قبل ان ترتفع أصوات صلب حركة النهضة تطالب بان تراجع حركتهم سياستها تجاه حلفائها السابقين في الحكم، حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وفروعه، وحزب التكتل الديمقراطي. باتت الجلسات غير الرسمية بين قادة من حركة النهضة، المحسوبين على الشق المحافظ، وقادة عن حراك تونس الإرادة، شبه دورية.
جلسات تهدف بالأساس وفق مصادر، طلبت عدم الكشف عن هويتها، الى خفض حدة التوتر بين الحزبين السياسيين اللذين جمعهما تحالف سياسي منذ 2005 في إطار «هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات» وكلل بتجربة الحكم المشترك منذ2012، قبل ان يصبح صراعا علنيا قيل فيه الكثير.
صراع انطلق منذ الإعلان عن نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية 2014، وتحديدا حينما أطلق الرئيس السابق المنصف المرزوقي مبادرته بتشكل «حراك تونس» الهيكل السياسي الذي قال انه سيجمع أبناء الثورة ضد مناهضيها وضد من خذلوها، ومن خذلها من وجهة نظره ونظر أنصاره، هي حركة النهضة التي خيرت الانتصار الى الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية.
كلمات المنصف المرزوقي ومحاولة استمالة شق غاضب في حركة النهضة الى صفه امران لم تستسغهما قيادة الحركة التي اعتبرت ان الأخير بات يمثل خطرا عليها وعلى تونس، وتعالت الاصوات المنتقدة له من كبار القادة، بعد ان استهل رئيسها راشد الغنوشي حملة الانتقادات التي انتقلت الى مرحلة المواجهة ووضع الحركة في خانة «اعداء الثورة» من قبل قادة من حراك تونس الإرادة. مواجهة كلامية تطورت باستمرار بتواتر الحملات والأحداث، لتعمق القطيعة بين الحليفين السابقين على غرار حملة «وينو البيترول» الى «منيش مسامح».
هذا الصدام التي تبحث اللقاءات غير الرسمية عن تجاوزه، بالدعوة عن ضبط النفس وإبعاد الصداميين وأصحاب الخطاب الحاد عن خطوط التماس بين النهضة والحراك، على غرار عدنان منصر الذي تعتبر الحركة ان خفض حدة خطابه الموجه لها خطوة ضرورية لنجاح مبادرة «الانفتاح على المؤسسين» في إشارة الى القوة السياسية التي مثلت في المجلس التأسيسي. مبادرة يعتبرها أصحابها في الحركة واجبا أخلاقيا، فمن غير المقبول بالنسبة لهم التخلي عن حلفائهم او تقديم هذا الانطباع لهم.
وليس الدافع الأخلاقي الوحيد من يقف خلف إطلاق المبادرة التي يبدو انها وجدت طريقها لمجلس شورى الحركة، بل توسيع هامش التحرك والمناورة السياسية للنهضة، وكسر الصورة التي باتت منطبعة لدى أنصارها وحلفائها الجدد بأنها «تابع لحركة نداء تونس». ولئن كان الدفاع الأبرز من هذين هو تهيئة المجال لتحالف جديد قد يعقد بين حركة النهضة وحراك تونس الإرادة بالأساس وبدرجة اقل بحزب التكتل الديمقراطي.
تحالف قد ينتهي بخوض الانتخابات المحلية والبلدية او على الأقل تبني ميثاق سياسي بين الطرفين بموجبه لا تبنى الحملات الانتخابية على خطاب حاد ضد بعضهما،. لكن هذا التصور يجد من يعارضه في الحركة.
ومعارضتهم تستند الى أن الوضع السياسي في تونس لا يحتمل العودة الى الاصطفاف القديم، وإحياء التحالف القديم سيقدم صورة رمزية قد تنسف سياسة التوافق التي تراهن عليها حركة النهضة، ليس لتعزيز علاقتها مع حركة نداء تونس وإنما لخلق علاقات سياسية مباشرة مع خصومها السابقين.