يلقي اليوم حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل، آخر كلماته للنقابيين، ليغادر موقعه تاركا المكان لمن سيختاره النواب الـ550 للمؤتمر الثالث والعشرين على رأس المنظمة من بعده، العباسي الذي بزغ نجمه وقادة منظمة الشغالين في ظل تتالي الأزمات الوطنية وشبه غياب لشخصيات وقوى سياسية فاعلة تحدث التوازن، سيوصي النقابيين بضع وصايا، المح إلي بعضها في حوار مقتضب مع «المغرب» ومنها موقع الاتحاد ودوره، ووحدة الصف النقابي.
قبل ساعات من إلقاء كلمة افتتاح أشغال المؤتمر الـ23 لاتحاد الشغل، وبعد جولة في الجهات عاد منها مكرما من الاتحادات الجهوية، يواصل العباسي مساعيه الداعمة للقائمة الرسمية، ويواصل التسويق لها، بين النقابيين دون ان يقحم نفسه في الصورة علنا لتجنب إقحام الأمانة العامة في «خطابات الحملة الانتخابية» وما قد يطال صاحبها من كلمات.
خيار العباسي الذي كان طرفا فاعلا في صياغة القائمة الرسمية، أن ينتصر الى تيار «طبرقة» وان يحافظ على «استمرارية المنظمة» دون ان يقدم نفسه في ثوب المصادر لقرارات المؤتمر، الذي شدّد لـ«المغرب» على انه سيفرز جملة من اللوائح التي ستحدّد توجهات الاتحاد في الفترة القادمة إضافة الى توصيات سيقع تطبيقها.
لكن ذلك لم يحل دون ان يعلن العباسي عن قناعته بان الاتحاد ومنذ نشأته يلعب دورا وطنيا في بعده السياسي والاجتماعي وان هذا الدور لن يقع التخلي عنه لان في ذلك «خيانة لجيل المؤسس» الذي بنى الاتحاد وحدد له دورا اجتماعيا ووطنيا.
دور يقول العباسي قبل مغادرته لمنصبه ،كرجل اول في المنظمة، انه ينطلق بالتزام الاتحاد التدخّل كلما اختل التوازن في البلاد او وجدت مخاطر بل انه يتدخّل بمجرد تسجيله لبوادر ومؤشرات لمخاطر، وهذا سيستمر في المرحلة القادمة، ما بعد المكتب التنفيذي الـ22 للمنظمة.
تأكيد العباسي على ان القيادات القادمة للاتحاد ستحافظ على هذا الدور، يقترن باشارته الى ان الصندوق والمؤتمرين سيحدّدون القائمة الفائزة، والفائزون لن يحيدوا عن شعار المؤتمر «الولاء لتونس والوفاء للشهداء والإخلاص للعمال» شعار يعتبره العباسي يحدد دور الاتحاد في المرحلة القادمة.
دور لعبه الاتحاد وكان في فترة تقلد العباسي للأمانة العامة أكثر وضوحا بطرح مبادرة ورعايتها، من الحوار الوطني الى حكومة الوحدة الوطنية، وهو دور قال العباسي انه لا يخشي من التراجع عنه، مشدّدا على انه لا يمكن لأي قيادي في الاتحاد ان ينسى او يغفل عن الدور الوطني للاتحاد والأهداف التي أسست من من اجلها المنظمة، وثوابتها التي ستظل مع كل الأجيال.
معتبرا ان دور الاتحاد بات من المسائل التي لا يمكن إعادة طرحها على طاولة النقاش لتغييرها، مشيرا الى ان الدور لا تلعبه القيادة فقط وإنما هياكل الاتحاد وقواعده، التي ستتدخل في المستقبل ان رأت ان الوضع العام اختل وان التوازن انخرم.
وهنا يؤكد العباسي انه لم يكن وحده صاحب القرار وان الاتحاد ليس «فردا» مهما أوتي هذا الفرد من خصال قيادية، ليؤكد العباسي انه كبقية النقابيين والنقابيات، وانه نائب مثل بقية نواب مؤتمر، يؤمن ان الاتحاد منظمة تقوم على هياكل ومؤسسات وانها منظمة ولاّدة
ستقدم قيادات «تعوضه» وتقود الاتحاد معلنا انه يثق في القيادات القادمة، بل انه اعتبرها «ستكون افضل من السابقة»، وثقة العباسي في القيادات الجديدة للاتحاد تكبر ان تعلق الامر بالحفاظ على المكتسبات، مشيرا الى ان المؤتمر الـ24 سيثبت كلامه وان حصيلة اشغال الاتحاد ستبين ذلك.
رهان العباسي على ان تقييم المكتب الجديد سيكون ايجابيا يقترن بتشديده في تقييمه لنفسه ومكتبه أنّ الشخص «يخطئ ويصيب» فهو لا يدعي الكمال وما حققه الاتحاد في السنوات الخمس هو جهد جماعي من مكتب تنفيذي وهيئة إدارية واتحادات جهوية، لولاهم لما نجح الاتحاد ورآكم تجربة ومكاسب. مسيرة المكاسب يشدد العباسي على انها ستتواصل، قائلا أن القيادات القادمة كسبت الخبرة والتجربة وستقود الاتحاد باقتدار.
قيادة الاتحاد التي يتركها العباسي ليتنافس، عليها نور الدين الطبوبي، الأمين العام المكلف بالنظام الداخلي، وقاسم عفية الأمين العام المساعد المكلف بالعلاقات مع الخارج، ليتفرغ هو (العباسي) لشغل منصبه كأمين عام للنقابات العربية، وهو منصب شغله بالتزامن مع الأمانة العامة.
العباسي الذي سيترك منصبه ويتفرغ لاتحاد النقابات العربية الى غاية ديسمبر 2018، اكد انه سيظلّ وفيّا لمنظمته وانه سيكون موجودا للدعم، وهو في موقعه الجديد الذي لم يستبعد انه سيبحث من خلاله عن نقل تجربة تونس إدارة الحوار الاجتماعي، الى النقابات العربية، مشيرا الى انه لن يسوق لتجربة الحوار الوطني خارج تونس باعتبار انه «لا يقع التدخل في الشؤون السياسية للدول».
العباسي اكّد انه سيقتصر على تسويق الحوار الاجتماعي، الذي يتدخل فيه أرباب العمل والحكومة والنقابيون والذي بات قريبا من المأسسة في تونس مع افادة النقابات العربية بهذه التجربة لنقلها ان أرادت، بعد ان تقوم بإرساء عقد اجتماعي في كل المنطقة العربية ينتهى بإحداث مجلس للحوار الاجتماعي.
مجال قال انه بات وشيكا في تونس بعد ان وقع تمرير القانون الى مجلس نواب الشعب، مع تعهدات بان تقع مناقشته والمصادقة عليه في الاسابيع القادمة، ليترك العباسي للقيادة الجديدة ملف متابعة بعث مجلس الحوار الاجتماعي والتفاعل مع رئاسة مجلس نواب الشعب ورؤساء الكتل لتمرير القانون.
لينهى العباسي امله في ان يكون «الجميع عند حسن الظن» في ما يتعلق بمجلس الحوار الاجتماعي.