هذه المرة كتلة الحرة لمشروع تونس التي شهدت 5 استقالات قد تتسبب في تراجعها مقارنة ببقية الكتل. الاستقالات قد ترتفع خلال المدة القادمة باعتبار أن الأسباب تعود إلى نتائج التصويت في مناسبات سابقة بالضد أو مع، بالرغم من توجيه الحركة لبيان ينفي فيه كل الأسباب التي ذكرها المستقيلون.
في أقل من يومين تتراجع كتلة الحرة لمشروع تونس عن تمثيليتها في مجلس نواب الشعب، بعدما ارتفع عدد نوابها المستقيلين من كتلتها إلى خمسة بعد استقالة كل من سهيل العلويني وهدى سليم لينضموا بذلك إلى النواب الذين أعلنوا استقالتهم أول أمس، وهم كل من الصحبي بن فرج وليلى الشتاوي ومروان فلفال.
سنة برلمانية خامسة وأخيرة، قد تغير موازين القوى بين الكتل البرلمانية وتعمق الأزمة صلب البرلمان في علاقة الكتل ببعضها البعض بعد تشتت النواب وارتفاع عدد الكتل مع إمكانية إعادة استقطابهم عن طريق الكتل الباحثة دوما عن تعزيز صفوفها، أو ولادة كتلة جديدة في حالة ارتفاع عدد الاستقالات من كتلة الحرة لمشروع تونس وتعاد بذلك تجربة الانشقاق من كتلة حركة نداء تونس سابقا، حين انشق مجموعة من النواب ليكونوا بذلك الكتلة الحرة.
من جهة أخرى، فإن الاستقالات المذكورة لم تقتصر على الكتلة البرلمانية فقط، بل حتى على مستوى الحزب وهو ما جاء في نص الرسالة التي دونها النائب الصحبي بن فرج على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي، حيث ذكر أن استقالته من الكتلة تعني حكما الاستقالة من جميع المناصب القيادية في المكتب السياسي والتنفيذي لحزب مشروع تونس وجميع هياكله.
في أسباب الاستقالات
مطلب الاستقالة تم تقديمه بصفة رسمية صباح أمس إلى مكتب الضبط بمجلس نواب الشعب حسب ما صرح به النائب سهيل العلويني الذي أرجع سبب الإستقالات إلى عدم التناغم في المواقف السياسية للنواب المستقيلين مع مواقف الكتلةً والحزب. النواب الخمسة يعتبرون أن الكتلة تاسست قبل الحزب، وكانت لها دور كبير سابقا في تأسيس حركة مشروع تونس، لكن فكرة الاستقالة يبدو أنها لم تكن وليدة اللحظة أو على خلفية عدم التزامهم بالتصويت ضد منح الثقة لوزير الداخلية في الجلسة العامة، حيث قال النائب سهيل العلويني أن الفكرة تمت مناقشتها قبل 6 أشهر نتيجة القرارات الأفقية من الحزب، وتمت تمريرها في أكثر من مناسبة إلا أنها زادت عن حدها خصوصا في علاقة بالحكومة.
اسباب الاستقالة بدات منذ التصويت ضد الميزانية والتصويت على سحب الثقة من حكومة الشاهد، حيث اعتبر العلويني أن الحزب يسعى إلى الاصطفاف في المعارضة الأمر الذي نرفضه كنواب عن الكتلة، مشيرا إلى أن انتقاد الحكومة لا يعني ضرورة تبني صوت المعارضة. وأضاف أنه تمت تهدئة الاوضاع والانتظار إلى ما بعد الانتخابات البلدية لكن المسألة استمرت إلى غاية جلسة التصويت على منح الثقة لوزير الداخلية. واعتبر العلويني أنه يجب التصويت لصالح وزير الداخلية لان البلاد لا يمكن أن تستمر في ظل غياب منصب حساس مثل هذا المنصب، ولم يقبلوا حينها تغيير موقف الحزب بالتصويت ضد، معتبرا أن الحزب يسعى إلى الاطاحة بالحكومة بالاطاحة بوزير الداخلية وهو عكس ما يسعى اليه النواب، لتتأكد الاختلافات الجوهرية بين الكتلة والحزب في علاقة بالحكومة.
الحركة ترد على المستقيلين
نزيف الاستقالات صلب كتلة الحرة لمشروع تونس قد يتواصل مستقبلا ويلتحق عدد من النواب الآخرين، باعتبار أن نفس المجموعة قد نسقت في ما بينها رفقة مجموعة أخرى من النواب قبل اتخاذ القرار. لكن يبدو أن البعض من النواب اختاروا التريث والتفكير في مواقفهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن النواب المستقيلين قد نفوا قطعيا إمكانية الالتحاق بكتلة حركة نداء تونس التي تعتبر الكتلة الأم قبل التحاقهم بكتلة الحرة، واعتبروا أن الوجهة الأقرب ستكون الكتلة الوطنية التي تضم تقريبا مجموعة من المستقيلين سابقا من كتلة الحرة.
من جهتها، سارعت حركة مشروع تونس يوم أمس بالرد على اتهامات نوابها المستقيلين من خلال بيان صادر عنها أكدت خلاله أسفها للأعذار الواهية التي قدّمها النواب المستقيلون لتبريرها، واعتبرت الحركة أن الأمانة تقتضي التصريح بمبرراتهم الحقيقيّة والتي تعود إلى اختيارهم الاصطفاف مع الحكومة في الخلاف الذي يجمعها مع مكونات وطنيّة حزبيّة واجتماعية بحجّة أن موقع القرب من السلطة سيمكن من تحقيق فوائد انتخابية ومصلحيّة، وهي التبريرات التي قدمتها المجموعة بوضوح في اجتماعات سابقة للكتلة، وهو أمر بات معلوما من القاصي والدّاني منذ مدّة طويلة.
وبخصوص غياب الديمقراطيّة داخل الكتلة، فقد جاء في نص البلاغ أن هذا الأمر مخالف للحقيقة باعتبار أن نظامها الداخلي المصادق عليه من جميع أعضائها بما فيهم المستقيلون ينص على اعتماد الإجماع لاتخاذ القرار وعند التعذر بأغلبية الأصوات، وقد كان المستقيلون هم المبادرون بالخروج على النظام الداخلي.
استقالة 5 نواب من كتلة الحرة لمشروع تونس سيتسبب في تراجع تمثيليتها بين الكتل لتصبح في المرتبة الرابعة بـ 14 نائبا، وتحتل بذلك كتلة الجبهة الشعبية المرتبة الثالثة بـ 15 نائبا، الأمر الذي سيعكس حصص الكتل في هياكل المجلس بداية السنة النيابية القادمة على مستوى اللجان القارة والخاصة ومكتب المجلس.