مجلس نواب الشعب ينطلق في مناقشة أبواب الميزانية لسنة 2019: مشاريع ميزانيات الرئاسات الثلاث محل أنظار الجلسة العامة

انطلق مجلس نواب الشعب يوم أمس في مناقشة أبواب الميزانية لسنة 2019، حيث تمكن من المصادقة على ميزانيات كل

من مجلس نواب الشعب ورئاستي الجمهورية والحكومة، بالتزامن مع مناقشة لجنة المالية مشروع قانون المالية لسنة 2019. النقاش العام بين نواب الشعب تطرق إلى عدد من المواضيع المختلفة على غرار مضمون الميزانية.

عقد مجلس نواب الشعب أمس أولى الجلسات العامّة المخصّصة للنظر في ميزانيات مؤسسات الدولة واستهلت هذه الجلسات العامّة بالنظر في ميزانية مجلس نواب الشعب وميزانتي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لسنة 2019. بداية الجلسة العامة شهدت بعض الجدل والخلافات من قبل نواب المعارضة، وذلك بعد إعلان رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر تخصيص ساعتين لمناقشة كل باب من أبواب الميزانية، حيث اعتبر نواب الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية أن تخصيص ما بين 7 و 9 دقائق لتدخلات الكتل التي تعد بين 12 و15 نائبا، لن يمكنها من تبليغ مواقفها وتقييم مشاريع الميزانيات.

وبعد التداول في المسالة، تمّت تلاوة تقرير لجنة المالية بخصوص مشروع ميزانية مجلس نواب الشعب وعلى اثر ذلك تمّ الشروع في النقاش العام. وقد تم ضبط نفقات التصرف والتنمية لميزانية المجلس في حدود 33.423 م.د، مقابل 30.919 م.د سنة 2018 أي بزيادة 2.504 م.د بنسبة 8.1 %، التي تمت المصادقة عليها بـ 110 نعم 18 احتفاظ و03 رفض.

دعم الإمكانيات اللوجيستية والمادية
وتمحور النقاش العام بخصوص مشروع ميزانية مجلس نواب الشعب بالأساس حول إدارة المجلس وتنظيمها خاصّة بعلاقة بالانتدابات وخطّته الاتصالية إلى أي مدى تساهم في تحسين صورة المجلس إلى جانب التطّرق إلى ضرورة تطوير ودعم الإمكانيات اللوجيستية والمادية ولا سيما البشرية للمجلس. وفي هذا الإطار، قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني هالة عمران أن موظفي وأعوان مجلس نواب الشعب يشتغلون تحت ضغوطات كبيرة وتجاذبات سياسية، حيث برهنوا عن استقلاليتهم، إلا أن الظروف المادية واللوجستية لإطارات وأعوان المجلس غير متماشية مع كثافة العمل البرلماني. كما طالبت بضرورة تطبيق الاستقلالية والامكانيات المالية على أرض الواقع، خصوصا وأن وزارة المالية ترفض زيادة الاعتمادات المخصصة لإطارات وأعوان وعملة مجلس نواب الشعب.

كما انحصر النقاش العام في أكثر من مناسبة حول السياسة الاتصالية والإعلامية لمجلس نواب الشعب، حيث قال النائب عن كتلة الولاء للوطن نذير بن عمّو أنه يجب العمل على تخصيص قناة برلمانية لمجلس نواب الشعب، متسائلا عن قيمة الاعتمادات المرصودة لإعلام المواطنين حول أنشطة المجلس. واعتبر بن عمو أن هناك نقصا في الإحاطة بالنواب خاصة في علاقة بالثقافة القانونية، مشيرا إلى أن هناك عديد النواب صادقوا على قوانين لم يفهموا محتواها.

أهمية الاستقلالية المالية للمجلس
في المقابل، اعتبر ممثلو المجلس ومن بينهم مساعد رئيس المجلس المكلف بالتصرف العام شكيب باني أن الاستقلالية الإدارية والمالية إلى جانب التنصيص عليها بالنظام الدّاخلي فانّ القانون الأساسي للميزانية الذي صادقت عليه لجنة المالية مؤخرا تضمّن مسألة الاستقلالية التي تتمّثل في ضبط المجلس للتقديرات المالية الضرورية ولكن أضاف أن إدارة المجلس لا تربطها علاقة شغلية مباشرة بالمساعدين البرلمانيين وإنما ذلك عن طريق مؤسسة مناولة، مشيرا إلى أنه من المنتظر الاعتماد على الطاقات البديلة مع المحافظة على الطابع المعماري للمجلس.

من جهّته أشار رئيس المجلس محمد الناصر إلى وجود دراسة كاملة لتحسين ظروف عمل المجلس وخاصّة في علاقة بتوفير القاعات اللازمة للعمل، مضيفا أن المنحة التي تمّت إضافتها في ميزانية المجلس لسنة 2019 والموّجهة إلى أعوان المجلس هي استحقاق بالنسبة لأعوان المجلس. وأكد من جهة أخرى، على ضرورة تعديل النظام الدّاخلي وإجماع جميع الأطراف على ذلك.

حول الصراع السياسي
وفي الجلسة المسائية، ناقشت الجلسة العامة مشروع ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2019، البالغة قيمتها 123.989 م.د مقابل 108.5 م.د سنة 2018 اي بزيادة قدرها 15.4 م.د بنسبة تطور قـــدرت 14.2 % منها 92 % مخصصة للزيادة في الأجور، تمت المصادقة عليها بـ 121 نعم 01 احتفاظ و15 رفض. لكن في المقابل، فإن النقاش العام بين نواب الشعب أغلبه تمحور حول الصراع السياسي القائم منذ مدة في البلاد بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في علاقة بالصلاحيات. وقال النائب عن كتلة حركة النهضة عبد اللطيف المكي أن رئاسة الجمهورية لها من الصلاحيات ما يمكّنها من مساعدة التونسيين على تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية يعتبر الشخص الذي يمكنه تجميع التونسيين. وأضاف أن السياسة الخارجية بإمكانها أن تخلق شراكات بما ينعكس على الوضع الامني إيجابيا، معتبرا أنه ليس هناك إشكال مع أي شعب من الشعوب العربية وخاصة منهم الشعب السعودي مرحبا في ذلك بولي العهد السعودي. وأوضح أن هناك بعض الأشخاص الذين يريدون مسح خطاياهم في الشعب التونسي، الأمر الذي يحتم على رئاسة الجمهورية أخذ التدابير اللازمة.

في المقابل، انتقد نواب المعارضة مؤسسة رئاسة الجمهورية، إذ قال النائب عن الكتلة الديمقراطية عماد الدايمي أن رئاسة الجمهورية تعيش في أزمة خطيرة تتمثل في صراع بين مؤسسات الدولة، حيث تجاوزت صلاحياتها وتسعى إلى تكريس النظام الرئاسي. وبين الدايمي أن رئيس الجمهورية وفريقه يتحملون المسؤولية في استنقاص قيمة الرئاسة لأنهم لم يقتنعوا بمقتضيات الدستور، موضحا أيضا أن الزيادات المضمنة في ميزانية رئاسة الجمهورية غير مبرّرة، خصوصا وأن نشاط الرئيس تقلّص بأقل من 70 %.

استعدادات رئاسة الجمهورية
وفي ردها على تساؤلات النواب، أشادت مديرة الديوان الرئاسي سلمى اللومي بدور رئيس الجمهورية في الملف الليبي، على غرار الاستعدادات للقمة العربية التي ستحتضنها تونس، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية استقبل أكثر من 80 مسؤولا رفيع المستوى في 2018 أبرز خلالها خصوصية التجربة التونسية وبيّن انها تستحق المعاضدة. وتطرقت في مداخلتها إلى المبادرات التشريعية التي قامت بها رئاسة الجمهورية من بينها إنهاء إعداد قانون أساسي متعلق بقانون الطوارئ، ومشروع قانون متعلق بالهجمات السيبرنية، إلى جانب خطة لإعادة تأهيل المتطرفين داخل السجون. كما تمحورت مبادرات رئاسة الجمهورية حول عرض مشروع أساسي يتعلق بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية بما يضمن المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، ثم قامت رئاسة الجمهورية بالمساهمة في إعداد مشروع قانون أساسي يتعلق بالدوائر الانتخابية.

مناقشة ميزانية رئاسة الحكومة
وفي الجلسة الليلية، ناقشت الجلسة العامة مشروع ميزانية رئاسة الحكومة البالغة 190.911 م.د، مقابل 168.372 م.د سنة 2018 بنسبة تطور تقدر بـ 13.4%. وتتواصل الجلسة العامة بالنقاش بين نواب الشعب في انتظار رد جهة المبادرة. حيث قال النائب عن كتلة حركة نداء تونس محمد الفاضل بن عمران أن صندوق الضمان الإجتماعي يكلف أكثر من ألف مليون دينار سنويا، متطرقا في ذلك إلى وضعية المؤسسات العمومية على غرار الشركة التونسية للشحن والترصيف، في وقت غابت فيه مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأكد بن عمران على أن رئيس الحكومة وجد نفسه في وضعية لم يسانده فيها أحد أولهم الإتحاد العام التونسي للشغل.

الاستماع إلى وزير الصحة
وفي إطار أشغال اللجان، استمعت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية إلى وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف لمناقشة ميزانية الوزارة لسنة 2019، حيث قدّم الوزير عرضا حول مشروع ميزانية الوزارة مؤكّدا انّ الجزء الأكبر من الميزانية موّجه إلى الأجور لذلك لا يمكن تطوير قطاع الصحّة. كما أشار كذلك الى مختلف أنشطة الوزارة خلال سنة 2018 ولاسيما تلك المتوّقع انجازها خلال سنة 2019. ومن جهّتهم، تفاعل النوّاب الحاضرون مع العرض المقدّم متطّرقين إلى العديد من المسائل التي تمّس قطاع الصحة على غرار صندوق دعم الصحّة العمومية وإشكاليات نقص الأدوية واستخلاص الصيدلية المركزية مؤكدين كذلك على ضرورة توفير الامكانيات البشرية والمادية الضرورية للمستشفيات وخاصّة الجهوّية منها.

مناقشة مشروع قانون المالية
وفي إطار مناقشتها لمشروع قانون المالية، أسقطت لجنة المالية والتخطيط والتنمية خلال اجتماعها يوم أمس الفصل 18 والذي ينص على إرساء نظام إعادة التقييم القانوني للموازنات بالنسبة إلى الشركات الصناعية، باعتبار أن هذا الفصل من شأنه أن يشجع بطريقة مباشرة على المضاربة في العقارات من قبل بعض المؤسسات الصناعية مما قد يجعلها تحيد عن دورها في تنمية القطاع الصناعي بوجه عام لتتوجه نحو أعمال مضاربة عقارية. في المقابل، أرجأت اللجنة المالية النظر في الفصل 13 من مشروع القانون، المتعلق بمراجعة نسب الضريبة على الشركات بسبب الجدل الذي أثاره داخل اللجنة ولمزيد توضيح بعض النقاط من قبل وزارة المالية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115