في تونس الى إطار يُمكن ان يختزل ذلك الصراع حتى بعمقه الإقتصادي المنفعي.
منذ تغيّر المواقع في المشهد السياسي بصفة عامة وداخل البرلمان خاصة إثر منح الثقة لحكومة المشيشي في بداية سبتمبر 2020، ظهرت لجنة المالية والتخطيط كأحد عناوين صراع سياسي لم يكن حينها بمثل حدّة اليوم او بمستوى إستقطاب ثنائي بين شقين كما هو الحال، حيث إنطلق مع نهاية سبتمبر 2020 خلاف حول رئاسة لجنة المالية التي كان يتولاها النائب عن كتلة قلب تونس المعارضة لحكومة الياس الفخاخ عياض اللومي لتُطالب الكتلة الديمقراطية في تلك الفترة التي تزامنت مع العُطلة البرلمانية بأحقّيتها الدستورية في رئاسة لجنة المالية بإعتباره الكتلة المعارضة لحكومة المشيشي الاكبر عددا في البرلمان، وهو ما رفضه اللومي حينها بتعلات لم تكن منطقية بما فيا انه لم يصوّت لحكومة المشيشي، لتنتهي حينها المعركة بتولي النائب عن الكتلة الديمقراطية (حركة الشعب) هيكل المكي لرئاسة لجنة المالية في وقت تسبّب إسقاط حكومة الفخفاخ في تصاعد التوتّر ليًصبح صراعا مُعلنا بين شقّين ممثلين في قصر قرطاج والكتلة الديمقراطية من جهة والنهضة وقلب تونس وإئتلاف الكرامة وحكومة المشيشي نوعيّا.
التحوّل
تحوّل التوتّر من صراع الى أزمة غير مسبوقة في البلاد تمظهرت في رفض سعيّد آداء الوزراء المعنيين بالتحوير الوزاري في حكومة المشيشي لليمين الدستورية أمامه وقد انعكس ذلك على لجنة المالية بل وأصبحت تمثل إطارا يختزل الصراع السياسي بعمقه الإقتصادي المنفعي، لتصل الى حدّ دخول رئاسة البرلمان التي توكل لها تسيير البرلمان إداريّا على خطّ الصراع كما يُفهم من تأكيد رئيس اللجنة هيكل المكي خلال جلسة العامة الاسبوع الماضي ان البرلمان رفض تمويل زيارة ميدانية آداها وفد عن اللجنة إلى ولاية قفصة.
وبطبيعة الحال لم يكن من ضمن وفد لجنة المالية الذي ادى زيارة الى ولاية قفصة بشركة فسفاطها أعضاء من نواب شقّ الصراع المقابل لشقّ سعيّد والكتلة الديمقراطية والمتمثل في كتل حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، فتموقعهم في خط الازمة من داخل اللجنة أصبح مُعلنا بعقد ندوة صحفيّة التي عقدوها مجتمعين في البرلمان على إثر رسالة هيكل المكي الى رئيس الجمهورية بصفته كرئيس لجنة المالية لتفعيل الفصل 80 من الدستور لمخاطر إقتصادية ومالية قد تذهب بتونس الى السيناريو اللبناني ومن ثمّ لقاءه به لنفس الموضوع وبنفس الصفة.
نواب شقّ النهضة وقلب تونس وإئتلاف الكرامة في لجنة المالية مثلوا يومها إختزالا طرف الصراع المقابل لسعيّد والكتلة الديمقراطية، وإتهموا المكي ومن ومعه في اللجنة بتجاوزهم وتوظيف اللجنة لدعم قيس سعيد وحتى تعطيل عملها لمصلحة الصراع، فلجنة المالية اهم هياكل البرلمان وبدون مصادقتها على مشاريع القوانين المالية والقروض والهبات لن يكون لاي حكومة ومن ورائها اي انجاز اضافة لاعتبار اللومي ان رسالة المكي لتفعيل الفصل 80 توحي بان هناك شيئا ما يجهز له الرئيس، خاصة ان جوهر الفصل 80 هو إتاحة إتخاذ إجراءات استثنائية من طرف الرئيس.
عمق الصراع
في سياق زيارة وفد لجنة المالية الممثل في الشقّ المقابل لتحالف النهضة وقلب تونس وإئتلاف الكرامة، عقدوا إثر تلك الزيارة ندوة صحفية كذلك اهمّ ما قيل في الندوة والذي يلخّص عمق الصراع الذي لا يغدو في ظاهره سياسي، هو ما صدر عن النائب عن حزب الوطد المنجي الرحوي من إتهامات لسعي أطراف على رأسها نواب لتأبيد ازمة شركة فسفاط قفصة خاصة ازمة خطّ السكة الحديدية لنقل الفسفاط المعروف بالخطّ 13 لمواصلة نقل الفسفاط بالشاحنات.
نقل الفسفاط بشاحنات لوبيّات يكلّف الدولة ملايين الدينارات تذهب في جيوب المستفيدين من أزمة شركة فسفاط قفصة والخطّ 13 بما فيهم نواب في البرلمان الحالي وفق الرحوي الذي أكد انهم يسعون لتأبيد ازمة الفسفاط والخطّ 13 بمعية أطراف أخرى مستفيدة منها، والاكيد ان الرحوي لم يقصد حينها نوابا من شقّ الصراع الذي يسانده، ليلمس الرحوي عمق الصراع السياسي في الظاهر المتمثل في المصالح الاقتصادية المنفعيّة البحتة والتي يمثّل الخطّ 13 وسكوت الدولة على تواصله منذ سنوات أحد تمظهراته.
لجنة المالية في البرلمان: من أحـد عناويـن الصّراع إلى اختزالــه ...
- بقلم مجدي الورفلي
- 11:02 31/03/2021
- 987 عدد المشاهدات
رغم الطابع التقني المُفترض للجنة المالية باعتبار أنها أهم هيكل في البرلمان، مرّت لجنة المالية من أحد عناوين الصراع