على مشاريع القوانين، في تواصل مستمر من جلسة عامة إلى أخرى، وذلك نتيجة غياب التوافق بين الكتل البرلمانية وتواصل الخلافات في ما بينهم. فقد سقط مشروع قانون قرض بأكلمه بعد تأجيل النظر في جلسة سابقة، إلى جانب تأجيل الحسم في مشروع قانون الهيئات الدستوية، وايضا حول التصويت على إعفاء رئيس هيئة الانتخابات من منصبه.
يبدو أن مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب ليس وحده المؤجل، فمنذ استنئاف أشغال مجلس نواب الشعب أشغاله بعد عطلة عيد الفطر لم يتمكن تقريبا من الحسم في أغلب مشاريع القوانين المحالة على الجلسة العامة، نتيجة غياب النصاب القانوني في الجلسات العامة على خلفية الأزمة التي تعيشها الكتل البرلمانية في ما بينها. ومثلما كان متوقعا فقد تم تعديل جدول أعمال الجلسة العامة من خلال تأجيل التصويت على إعفاء رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري من عدمها إلى الأسبوع القادم. وجاء تغيير جدول الأعمال عقب اجتماع مكتب المجلس الذي أقر تأجيلها في ظل عدم حسم الكتل البرلمانية مواقفها، بالاضافة إلى تمكين النواب من الاطلاع على رد المنصري في ما يتعلق بطلب الاعفاء الموجه في حقه.
كما قرر مكتب المجلس عقد جلسة عامة يوم الجمعة القادم لمساءلة وزيرة شؤون الشباب والرياضة ماجدولين الشارني حول الأزمة في قطاع الرياضة والشباب، بعد تقديم عدد من النواب من مختلف الكتل البرلمانية عريضة مسائلة للوزيرة حول عديد من المسائل من بينها مردود المنتخب الوطني بمونديال روسيا 2018، وهروب عدد من الرياضيين خلال ألعاب البحر الأبيض المتوسط.
تغيير جدول أعمال الجلسة
وافتتح رئيس المجلس محمد الناصر الجلسة العامة من خلال إعلانه عن تغيير جدول الأعمال الذي سيقتصر بعد تأجيل التصويت على إعفاء المنصري، من أجل المصادقة على مشروع قانون المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 21 ديسمبر 2017 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية لتمويل مشروع دعم القدرات التقنية والتكنولوجية الذي تم تأجيل التصويت بخصوصه بعد نهاية النقاش العام نتيجة الخلاف بين المعارضة ووزير الاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري، ودخول رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري على الخط من أجل تأجيل الجلسة العامة متخذا من هذا الخلاف سببا للتأجيل، لكن النصاب حينها لم يكن متوفرا. كما أضاف مكتب المجلس الفصول المعدلة من مشروع قانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة على أنظار الجلسة العامة، بعدما عرف تذبذبا على امتداد السنة البرلمانية بين لجنة التشريع العام والجلسة العامة في أكثر من مناسبة، على أن يتم في ما بعد مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة حقوق الإنسان.
وقبل المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 21 ديسمبر 2017 بين الجمهورية التونسية والبنك الإفريقي للتنمية لتمويل مشروع دعم القدرات التقنية والتكنولوجية، أعاد نواب المعارضة نفس الجدل الحاصل في الجلسة الفارطة. حيث انتقد النائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية وزير التنيمة زياد العذاري داعيا إياه إلى تقديم اعتذار للشعب التونسي بعد تصريحاته حول الاستقلال، داعيا في ذلك النواب الى عدم التصويت على القرض. في حين قالت النائب عن الكتلة الديمقراطية سامية عبو أنه تم التآمر في الجلسة الفارطة، من قبل نائب رئيس مجلس النواب ورئيس كتلة حركة النهضة لعدم التصويت على مشروع قانون المتعلق بالقرض، ليرد عليها رئيس كتلة حركة النهضة نور الدين البحيري بأن تأجيل الجلسة جاء بعد الاتفاق مع رؤساء الكتل البرلمانية.
سقوط مشروع القانون برمته
كما طالب النائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العش الاعتذار من كافة النواب على اجابته حول مشروع القانون في الجلسة الفارطة حين تذمر العذاري من تصريحات النواب والوقت الضائع على المجلس الذي تسبب فيه. رئيس الكتلة الديمقراطية سالم لبيض بدوره انتقد أداء البرلمان خلال المدة الأخيرة محملا رئاسة الجلسة المسؤولية في سوء التسيير. وبعدد تعدد نقاط النظام بين نواب الشعب، قال رئيس المجلس محمد الناصرأن تغيير جدول الأعمال سببه عدم توزيع مكتب المجلس للتقارير الواردة من قبل مجلس الهيئة ورئيسه في موضوع الاعفاء، إضافة إلى عدم تصويت المجلس على بعض المشاريع التي بقيت عالقة ومن بينها مشروع القانون المتعلق بالقرض.
ويبدو أن غياب التوافق بين الكتل البرلمانية الذي تحدثنا عليه في أكثر من مناسبة، والخلافات بين النواب في علاقة بمصير الحكومة، قد ترجم على أرض الواقع بعد عدم حصول مشروع القانون على النصاب، حيث تم التصويت على مشروع القرض بـ 71 نعم، 18 محتفظ، 22 ضد. وبهذا سقط مشروع القانون باعتبار أن القانون يجب أن يحظى بـ 109 صوتا، في حين أن القانون العادي بحاجة إلى 73 صوتا. وسقط مشروع القانون نتيجة عدم تصويت كتلة حركة نداء تونس لفائدة مشروع القانون، على خلفية ما اعتبروه تصريحات الوزير وعدم احترامه للنواب، لكن يبدو أن الأزمة في علاقة بالحكومة وغياب نواب الشعب عن الجلسة، مع العلم أن عدد نواب كتلة حركة النهضة الذي ينتمي إليها العذاري تقدر بـ 68 نائبا. ويعتبر هذا القرض الأول اذي لم يحظ بالنصاب منذ انطلاق المجلس في اعماله، وقدرت قيمة القرض بـ 72.000.000 أورو، من أجل دعم القدرات التقنية والتكنولوجية بالمنظومة التربوية في تونس في إطار السعي إلى تكريس مبادئ الانصاف وتكافؤ الفرص وإرساء مقومات الجودة وكذلك دعم المسالك والشعب من أجل دفع القدرة التشغيلية. كما سيساهم في تطوير أنماط التعليم العالي والتقني والتكنولوجي والفني وتحسين البنية التحتية وتوفير المستلزمات المتعلقة بخدمات الإسناد المدرسي من أجل مقاومة الفشل المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة.
رفع الجلسة العامة إلى اليوم
من جهة أخرى، انطلقت الجلسة العامة في الجزء الثاني من جدول الأعمال من خلال مناقشة الفصول المعدلة من مشروع قانون أساسي يتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة. وخلال النقاش العام تحدث نواب الشعب عن ضرورة ارساء الهيئة مباشرة بعد المصادقة على القانون ثم اصدار الأوامر الترتيبيّة المتعلّقة بها، وذلك من خلال العمل على وضع جميع مقوّمات النجاح للهيئة حتى نضمن نجاعتها. لكن في الأخير تم رفع الجلسة العامة بعد انطلاق النقاش العام بمدة قليلة، على أن تستأنف أشغال صباح اليوم من أجل استكمال بقية النقاط المضمنة في جدول الأعمال.