من ناحية، وعلى سياسة التوافق مع حركة النهضة بالأساس من ناحية أخرى. هذه الأزمة ساهمت في تأجيل النظر في عدد من مشاريع القوانين مما قد يجعل البرلمان عاجزا مستقبلا عن توفير الحزام السياسي لحكومة الشاهد.
لا يخفى عن المتابعين للشأن البرلماني، الازمة الخانقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، في علاقة باجتماعات الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج. فقد باتت الخلافات اليوم تلقي بظلالها على أروقة مجلس نواب الشعب، بعد الصعوبات التي تشهدها الجلسات العامة من أجل تمرير مشاريع القوانين الحكومية، ولعل جلسة أول أمس أكبر دليل على ذلك، فقد كان من المفروض أن تصادق على 4 مشاريع قوانين، إلا أنها اكتفت باثنين فقط، وتأجيل مشروعي اثنين متعلقين بقرضين، على غرار تأجيل مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب في مناسبة سابقة.
البحث عن التوافقات من جديد
هذا وقد اعتبرت كتلة حركة النهضة أن أسباب التأجيل حسب تصريح رئيس كتلتة نور الدين البحيري تعود بالأساس إلى تعالي أصوات نواب المعارضة أي كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية، على ما ذكره وزير التنمية والاستثمار زياد العذاري، في رده على تساؤلات النواب بخصوص مشروعي قانون يتعلقان بقروض موجهة لفائدة المدارس الابتدائية. وفي هذا الإطار، قال النائب عن كتلة حركة النهضة اسامة الصغير أن اليوم لا يمكن التشكيك في وجود نوع من الضبابية في مجلس نواب الشعب، وهو أمر طبيعي نتيجة تغير موازين القوى على مستوى الحكومة وبين الأحزاب. هذا التغيير أثر على مجلس نواب الشعب الذي يمثل مختلف الأطراف، وهو ما اتضخ في الجلسة العامة المنعقدة أول أمس.
وبين الصغير أن ما حصل بين رئيس الحكومة واللجنة المنبثقة عن نداء تونس، يعتبر أمرا ايجايبا ودفع نحو الاستقرار الحكومي، مشيرا إلى أن حركة النهضة تثمن مثل هذه الخطوات من أجل تسريع وتيرة المصادقة على مشاريع القوانين قبل انتهاء المدة النيابية الحالية، والاستعداد الجيد من أجل مناقشة ميزانية سنة 2019، على غرار فك معضلة الهيئات الدستورية مثل المحكمة الدستورية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وطالب الغير بضرورة فتح حوار حقيقي بين مختلف الأطراف الممثلة في البرلمان من أجل إيجاد الحلول اللازمة والنظر في المشاكل العالقة أهمها تنقيح القانون المحدث لهيئة الانتخابات من أجل تفادي المشاكل الحاصلة الآن، وضمان الانتخابات القادمة.
وبالنظر إلى أهمية هذه القوانين من أجل تحسين وضعية المدارس التي تم تأجيلها في الجلسة العامة السابقة، فقد تجندت المعارضة من أجل النيل من الائتلاف الحاكم وانتقاد سياسة التوافق بين الكتلتين الأكثر تمثيلا في البرلمان والممثلة أيضا في الحكومة ونقصد بذلك كتلتي حركتي النهضة ونداء تونس. وفي هذا الإطار، قال النائب عن الكتلة الديمقراطية نعمان العش أن ما يحصل اليوم داخل المجلس هو نتيجة لغياب الارتباط بين الحكومة ومجلس نواب الشعب، حتى أن نواب كتلة حركة النهضة ليس لديهم الثقة في أن يصوت نواب كتلة حركة نداء تونس لفائدة المشاريع الحكومية، الأمر الذي دفع حركة النهضة لتطالب برفع الجلسة العامة حتى لا تخرج حدّة الأزمة إلى الرأي العام.
الأزمة صلب كتلة حركة نداء تونس
وبالتزامن مع هذا الخلاف، فقد صدر بيان عن لجنة تقييم عمل الحكومة، المتكونة من بعض نواب كتلة حركة نداء تونس، أعلن من خلاله وبشكل صريح أن اللجنة ضد المساس برئيس الحكومة يوسف الشاهد. بيان لم تقف تداعياته إلى ذلك الحد، بل سيطرت على أجواء المجلس التي انقسمت إلى قسمين اثنين قسم مع بقاء الحكومة وقسم ثان ضدها. التوافق بين كتلة حركة نداء تونس والبعض من نواب كتلة حركة نداء تونس قد يوفر مع بعض الحلفاء المقربين كالكتلة الوطنية أغلبية نظرية إلا أن نوايا التصويت غير واضحة لدى بقية الكتل مما يصعب المجازفة وتمرير قوانين على الجلسة العامة في ظل غياب حزام سياسي للحكومة وسط البرلمان. وفي هذا الإطار، قالت النائبة عن كتلة حركة نداء تونس فاطمة المسدي أن مشاريع القوانين لا تعاني من صعوبات على مستوى المصادقة، بل تتم مناقشتها صلب اللجان والجلسات العامة، لكن المشكل هو في علاقة بالحكومة وليس في القوانين الصادرة عنها. وأكدت على أن وضع الحكومة وضع سياسي بامتياز، معتبرة أن ضمان الأصوات الكافية من أجل تمرير مشاريع القوانين موجود على أرض الواقع لكن هناك تخوفات من عدم التزام البعض. وأضافت أنه يجب العمل على توفير الارضية السياسية اللازمة والتوافقية مع الحكومة، وذلك من خلال العودة إلى وثيقة قرطاج، موضحة أن أغلب نواب كتلة حركة نداء تونس ضد بقاء الشاهد على رأس هذه الحكومة، بل يطالبون بتغييرها، وهو ما صرح به الحزب في بيان رسمي. لكن في المقابل، يبقى موقف الكتلة مختلفا باعتبار أنه لم يتم اجراء تصويت على هذه المسألة من أجل التعرف على الأغلبية والأقلية.
بالرغم من تواصل أعمال اللجان بصفة طبيعية صلب مجلس نواب الشعب، فمن الواضح أن المشهد البرلماني متذبذب أمام كثرة المشاكل الداخلية صلب كتلة حركة نداء تونس، مقابل بحث كتلة حركة النهضة عن العودة إلى التوافق من جديد، وإلى حين إيجاد حل لمصير حكومة الشاهد، يبقى السؤال المطروح حول مدى التزام مجلس نواب الشعب بالمصادقة على 8 مشاريع قوانين مستعجلة كان قد قدمها الشاهد من بينها قانون مكافحة الارهاب والسجل التجاري والمحكمة الدستورية والميزاينة وغيرها.