هذا ومن المنتظر أن تستأنف اللجنة أعمالها صباح اليوم بعد تأجيلها لحسم الخلافات يوم أمس، وهو ما يصعب عقد جلسة عامة نهاية هذا الأسبوع للمصادقة على النظام الداخلي الجديد.
علقت لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والبرلمانية أشغالها يوم أمس بعد تواصل غياب التوافق بخصوص مقترحات التعديل المقدمة من قبل رئاسة مجلس نواب الشعب ولجنة التوافقات بخصوص تنقيح مشروع قانون النظام الداخلي للمجلس، باعتبار أن المقترحات لا تقتصر على تنقيح القانون برمته وإنما في بعض الفصول، وهو ما رفضته اللجنة التي تسعى إلى مناقشة كافة المقترحات. وقد صوتت اللجنة بإجماع الحاضرين 12 نائبا على رفض مقترحات التعديل المقدمة من قبل رئاسة المجلس باعتبار أن هذا الأمر مخالف للنظام الداخلي والفصول المنظمة للعمل البرلماني، فمقترحات التعديل يجب أن تمر أولا على مكتب المجلس الذي يناقشها ثم يعرضها على أنظار اللجنة المختصة وهو ما لم يحصل باعتبار أنه تمت إحالتها مباشرة من قبل رئيس المجلس.
الغيابات محور الخلاف...
ومن أهم النقاط التي شكلت خلافا بخصوص المقترحات المقدمة تتمثل في مسألة الغيابات في حدود الفصل 26 حيث ينص المقترح على أن حضور أشغال المجلس واجب على كل عضو بمجلس نواب الشعب، ولا يجوز للعضو التغيب دون إعلام مسبق ودون عذر شرعي ومبرر مقبول قانونيا. بالإضافة إلى التنصيص على أن كل غياب يجب أن يكون لمدة محددة باستثناء حالة المرض التي يتعذر فيها تحديد مسبق لمدة الرخصة المرضية. كما حمل نص المقترح فقرة ثانية مفادها «يثبت الحضور في الجلسة العامة بتسجيل الحضور في بداية الجلسة، وبتسجيل 70 بالمائة على الأقل من التصويت على أعمال الجلسة العامة في كل ما يجب فيه التصويت. ويثبت الحضور في اللجان بالإمضاء على ورقة الحضور عند انطلاق أشغال اللجان وبالإمضاء على بطاقة الحضور قبل انتهاء أشغال اللجنة بنصف ساعة». كما تم التنصيص في بقية الفصل على اقتطاع 100 دينار من قيمة المنحة عن كل يوم غياب بصفة آلية، وفي حالة استمرار الغياب رغم الاقتطاع وتجاوز مدة الشهر يوجه رئيس المجلس إعلاما كتابيا لرئيس الكتلة المعني.
مسألة الغيابات والتي أثارت جدلا خلال المدة النيابية الأولى صلب مجلس نواب الشعب، في ظل تنامي ظاهرة الغيابات عن أشغال اللجان البرلمانية والجلسات العامة، جعل محمد الناصر يتخذ هذا القرار، الذي لم يدخل حيز التنفيذ ما لم يتم تضمينه في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب. هذا القرار والذي لم يرق لعدد من النواب خصوصا منهم الذين لهم مهنة إضافية على غرار صفة النائب، جعلهم يبحثون عن السبل والحلول لإلغاء هذا المقترح، وتعويضه بآخر يكون مناسبا للجميع.
تشريك كافة الكتل في عضوية مكتب المجلس
من جهة أخرى، شملت مقترحات التعديل المقدمة تركيبة مكتب المجلس في الفصلين 53 و54، ليصبح مكتب المجلس يتكون من رئيس ومن نائبيه ومن أعضاء ممثلين لجميع الكتل على قاعدة التمثيل النسبي وعضو يمثل الأعضاء غير المنتمين إلى الكتل، ينقسمون وفق المهام التالية : مساعد الرئيس المكلف بشؤون التسريع، مكلف بالعلاقات مع الحكومة ورئاسة الجمهورية، مكلف بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية، مكلف بالعلاقات الخارجية، مكلف بالعلاقات مع المواطن ومع المجتمع المدني، مكلف بشؤون التونسيين بالخارج، مكلف بالإعلام والاتصال، مكلف بالتصرف العام. مقترح ضم النواب غير المنتمين للكتل جاء على خلفية مطالب النواب غير المنتمين والذين يقدر عددهم بـــ 20 نائبا، وهو عدد لا يستهان به، لذلك رأت رئاسة المجلس أنه يجب تشريكهم في اتخاذ القرارات على أن يكون الهدف الأساسي هو تشريك كافة الكتل دون استثناء في مكتب المجلس، والابتعاد عن الجدل الحاصل بين الكتل التي لها نفس عدد الأعضاء، ولعل تجربة كتلتي آفاق تونس والكتلة الديمقراطية الاجتماعية أكبر دليل على ذلك.
تقليص آجال الرد على الأسئلة الشفاهية
بقية المقترحات ارتكزت على المهام الرقابية لنواب الشعب على أعمال الحكومة، حيث تم تقديم مقترح تعديل في الفصل 146 ينص على أنه من حق كل نائب أن يتقدم في جلسة عامة بأسئلة شفاهية لأعضاء الحكومة على أن يوجه إعلاما كتابيا إلى رئيس المجلس، يبين فيه موضوع أسئلته وعضو الحكومة المعني بالإجابة، على أن يتم إعلام الحكومة بمواضيع الأسئلة وموعد الجلسة العامة المخصصة للإجابة عنها في اجل أقصاه أسبوعا من تقديم الأسئلة، وليس مثلما كان في أجل 15 يوما. تقليص مدة الإجابة عن الأسئلة من 15 يوما إلى 7 أيام، كان نتيجة تأخر الإجابة عن الأسئلة الحينية والمتعلقة أساسا بقضايا مطروحة على الساحة السياسية، وبطول المدة قد يفقد السؤال والإجابة الدور الرقابي للمجلس. كما يعتقد عدد من النواب أنه يجب تقليص مدة الإجابة عن الأسئلة أكثر من ذلك حتى لا يتم إعطاء الوزير فرصة لتلافي الإشكال قبل موعد الجلسة العامة للإجابة عن السؤال الشفاهي.
تنقيح القانون برمته
هذا ومن المنتظر أن تستأنف اللجنة أعمالها صباح اليوم من أجل استكمال مناقشة بقية مقترحات التعديل المقدمة من قبل كافة الكتل دون استثناء، حيث تعتبر اللجنة أن مقترحات الرئيس غير كافية فلا يجب أن تقتصر التعديلات على أشياء بعينها، وإنما الهدف الأساسي يكمن في تغيير القانون برمته خصوصا في ما يتعلق بتركيبة اللجان وضبط أعمالها وصلاحياتها، ولا يعود المجلس من جديد في مناسبة أخرى ليقوم بتنقيحات ثانية.