مع إتحاد الشغل في هذا الخصوص اعلنت بعض القطاعات رفضها ذلك التوجّه.
يصطدم توجّه الحكومة للترفيع الإجباري في سنّ التقاعد بسنتين في القطاع العام بإنطلاق إعلان القطاعات المعنية بالتقاعد المبكّر رفضها المسّ بما تعتبره مكاسب من بينها قطاع التعليم الأساسي ومطالبة قطاع التعليم الثانوي بتفعيل إتفاق سابق يفضي الى تمتيع اساتذة التعليم الثانوي بحقّ التقاعد المبكّر، وذلك بالتوازي مع تعطّل مفاوضات إصلاح الصناديق الإجتماعية.
فأمس الخميس نفّذ قطاع التعليم الثانوي إضرابا عامّا بالتوازي مع مواصلة حجب اعداد السداسي الأول عن الإدارة، واهم المطالب التي دفعت جامعة التعليم الثانوي لإقرار تلك التحركات يتمثّل في تفعيل النقطة العاشرة من إتفاق 21 اكتوبر 2011 الممضى مع وزارة التربية التي تنصّ على تصنيف مهنة التدريس كمهنة شاقة.
ومن ذلك التصنيف يمكن للمدرّسين التمتع بالتقاعد الإختياري بعد بلوغ سنّ الـ55 سنة قاعدة 30 سنة عمل والتنفيل بـ5 سنوات وهو ما أصبح مهددا بالتوجه الحكومي نحو التمديد الإجباري في سنّ التقاعد بسنتين في إطار إصلاح الصناديق الإجتماعية ولم يعدّ تفعيله بيد وزارة التربية كما أكد ممثلوها خلال جلسة صلحية، ولكن جامعة التعليم الثانوي تتشبّث بذلك المطلب ومن المنتظر أن تقرّر تحركات أكثر حدّة.
الإشكال الأكبر يتمثّل في القطاعات والمهن المشمولة بالأمر عدد 1377 المتعلق بأصناف العملة الذين يقومون بأعمال منهكة ومخلة بالصحة الذي يتيح لهم التقاعد في سنّ 55 سنة والأمر عدد 1178 المتعلقّ بقائمة الأعوان الذين يمارسون وظائف مرهقة والذي يتيح التقاعد في سنّ الـ55 سنة على قاعدة 35 سنة عمل.
فمثلا اعلنت الثلاثاء الماضي الهيئة الإدارية للتعليم الأساسي عن رفضها الترفيع في سنّ التقاعد بإعتبار ان تنقيح الامر عدد 1178 في أفريل 2017 انتج إدراج المعلمين في قائمة الاعوان المتاح لهم في سنّ الـ55 سنة على قاعدة 35 سنة عمل وتمتع به 1023 معلما حينها، وهو ما يجعل الجامعة العامة للتعليم الأساسي «ترفض قطعيا وتحت اي ظروف المسّ بما تعتبره مكسبا مهما كلّفها» وفق تأكيد الكاتب العام المساعد للجامعة المستوري القمودي في تصريح لـ«المغرب».
توقّف المفاوضات
بالتوازي مع رفض القطاعات الترفيع في سنّ التقاعد وتحرّك بعضها للمطالبة بالتقاعد المبكّر، تتعطّل مفاوضات إصلاح منظومة الصناديق الإجتماعية حيث توقّفت تقريبا منذ التصريحات الرسمية التي أكدت على اتفاق الحكومة مع الاتحاد العام التونسي للشغل على التمديد في سن التقاعد في القطاع العام بجعله اجباريا الى حدود سن 62 عاما، في حين انه لم يحصل أي إتفاق وفق ما أكده الأمين العام المساعد لإتحاد الشغل سامي الطاهري لـ«المغرب».
حيث اعتبر الناطق الرسمي لإتحاد الشغل ان مثل تلك التصريحات الإستباقية أربكت المفاوضات بخصوص اجراءات اصلاح الصناديق الإجتماعية، فالإتحاد العام التونسي للشغل لم يوقّع أي إتفاق مع الحكومة بالخصوص ولم يوافق نهائيا على الترفيع الإجباري في سنّ التقاعد في القطاع العام.
فالهيئة الإدارية المنعقدة في 11 اكتوبر 2017 وافقت بأغلبية أعضائها على مبدإ الترفيع في سنّ التقاعد بإعتباره أخف الأضرار التي يمكن ان تلحق بالاجراء مقارنة ببقية المقترحات التي قدّمتها الحكومة لإصلاح الصناديق الإجتماعية ولكن لم يضمّن إتحاد الشغل تلك الموافقة على الترفيع في سنّ التقاعد في البيان الرسميّ الصادر عن تلك الهيئة الإدارية.
إذ ان تلك الموافقة على الترفيع الإجباري في سنّ التقاعد، ليست موافقة نهائية من إتحاد الشغل بل تمثّلت في عودة الأمين العام المساعد عبد الكريم جراد ممثل الإتحاد في لجنة الحماية الإجتماعية الى المكتب التنفيذي الوطني في مرحلة أولى ومن ثمّ الهيئة الإدارية الوطنية، لعرض مقترحات الحكومة داخل اللجنة وإتخاذ قرار مبدئي بخصوصها ليعود بدوره الى اللجنة لطرح موقف الإتحاد الرسمي ومواصلة التفاوض.
وهو ما حصل حيث وافقت الهيئة الإدارية الوطنية لإتحاد الشغل على مقترح الحكومة بالترفيع الإجباري بسنتين في سن التقاعد بداية من 2019، لكن بشرط خضوع إصلاح الصناديق الإجتماعية لمبدأ تقاسم التضحيات وفق مقدرة كلّ طرف ومثلت الموافقة على الترفيع في سنّ التقاعد تضحية الاجراء في إنتظار ما ستقدّمه الحكومة وأرباب العمل من تضحيات.
وذلك الشرط لا يزال قائما الى الساعة وفق تأكيد الناطق الرسمي لإتحاد الشغل سامي الطاهري، وينضاف اليه شرط مناقشة الترفيع في سنّ التقاعد وغيره من الإصلاحات التي تؤدي الى إنقاذ الصناديق الإجتماعية داخل لجنة القيادة ثلاثية التركيبة التي نصّ عليها البند الرابع من العقد الإجتماعي وما يُعرف بلجنة الحماية الإجتماعية وكذلك الإتفاق على كيفيّة التعاطي الإعلامي بخصوص المفاوضات داخل اللجنة وتجنّب الإستباق كما حصل في علاقة بالترفيع في سنّ التقاعد.