مع عودة الجلسة العامة إلى جدول أعمالها وتأجيل مناقشة حادثة وفاة الرضع نواب الشعب يطالبون بتحديد موعد الجلسة العامة: للحوار مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد حول القطاع الصحي

بالرغم من هيمنة موضوع وفاة رضع بمستشفى الرابطة على مجريات الجلسة العامة، إلاّ أن نواب الشعب قرروا

تأجيل مناقشة الحادثة بتحديد موعد جلسة حوار مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وقد عادت الجلسة العامة إلى جدول أعمالها بالمصادقة على إرسال وحدة عسكرية تحت راية الأمم المتحدة إلى جمهورية مالي وعلى مشروع قانون يتعلق بقرض لدعم الإصلاحات في القطاعين البنكي والمالي.
بعدما تم تغيير جدول أعمال الجلسة من مناقشة مشاريع القوانين إلى الحديث عن فاجعة وفاة الرضع بمستشفى الرابطة في اجتماع رؤساء الكتل أول أمس، تم تأجيل المسألة لتقتصر على بعض التدخلات فقط، باعتبار أن قرار مكتب المجلس خلال اجتماعه صباح يوم أمس ساعة قبل موعد الجلسة العامة كانت دعوة رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى الحضور في جلسة عامة للمساءلة في أقرب الآجال.

فتح ملف قطاع الصحة
ويأتي هذا القرار على خلفية رفض النواب الحديث والتداول في المسألة في ظل غياب أي مسؤول حكومي للرد على تساؤلات النواب، ولا تكون بذلك جلسة حسب توصيف رئيس كتلة الجبهة الشعبية أحمد الصديق «جلسة فرّغ قلبك». وأضاف الصديق أن الشاهد يجب أن يحضر في أقرب الآجال رفقة فريقه الحكومي في أجل لا يتعدي 24 ساعة، ولا يبقى الموعد مفتوحا لأنه سبق وأن تخلف عن عديد جلسات الحوار في مجلس نواب الشعب حول عدد من المواضيع. نواب الشعب تحدثوا بالأساس عن وضعية الصحة في تونس، حيث قال النائب عن كتلة حركة نداء تونس الطيب المدني أن الوضع الصحي يمس من الأمن القومي في وقت تعاني فيها وزارة الصحة من الفساد معتبرا أن ما يؤكد ذلك تداول 11 وزيرا منذ سنة 2011. وطالب المدني بإصلاح شامل للوضع الصحي في تونس دون اللجوء إلى حلول ترقيعية، خاصة الالتفاف لوضعية المستشفيات في الجهات الداخلية التي تعاني من عديد الإشكاليات والنقائص.

وانتقد نواب الشعب غياب الحكومة خاصة وأن رئاسة المجلس تعهدت بإقرار جلسة شهرية مع الحكومة إلا أن الحكومة يقتصر حضورها على مناقشة ميزانيات الدولة أو دعوتها خلال حالات الطوارئ، حيث اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العش أنه يجب فتح ملف الصحة العمومية والنقائص التي تعاني منها مع رئيس الحكومة ووزيرة الصحة بالنيابة. وقالت النائبة عن كتلة حركة النهضة زينب البراهمي أن قرار مكتب المجلس دعوة رئيس الحكومة، قرار يأتي في وقته باعتبار أن الموضوع لا يقتصر على وفاة الرضع بل هناك عديد النسوة اللاتي يتوفين في الجهات الداخلية لغياب طب الاختصاص خاصة طب التوليد والنساء بصفة عامة.

حديث دون جدوى
في المقابل، انتقد بعض النواب الحديث في الموضوع خلال نقاط نظام، خاصة وانه تم إقرار جلسة حوار في الغرض مع رئيس الحكومة، مما يجعل كافة التدخلات دون جدوى. وبدوره اعتبر النائب عن كتلة الولاء للوطن عدنان الحاجي أن ما يحصل يؤكد على انهيار الدولة، مع وجود عملية ممنهجة لتفكيك الدولة، مشيرا إلى أن كل ما يقال خلال الجلسة مضيعة للوقت في انتظار حضور الحكومة. من جهته، قال النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس سهيل العلويني بصفته رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية أن اللجنة ستساهم في تسريع أعمال لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة في هذه الحادثة، معتبرا أن أعضاء اللجنة سيطالبون بالترفيع في ميزانية وزارة الصحة في إطار مشروع الميزانية التكميلي لهذه السنة والبحث عن حلول عاجلة لقطاع الصحة ككل بالحوار مع الحكومة.

العودة إلى جدول الأعمال
ومع انتهاء نقاط النظام، عادت الجلسة العامة إلى جدول أعمالها من خلال النقاش حول موضوع إرسال وحدة عسكرية تحت راية الأمم المتحدة إلى جمهورية مالي. وتشارك تونس في بعثة عسكرية تابعة لمنظّمة الأمم المتحدة بجمهورية مالي تتمثل مهامّها في تقديم الدّعم اللوجيستي للقوّات الأممية في مجالات نقل الأفراد والعتاد والإخلاء الصحي حسب برامج إدارة عمليات حفظ السلام داخل جمهورية مالي وخارجها. وتعتبر هذه الوحدة العسكرية أوّل مشاركة تونسية بوحدة جوية في تاريخ المؤسسة العسكرية.

وزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي اعتبر أن المشاركة في البعثة الأممية لديها عديد الجوانب الايجابية الاقتصادية منها، حيث تم اختيار البعثة على أساس حيادها في النزاع الحاصل في مالي مع عدم استعمال السلاح إلا في حالات الدفاع عن النفس. كما أضاف أن المشاركات التونسية السابقة في البعثات الأممية ساهمت في فض النزاعات العرقية والقبلية حيث بلغت 23 مهمة تحت راية الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي من اجل حفظ السلام. من جهتهم انتقد نواب الشعب خلال النقاش العام إرسال القوات المسلحة قبل مصادقة البرلمان الامر الذي اعتبروه خللا دستوريا، حيث قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني هاجر بالشيخ أحمد أن البعثة انطلقت في أشغالها منذ شهر، متسائلة عن أسباب عرض المسألة على الجلسة العامة الآن. في حين ثمن النواب عن مختلف الكتل البرلمانية مثل هذه المبادرة خاصة وأنها في إطار أممي، مما يؤكد ثقة الأمم المتحدة في تونس وفي المؤسسة العسكرية. وفي الأخير، تمت المصادقة على إرسال البعثة إلى مالي بـ110 نعم 02 إحتفاظ ودون رفض.

انتقادات حول مشروع قرض
وفي الحصة المسائية، ناقشت الجلسة العامة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على عقد القرض المبرم في 11 جويلية 2018 بين الجمهورية التونسية والمؤسسة الألمانية للقروض من أجل إعادة الإعمار لتمويل برنامج دعم الإصلاحات في القطاعين البنكي والمالي بقيمة 100.000.000 أورو بنسبة فائدة 2.2 % على فترة سداد قدرت بـ 15 سنة منها 5 سنوات إمهال. ويهدف البرنامج الذي تتولى الاشراف على تنفيذه وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، إلى دعم مسار الاصلاحات في القطاعين البنكي والمالي لاسيما فيما يتعلق بإعادة التوازنات المالية العمومية وتعزيز نشاط السوق المالية وتسهيل نفاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلى مصادر التمويل، وتطوير مناخ الاستثمار الخاص بصفة عامة، وهي عوامل أساسية لدعم النمو وخلق مواطن الشغل على المدى المتوسط والبعيد.

وخلال النقاش العام تحدث نواب الشعب عن الاجراءات المعقدة للحصول على القروض خاصة من قبل الباعثين الشبان والمشاريع الصغرى، حيث انتقد نواب المعارضة الإصلاح في القطاع المالي، خاصة وان العديد تحصلوا على قروض دون ضمانات ولم يرجعوا الأموال رغم أن قائمة الرجال الأعمال الفاسدين حسب ما صرح به النائب عن كتلة الجبهة الشعبية عبد المؤمن بلعانس موجودة إلا أنه لم يتم محاسبتهم. كما بين النواب أن كثرة التداين ستساهم في إغراق البلاد، في وقت غابت فيه الإمكانيات عن الدولة مما يجبر الدولة على انتهاج سياسة التداين، دون وضع خطة حول كيفية سداد هذه القروض.

في المقابل، قال وزير المالية رضا شلغوم أن هناك عديد المصاريف الإضافية، إلا أن العجز بقي في حدود 4.8 % في ميزانية الدولة، مشيرا إلى أن مشروع قانون المالية لما بعد سنوات 2020 سيكون العجز فيه في حدود 2 %. وأضاف أن التقليص في المديونية يكون من خلال الترفيع في نسبة النمو، باعتبار أن البلاد لا تتمتع بموارد طبيعية هامة أو اقتصاد قوي يمكن من تفادي التداين. وبين أنه لا يمكن التقليص في المصاريف التابعة للدعم والاستثمار، بل يجب العمل على تدعيم مردودية الاستثمار العمومي التي يكون لها تأثير مباشر على حياة المواطن، والعمل على إصلاح مناخ الأعمال حيث تقلصت نسبة الاستثمار الخاص. وتمت المصادقة على المشروع برمته بـ79 نعم 06 إحتفاظ و11 رفض، على أن يتم استكمال مناقشة بقية مشاريع القوانين في الجلسة العامة المنتظر عقدها صباح اليوم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115