لمقترحات الحكومة لإصلاح الصناديق الإجتماعية وما حمله قانون المالية من إجراءات ستزيد من ضرب القدرة الشرائية للأجراء والمدرّسين.
منذ التاسعة والنصف من صباح أمس انطلقت حشود الأساتذة في الحلول بساحة باردو قبالة مجلس نواب الشعب وفي حدود الحادية عشرة والنصف اكتمل تقريبا نصاب الأساتذة القادمين من مختلف جهات الجمهورية لتتحول ساحة باردو لوعاء حمّله قطاع التعليم الثانوي بشعارات تمزج بين مطالب قطاعية ورفض توجهات عامة يرى قطاع التعليم الثانوي ان الحكومة تنتهجها.
شعارات أبرزها «من أجل إصلاح جذري للمنظومة التربوية والمحافظة على مكاسب المدرسين» و«من أجل التصدّي للخروقات المتعلّقة بديوان الخدمات» ومدرسة عمومية حقيقية وخالية من العنف وتوفر حدا أدنى من وسائل العمل والضمانات الصحية» و»لا للزيادة في مساهماتنا في الصناديق الإجتماعية» و«لا لتغيير آلية إحتساب الجرايات» و«لا للمس بمكتسباتنا الإجتماعية...لا للتمديد الإجباري في سنّ التقاعد» و «لا لميزانية 2018..ميزانية التفقير والتجويع المملاة من صناديق النّهب الدولية»...
تداخل القطاعي بالشأن العام
شعارات دارت حول فلك ثلاث محاور أساسية مترابطة نوعيّا أولها قطاعي في علاقة بالوضع التربوي العام وما تشهده المؤسسات التربوية من نقص في المدرّسين لم تشهده المدرسة من قبل زاده المرور على ميزانية 2018 دون إقرار اي إعتمادات مالية تخصص للإنتدابات وسدّ آلاف الشغورات التي أنتجت اكتظاظا في الأقسام ان لم يكن حرمانا لآلاف التلاميذ من دراسة بعض المواد، وضع عمّق تأزمه تجاوزات ديوان الخدمات المدرسيّة خاصة في المناطق الداخلية.
كما ان ظاهرة العنف المسلّط على المؤسسات التربوية والمدرّسين أصبحت ظاهرة يومية لا يمكن السكوت عنها في مقابل ما رأى فيه كاتب عام جامعة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي في تصريح لـ»المغرب» تقاعس سلطة الأشراف عن حماية منظوريها عبر التقدم بمبادرة تشريعية تجرم العنف المسلّط عليهم وعلى البنية التحتية المدرسية والتجهيزات.
توجهات الحكومة أو مقترحاتها لإصلاح الصناديق الإجتماعية عبر الترفيع الإجباري بسنتين في سنّ التقاعد وتعديل آلية إحتساب الجرايات من خلال إلغاء تعديلها آليّا ومراجعة إحتساب مردودية سنوات العمل، مثلت المحور الثاني الذي صبّت فيه شعارات الاساتذة القادمين من جهات مختلفة من البلاد، شعارات ترجمت رفض القطاع لتلك المقترحات الحكومية.
فعكس ما تريد الحكومة التوجه نحوه لإخراج الصناديق الإجتماعية من أزمتها، يطالب قطاع التعليم الثانوي بتطبيق إتفاقية ممضاة في 21 اكتوبر 2011 تقّر بأن مهنة التدريس مهنة شاقة ومنها الحقّ للمدرّسين في التقاعد الإختياري بعد بلوغ سنّ الـ55 سنة قاعدة 30 سنة عمل والتنفيل بـ5 سنوات.
كما ان مقترح الحكومة بإلغاء التعديل الآلي للجرايات في القطاع العام وتغيير قاعدة احتساب جرايات المتقاعدين في علاقة بمردودية سنوات العمل كان محلّ رفض من طرف قطاع التعليم الثانوي أمس، فبطبيق هذين المقترحين ستتقلّص الجرايات في وقت تعرف فيه القدرة الشرائية للمدرّسين والتونسيين بصفة عامة إنهيارا غير مسبوق وستنهار أكثر بالإنطلاق في تفعيل قانون المالية لسنة 2018.
وقانون المالية لسنة 2018 هو النقطة الثالثة في تجمع الأساتذة امس، فهو يمثّل محملا لإجراءات جبائية تمثل مزيدا من إستهداف المقدرة الشرائية للأجراء ترى الجامعة العامة للتعليم الثانوي انه صيغ بإمرة صندوق النقد الدولي ولخّصت موقفها منه بشعار «كلما جربت الحكومات خيار الإرتهان لصندوق النهب الدولي...كلما زادت الشعوب فقرا وتبعية».
الكلمة التي ألقاها الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي امام حشود الأساتذة كانت تدور حول فلك تلك المحاور الثلاثة ومن تحميل للحكومات المتعاقبة مسؤولية ما وصله الوضع بالمؤسسات التربوية العمومية الذي لا يخرج عن سياق عام يتلخّص في التوجه نحو التفويت في القطاع العام بداية من ضربه ودفعه للإنهيار.
نواب المعارضة يلتحقون...
تجمّع الأساتذة أمس امام مجلس النواب، التحق به عدد من النواب وأساسا من كتلة الجبهة الشعبية من الجيلاني الهمامي ومنجي الرحوي وعبد المومن بلعانس وعمار عمروسية والامين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، لتمثل ساحة باردو نقطة التقاء بين نواب وأساتذة رافضين لسياسات الحكومة وما سبقها من حكومات كما اجتمعوا حول التعبير مجددا عن رفض قرار الرئيس الأمريكي لنقل سفارة بلاده إلى القدس...فاعلام فلسطين لم تغب عن تجمع الأساتذة امس وتم توقيع عريضة لتجريم التطبيع.