تميز نشاط مجلس نواب الشعب يوم أمس بالتطرق إلى المسائل الاجتماعية لعل أهمها معضلة الفائض في إنتاج القوارص، وملف الحيطة الاجتماعية للبحارة، بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بموجات البرد والثلوج بالمناطق الغربية للبلاد. هذا وقد بحثت اللجان البرلمانية من خلال عقد جلسات استماع إلى الأطراف المعنية محاولة إيجاد الحلول الضرورية، على غرار عقد بعض الزيارات الميدانية. لكن هذه المشاكل والتي تطرح كل سنة تقريبا من الممكن أن يتم تضمينها في شكل مبادرات أو مشاريع قوانين من أجل حل الأزمة على أرض الواقع ولا تبقى بذلك مجرد جلسات استماع يتيمة وخطابات لا غير.
تسهيل تصدير الخردة
استمعت لجنة والطاقة الثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة خلال اجتماعها صباح أمس إلى وزير الصناعة والتجارة زياد لعذاري في إطار مناقشتها لمشروع القانون المتعلق بالتخفيض في المعلوم الموظف على تصدير الفضلات من الحديد وبعملية تصدير ظرفية خلال سنة2016. مشروع القانون المذكور يأتي في إطار الوضعية المالية الصعبة التي تمر بها الشركة التونسية لصناعة الحديد مع تواصل عجزها عن استيعاب الفضلات من الحديد المجمعة على المستوى المحلي. لكن في المقابل، فإن المعلوم الموظف على الفضلات والمقدر بـ 270د/طن يمثل عائقا أمام عملية التصدير باعتبار أن معدل السعر العالمي للفضلات من الحديد يصل إلى حدود 220 دولار للطن الواحد.
هذا وقال الوزير خلال مداخلته أن التمشي الحالي للوزارة يهدف بالأساس إلى دعم هذا القطاع نظرا لما يوفره من مواطن شغل ابتداء من الأشخاص الذين يجمعون الخردة من الشوارع إلى شركات التجميع وصولا إلى شركة الفولاذ. وبين في نفس الوقت أنه يجب العمل على دعم الشركة وتطويرها والنهوض بها، حيث أن منع التصدير يكلف المجموعة الوطنية كلفة ثقيلة خصوصا وان الشركة لها متخلدات مالية. وأضاف العذاري أن هناك مخزونا من الخردة هام جدا لكن ضعف إمكانية التصنيع المحلي والمقدرة بـ 160 ألف طن، يقتضي ضرورة وبشكل ظرفي في انتظار تأهيل الناتج الصناعي والقدرة على تحويل المنتوج المحلي، التوجه إلى تصدير هذه المادة بما سيساهم في الخروج من الأزمة.
تحويل صبغة الشركة الوطنية للتنقيب عن المياه
من جهة أخرى، ناقشت لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة مشروع القانون المتعلق بإحداث الشركة الوطنية للتنقيب عن المياه وذلك بعقد جلسة استماع إلى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سمير الطيب، الذي أكد أنه يجب تحويل الشركة إلى شركة ذات صبغة غير إدارية حتى تتمكن من العمل في أريحية تامة، والعمل على التكثيف من أنشطتها وتدخلاتها باعتبار أنها كوكالة يبقى مجال تدخلها محدودا.
مشروع القانون سيعطي الشركة الوطنية للتنقيب عن المياه صبغة إدارية مع اعتبارها منشأة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي، تخضع لإشراف الوزير المكلف بالموارد المائية، على أن يكون مقرها تونس العاصمة غير أنه يمكن لمجلس إدارتها نقل مقرها إلى أي مكان آخر من تراب الجمهورية. وتعتبر الشركة تاجرا في علاقاتها مع الغير وتخضع في نفس الوقت إلى التشريع المتعلق بالمساهمات والمنشآت العمومية، حيث تنحصر مهامها في القيام بأشغال التنقيب وحفر الآبار العميقة لحساب الهيئات العمومية والخاصة، بالإضافة إلى التدخل في الآبار القديمة والمعطلة.
كما استغلت اللجنة حضور وزير الفلاحة من أجل التطرق إلى عديد القضايا المطروحة في هذا القطاع ولعل أهمها معضلة ملف التغطية الاجتماعية للبحارة، حيث قال الوزير أنه يجب العمل على إيجاد منظومة تغطية اجتماعية، حيث تم عقد عديد الاجتماعات مع وزارة الشؤون الاجتماعية والمهنيين وتم الاتفاق على إنشاء منظومة تشاركية تضم كافة الأطراف المتداخلة دون استثناء. وبين سمير الطيب أن هذا الملف مفتوح منذ التسعينات، متعهدا بضرورة إيجاد حلّ له خلال هذه السنة وبذلك يتم منح تغطية اجتماعية لكن يبقى السؤال المطروح هل أن هذه التغطية ستكون ضمن منظومة خاصة بصندوق الحيطة الاجتماعية أم خاصة بالبحارة.
معضلة إنتاج القوارص
كما تناولت اللجنة موضوع القوارص بالتزامن مع إقدام مجموعة من الفلاحين من معتمديتي بني خلاد ومنزل بوزلفة من ولاية نابل تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس نواب الشعب بسبب مشكلة الفائض الكبير من منتوج البرتقال والمهدّدة بالإتلاف، وذلك بعدما أدت اللجنة أول أمس زيارة ميدانية إلى المنطقة. وقال الوزير في هذا الإطار، أن المتفق عليه أن المواسم والإنتاج يتم الإعداد لهما قبل سنة، لكن غياب النظرة الاستشرافية فاجأت الجميع بوجود صابة هامة من البرتقال، مشيرا إلى أن التوجه الحالي يتمثل في البحث عن أسواق جديدة باعتبار أن الأسواق التقليدية تستوعب فقط 20 ألف طن مقابل وجود 600 ألف طن من القوارص في تونس.
برنامج خاص لمجابهة موجة البرد
من جهتها، استمعت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية عشيّة أمس إلى مدير وحدة الطب الاستعجالي بوزارة الصحة نوفل المصراني حول برنامج الوزارة لمواجهة موجات البرد والثلوج بالمناطق الغربية للبلاد، الذي أكد بدوره أن وزارة الصحة تتدخل في كل الحالات ومنها التغيرات المناخية سواء عند انخفاض درجات الحرارة أو في حالة ارتفاعها. هذا وقد وضعت الوزارة استراتيجية من أجل مجابهة موجة البرد التي تجتاح البلاد خصوصا في المناطق الداخلية وذلك من خلال تفعيل المخزون في المؤسسات الصحية خاصة في الجهات المعنية وبالتنسيق مع مختلف المتدخلين من الحماية المدنية والجيش الوطني ووزارة الشؤون الاجتماعية. كما بين المدير العام أن الوزارة خصصت جزءا من برامجها في هذا المجال إلى التوعية والنصح من خلال الومضات الاشهارية التي يتم بثها في وسائل الإعلام، إلى جانب وجود مركز للعمليات الصحية الإستراتيجية الذي يشتغل في الحوادث الكبرى وفي مثل هذه الظواهر.
عديد الملفات الاجتماعية المنتظر فتحها في مجلس نواب الشعب خلال المدة القادمة، خصوصا من قبل اللجان الخاصة وذلك في إطار المهمة التمثيلية والرقابية للمؤسسة التشريعية، حيث من المنتظر أن تستمع لجنة شؤون التونسيين بالخارج يوم الاثنين القادم إلى ممثل عن المرصد الوطني للهجرة وإلى مدير عام الشؤون القنصلية بوزارة الشؤون الخارجية، من اجل التطرق الى القضايا والمشاكل التي تعاني منها الجالية التونسية في الخارج.