التي أحالتها الحكومة على أنظار مجلس نواب الشعب مع طلب استعجال النظر قبل نهاية السنة النيابية الحالية. لجنة الفلاحة انطلقت في مناقشة المشروع من خلال عقد سلسلة من جلسات الاستماع إلى مختلف الأطراف المتداخلة في هذا الموضوع، من أجل تطويره وتفادي النقائص الحاصلة في الصيغة الحالية.
لا يزال مشروع القانون المتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات الذي يحظى باستعجال النظر، محط أنظار لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة التي واصلت على امتداد الأسبوع الحالي عقد سلسلة من جلسات الاستماع قبل الانطلاق في مناقشة فصوله فصلا فصلا. مشروع القانون المذكور يضم 68 فصلا ويهدف إلى تدعيم شفافية المعاملات الاقتصادية والمالية عبر تجميع المعلومات والبيانات والوثائق الخاصة بالأشخاص الطبيعيين والمعنويين والترتيبات القانونية الناشطين في المجال الإقتصادي وبالجمعيات لحفظها ووضعها على ذمة العموم وهياكل الدولة المعنية بتلك المعلومات. هذا وقد استمعت اللجنة إلى كل من رئيس المرصد الدولي للجمعيات والتنمية المستدامة ورئيس الهيئة الوطني لحماية المعطيات الشخصية، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومدير السجل التجاري المركزي.
نحو تطوير مشروع القانون
وأكد ممثلو منظمة الأعراف على أنه لم يتم استشارة المنظمة خلال إعداد مشروع القانون، مما جعله عرضة لعديد النقائص لا سيما في ما يتعلّق بعدم احتوائه لإجراءات تمكّن من التصدي للتجارة الموازية وإدراج الجمعيات ضمن السجل التجاري، وعدم توفّر عقوبات ردعية بالشكل الكافي بالنسبة للناشطين الاقتصاديين الذين يرفضون التسجيل بالسجل التجاري، هذا إضافة إلى ما يمكن أن يسبّبه إحداث مؤسسة جديدة تهتم بالسجل من موارد مالية هامة ووقت ضائع. واعتبروا أن الدور الذي سيوكل إلى مؤسسة جديدة من الممكن أن يضطلع به المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية بالتعاون مع وكالة النهوض بالصناعة، كما يمكن إحداث سجل مستقل خاص بالجمعيات. وأكدوا كذلك على ضرورة إدراج المحاكم ومصالح أخرى على غرار مركز النهوض بالصادرات ووكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية ضمن المؤسسات المعنية بتشبيك قواعد المعطيات والبيانات.
انتقادات بالجملة ولكن...
تدخلات الأطراف التي تم الاستماع إليها صلب أشغال اللجنة انقسمت بين مثمن لأهداف مشروع القانون، وبين ناقد للنقائص والهينات التي يمكن تطويرها خلال مناقشة الفصول. حيث بيّن مدير السجل التجاري المركزي أن المهام الأساسية للسجل التجاري تتلخص في تسجيل المؤسسات والإشهار وحفظ ذاكرة المؤسسة. وجدّد تأكيده على أن المبدأ الأساسي للمشروع يتمثل في شفافية المعاملات الاقتصادية ومقاومة التهرب الضريبي وغسيل الأموال وتحسين مناخ الأعمال. وأضاف أن هذا القانون يمكّن من التقليص في عدد الإجراءات والمدة والحط من كلفة إنشاء المؤسسة. وتطرّق لعدد من الإشكاليات الموجودة في المنظومة الحالية للسجل التجاري والتي جعلته مكبّلا وتتعلق خاصة بصرف الميزانية على السجل المحلي مما جعل ذلك عائقا أمام تطويره والدفع بفكرة إحداث هيكل موحد جديد. وأشار إلى أن عديد التجارب الأجنبية التي تم الاستئناس بها تعتمد على هيكل مستقل بعيد عن المحاكم التي يقتصر دورها على فضّ النزاعات وليس خلق المؤسسات.
من جهة أخرى، تطرّق رئيس المرصد إلى عدم تشريك المجتمع المدني في إعداد المشروع وتجاهل الإطار القانوني الحالي للجمعيات وإقحام الجمعيات مع المؤسسات الاقتصادية إضافة إلى عدم التفريق بين أنواع الجمعيات وتضارب المبادرات التشريعية ذات العلاقة مع ملف الجمعيات. كما تقدم بعدد من الملاحظات التي تهم الإجراءات المتبعة على غرار التنصيص صلب المشروع على إجبارية التسجيل بالسجل التجاري في حين أن بعض القوانين المقارنة تعتبره اختياريا هذا علاوة على أن إلزامية الرجوع إلى نظام التأشيرة وهو ما يتعارض مع نص المرسوم عدد 88 لسنة 2011. كما اعتبر أن العقوبات المنصوص عليها مشددة وستؤدي إلى إنهاء دور الجمعيات وإحجام المواطنين عن تكوين الجمعيات وتعطيل دور الجمعيات الموجودة بحكم تعارضه مع الدستور والاتفاقات الدولية المصادق عليها. وأكّد على أن معظم مكونات المجتمع المدني تعبر عن تمسكها بإخراج الجمعيات من مجال تطبيق هذا القانون.
في علاقة بالمعطيات الشخصية
مشروع القانون يبدو أنه في ترابط مع المعطيات الشخصية، الامر الذي يستوجب ضرورة الاستماع إلى رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية الذي بين أن القانون الأساسي عدد 36 لسنة 2004 المؤرخ في 27 جويلية 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية نصّ في فصله الرابع على أن حماية المعطيات الشخصية لا تنطبق إلا على الشخص الطبيعي وبالتالي تستثنى الذات الطبيعية بما في ذلك الجمعيات من الانتفاع بالحماية، هذا إضافة إلى أن الحماية لا تنطبق كذلك على المعطيات الشخصية للشخص الطبيعي في إطار مباشرته لأنشطته بصفته مسيرا لتلك الذات المعنوية أو بصفته تاجرا أو حرفيا أو مزدي خدمات أو مباشرا لمهنة حرة. ومن هذا المنطلق اقترح حذف النقطة الرابعة من الفصل 10 من مشروع القانون المعروض إضافة إلى إعادة النظر في التعريف الوارد بالفصل الأول والمتعلق بــ«التراتيب القانونية».
توسيع دائرة الاستماعات
وعلى مستوى مواقف أعضاء اللجنة فقد اعتبروا أن الجمعيات باتت فاعلا أساسيا في الدورة الاقتصادية في إطار الاقتصاد الاجتماعي التضامني بما يتوجب توفير كل مقوّمات الشفافية لا سيما في المعاملات المالية ووجوب توفّر كل المعطيات المتعلقة بتركيبتها وأنشطتها. واعتبر أعضاء اللجنة أن الإدارة التونسية قادرة على التطوّر ومواكبة التكنولوجيات الحديثة في مجال الانفتاح والتشبيك والرقمنة دون الحاجة إلى سن نص تشريعي في الغرض. وأكّدوا في نفس الوقت على ضرورة أن يتضمّن المشروع المقترح آليات للضغط على الناشطين الاقتصاديين وإجبارهم على التسجيل. وبيّنوا من جهة أخرى أن إدراج الجمعيات ضمن السجل التجاري أمر جيّد لكن وجب التمييز في التعامل بين جمعيات التنمية التي لها موارد كبرى والجمعيات الخيرية.
لجنة الفلاحة لا تزال بصدد عقد جملة من جلسات الاستماع خلال الفترة القادمة التي قد تشمل كلا من الوزارة المكلفة بالصناعة والوزارة المكلفة بالعلاقات مع المجتمع المدني والإدارة العامة للجمعيات برئاسة الحكومة. كما طلبت اللجنة من الجميع تقديم مقترحات كتابية حول التعديلات التي يمكن إدخالها على مشروع القانون، من أجل دراستها خلال مناقشة الفصول والمصادقة عليها.