ومختلف مكونات المجتمع بخصوص التقرير النهائي للجنة الحقوق والحريات الفردية والمساواة، مقابل ترقب ما سيتم الإعلان عنه يوم عيد المرأة من قبل رئاسة الجمهورية. كل هذا الخلاف في ظل مواقف سياسية متذبذبة لا تزال تنتظر ما ستؤول إليه الأمور قبل الحديث والحوار حول مضامين الوثيقة.
بعد نشر لجنة الحقوق والحريات الفردية والمساواة، تقريرها النهائي بعد تقديمه لرئيس الجمهورية، واقتراب موعد احتفالات عيد المرأة، عاد الجدل من جديد بخصوص التقرير ولعل آخرها احتجاج البعض من منظمات المجتمع المدني الرافضة لما جاء في نص الوثيقة أمام مقر مجلس نواب الشعب. احتجاجات من هذا الجانب وذاك، بين أحزاب تصف ما جاء في الوثيقة بالخطير ويهدد السلم الاجتماعية، وبين من يدعو إلى تفعيل ما جاء في الوثيقة وتوفير الحماية لأعضاء اللجنة.
ضرورة فتح حوار شامل
الجدل والخلافات بين مختلف مكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، قد تتجدد مع عودة أشغال البرلمان في انتظار حوار شامل حول المسألة حسب ما تعتبره بعض المواقف التي تبدو وسطية. وقالت النائبة عن كتلة حركة النهضة يامينة الزغلامي أن الجدل مشروع وحق لجميع الأطراف سواء الرافضة منها لما تضمنه التقرير أو المساندة له، لكن المهم في رأي النائبة أن لا يتجاوز حدود الحوار المجتمعي البناء أي أن يكون بعيدا عن التعصب والعنف وهتك الأعراض. وبينت النائبة أنها تتبنى موقف المكتب التنفيذي لحركة النهضة، باعتبارها عضوة فيه شاركت في اجتماعه حول التقرير من أجل دراسة الموقف تحت إشراف رئيس الحركة راشد الغنوشي. وأكدت الزغلامي على أن الحركة تدعو إلى الحوار الشامل حول مضمون التقرير، ولا ترفضه كليا بل هي مع فتح نقاش مع مختصين حول مضامينه لأن الحركة تعتبر أن اللجنة لم تضم كل الاختصاصات التي كان من المفروض أن تتواجد فيها كعلم الاجتماع واختصاصات الدين على سبيل المثال، مشيرة إلى أن الدستور يحمي حرية الرأي والتفكير ويجرم التكفير ويحترم المقدسات في نفس الوقت، لذلك من حق الجميع طرح المبادرات على مجلس نواب الشعب باعتبار أنه وفقا للدستور تناقش هذه المبادرات في البرلمان مع احترام هوية الشعب وثقافته العربية الإسلامية.
اتهامات لحركة النهضة
في المقابل، فإن الاطراف السياسية أو النواب المساندين لمضامين التقرير بدت رافضة تماما للدعوات الصريحة بإدخال الدين في السياسة أو رفض المسألة قطعا، حتى أن هناك من اتهم حركة النهضة بالوقوف مع المحرضين ضد التقرير وتشويه النائبة بشرى بلحاج حميد باعتبارها من بين أعضاء لجنة الحقوق والحريات الفردية والمساواة. موقف كتلة حركة النهضة وإن يراه البعض ديبلوماسيا بالرغم من الخلفيات السياسية والفكرية لبعض من قياداتها، فقد انتقده البعض كالنائبة عن كتلة حركة نداء تونس فاطمة المسدي التي أوضحت: «الاحزاب التقدمية وبعد أن عجزت اغلب قيادات الاحزاب المدنية على الحفاظ على ثقة ناخبيها، مقابل تغلغل حركة النهضة في دواليب الدولة مستعملة كل الوجوه الحداثية بجميع الوسائل المتاحة لها». وبينت أنه «توافق اصحاب المشاريع المجتمعية المتناقضة تحت راية دستور توافقي وراية خدمة الوطن، وبعد كل هذه التوافقات التي اضرت باقتصاد تونس وسياسة الحكم في تونس حان الوقت لايقاف كل ذلك». وعادت المسدي إلى ما دار خلال اربع سنوات من الديمقراطية التوافقية، ووصفت ما حصل يوم أمس أمام مقر البرلمان، بشبه غزوة في ساحة باردو لمجموعة من الرافضين للدولة المدنية والمساواة التي نص عليها الدستور، معتبرة أن ما وصفته بـ«شبه غزوة» وفروا لها كل الامكانيات للتعبئة تحت انظار حكومة التوافق قادوها ائمة في مساجد لدولة تدعو لفصل الدين عن السياسة.
في انتظار...
خلافات عديدة بين مختلف الأطياف السياسية اليمينية واليسارية، أمام سكوت أغلب القيادات السياسية التي رفضت الخوض في الموضوع قبل دراسة موقف الرأي العام، وهو ما جعل العديد يعتبر أن هذا الجدل يعتبر حملة انتخابية سابقة لأوانها لا غير. لا يزال الوقت مبكرا من أجل صياغة نص مشروع منبثق عن الوثيقة، إلا أن الجدال على أشده بين مختلف الحساسيات السياسية في انتظار ما قد يعلن عنه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم عيد المرأة أي يوم غد الاثنين الذي يتزامن تقريبا مع ذكرى إصدار مجلة الأحوال الشخصية.