن ان يكون الكاتب العام السابق للإتحاد الجهوي للشغل بقابس السلّامي مجيّد الإسم الرابع.
اما القائمة التوافقيّة للجنة المراقبة الماليّة فخلافا للمرأة سيكون الاربعة أعضاء الذين سيتواجدون صلبها على الأرجح هم من ضمن أعضائها الحاليّين، ولكن كل تلك الأسماء يمكن ان تتغير وليست نهائيّة ففي قمرت السياحيّة تتغّير المعطيات كل دقيقة. فالنقاشات متواصلة للخروج بقائمة نهائيّة تضمّ مرشّحي المكتب الحالي لعضوية لجنتي النظام الداخلي والمراقبة الماليّة وإستكمال التوافق وفق تعبير الامين العام المساعد عبد الكريم جراد في تصريح لـ«المغرب، توافق بـ10 أسماء يُستكمل بهم التوافق المنقوص عن قائمة الـ13 الرسميّة المترشّحة للمكتب التنفيذي.